يعد مفهوم سيادة الدولة أحد أهم المقومات الأساسية التي تقوم عليها فكرة الدولة الحديثة وهو ما استقر عليه الفكر السياسي والقانوني ولا يعارض ذلك المفهوم إلا الفصيل الذي ينكر فكرة وجود الدولة من أساسها ويعتبرها أكذوبة اخترعها أصحاب رؤوس الأموال للسيطرة على المجتمع , فالأصل أنه لا سيادة بدون دولة ولا دولة من دون سيادة وهذه السيادة هي التي تمكن الدولة من حق إصدار التشريعات والقوانين التي تمكنها من بسط نفوذها على كامل أراضيها.
هذا الحديث عن السيادة ومفهومها ومظاهرها لا ينفصل عما أثاره السيد رئيس الجمهورية في حديثه عن مخالفات وتغول بعض الكبار وأصحاب النفوذ على مساحات شاسعة من بحيرة كينج مريوط بالإسكندرية والتي تبلغ مساحتها نحو 6000 فدان وامتد الزحف العمراني على شواطئ البحيرة في محاولة لتحويلها إلى عدد من الكومباوندات السكنية دون اكتراث لحق الدولة والأجيال القادمة وبعد أن كانت البحيرة واحدة من أهم بحيرات إنتاج الأسماك باتت مهجورة من قبل الصياديين بسبب نفوق الأسماك جراء تلوث البحيرة إما بمياه الصرف أو بسبب الزحف العمراني ولا شك أن مشكلات بحيرة كينج مريوط قديمة وليست وليدة اليوم ولا شك كذلك أن جهود الدولة فشلت على مدار عقود في تصحيح الأوضاع ومما زاد الأمر تعقيدا هو زيادة عدد الفيلات والقصور على شواطئ البحيرة ولا ننكر أن ثمة فساد لبعض الموظفين بالأجهزة التنفيذية ساهموا في تفاقم الوضع كما لا نعفى تراخى وضعف المحافظين السابقين في تنفيذ القانون وبسط هيبة الدولة بإزالة ومنع المباني المخالفة وفى ظني أن مجلس النواب الحالي وما سبقه يتحملا جزء من المسئولية بسبب تصديهم لقرارات رئيس الوزراء وبعض محافظي الإسكندرية عبر تقديم طلبات الإحاطة وإرسال الخطابات لمنع الحكومة وممثليها من تنفيذ القانون , ولم يكلف هؤلاء النواب أنفسهم حتى بتشكيل بعثة تقصى حقائق للاطلاع على حقيقة الوضع على طبيعته
على أية حال المسئولية مشتركة في منع الدولة المصرية من ممارسة سيادتها على كامل أراضيها وبعد حديث الرئيس عن عزمه وتصميمه إصلاح هذا لوضع نتوقع خطوات جادة تساهم في حل تلك المشكلة بما يسمح باستعادة الدولة لهيبتها والإسراع بتحديد حدود البحيرة داخل كل الأحياء المتواجدة بها، والعمل على إزالة كافة الإشغالات والمخالفات حولها بما يعود بالنفع على المواطنين.