طارق السيد متولى يكتب: نعمة الحب والسلام

طارق السيد متولى يكتب: نعمة الحب والسلامطارق السيد متولى يكتب: نعمة الحب والسلام

*سلايد رئيسى29-12-2018 | 13:43

كان يراه وحشا فظيعا‘ أسلوبه الفظ الغليظ وصوته العالى الأجش يُذكره بصوت عتاة المجرمين فى الأفلام التى شاهدها فى مراحل حياته‘ بنية أبناؤه الضخمة والعمال الذين يعملون لديه ، ضاق بهم ذرعا وبتصرفاتهم وتعديهم على الشارع ‘ وبصوت الأغانى الشعبية الصاخبة التى يسمعونها ليل نهار بل حتى ساعات متأخرة من الليل مما يجعل الراحة والهدوء فى الشارع امرا مستحيلا. لا أحد من الجيران يهتم رغم كل هذا الأزعاج. وحده هو الذى كان يشعُر بالضيق والأمتعاض. تمنى أن يموت الرجل وكل عائلته ليستريح منهم. كان كلما مر به أشاح بوحهه فى الإتجاه الأخر حتى لا تقع عينيه فى عينى الأخير. لم يكن يتعامل معه أو يشترى شيئا من عنده. فكر أن يذهب الى قسم الشرطة لتحرير محضر أزعاج له لكنه تراجع فربما يزداد الرجل عداوة وعنداً ولا يأتى بالنتيجة المرجوة.فكر فى الاستعانة ببعض البلطجية الذى يسمع عنهم فى الحى القديم الذى نشأ فيه وشراء طبنجة لمواجهة هذا الرجل ووقفه عند حده‘ لكن كيف وهو الأستاذ الذى يحترمه أهل الحى القديم وكيف يتواصل أو يصل لحد التعامل مع أمثال هؤلاء. كانت الأفكار والوساوس تحاصره ليل نهار كيف يتخلص من هذا الكابوس؟!. ذات يوم كان عائدا من عمله وجد الرجل فجاة أمامه وجه لوجه‘ فأذا بالرجل يبدؤه بالسلام ‘رد عليه السلام بصوت مرتبك وابتسامة مصطنعة‘ لكنه وجد الرجل ترتسم على وجهه ابتسامة صافية وهو يرحب به بحفاوة بالغة حتى أنه أصر ان يدعوه لتناول فنجان من القهوة داخل المحل‘ وعندما دخلا إلى المحل أصر أن يجلسه على مكتبه وجلس هو على أحد الكراسى أمام المكتب. بدأ الرجل يحدثه ويعبر عن سعادته بلقائه والحديث معه قائلا : أنت نورت المحل كله يا دكتور‘ قال فى نفسه ربما يظن أننى دكتور بسبب النظارة الطبية التى أرتديها ولم يعلق عليه‘ لكن بدأ يشعر بالارتياح تجاهه ويتبادل أطراف الحديث معه ويتعارفا حتى وجد الفرصة سانحة ليعبر له عن ضيقه من تعديات المحل على الشارع، وصوت السماعات وما تصدره من صوت عالى ومزعج. وجد الرجل يعتذر ببساطة ‘ ويطلب منه أن يسامحه ثم يطالب العمال بخفض صوت السماعات وأزالة كل البضاعة من على رصيف الشارع‘ بل ويِعدهُ بعدم تكرارذلك. بعدما انتهى من تناول القهوة أستأذن منه وصعد إلى شقته‘ جلس على أريكته المفضلة فى حجرة المعيشة يفكر كيف كان مخطئا فى تفكيره وشعوره تجاه هذا الرجل وكراهيته له بينما لم يكن عليه إلا أن يذهب إليه ويتواصل معه بحب وسلام.

    أضف تعليق

    تسوق مع جوميا

    الاكثر قراءة

    إعلان آراك 2