[caption id="attachment_22155" align="aligncenter" width="212"]
د.أيمن الغندور[/caption]
كانت قريتنا آمنة مطمئنة يأتيها رزقها من عند الله كباقى القرى المجاورة، إلى أن هبط عليها شخص سحر أعين أهل القرية بكلامه، فأخذ أهل القرية يسردون القصص والأحاجى عن قدرات هذا الرجل وكأن بيده خاتم سليمان.
ونستطيع أن نقول إن قلة حيلتهم وحاجتهم للعمل جعلت منهم فريسة سهلة له ، حين أخبرهم بقدرته من خلال نفوذ مزعوم يدعيه ببعض المسئولين فى الدولة على تعيين شباب القرية فى وظائف بالمحاكم، والشهر العقارى، و شركات البترول، أو الكهرباء و البنوك.
وما على الشاب إلا أن يختار الوظيفة التى يرغب التعيين فيها مقابل مبلغ مالى يدفعه للساحر، و يختلف الثمن بالطبع من وظيفة لأخرى.
ومن الداخل للخارج زين لهم أيضاً الساحر قدرته على توفير فرص عمل لابنائهم بالدراهم والريالات، فى الإمارات وكذلك فى السعودية للعمل فى خدمة الحجاج ، مقابل دفعهم مبلغاً زهيداً قرابة ثلاثة ألاف جنيه منها تذكرة الطيران ويحصل العامل منهم على أربعة ألاف ريال راتبا شهريا لمدة أربعة أشهر.
ولم يقف الأمر عند قريتنا فقط بل إمتد إلى القرى المجاورة ؛ نتيجة لتبشير بعض المنتفعين من أهل القرية بقدومه فذاع صيته واستطاع النصب على أكثر من 90 شخصا من قرى مركزى "البدارى والساحل"، واستمر فى حيله للنصب على الناس لمدة خمسة أشهر كاملة يعدهم، وما يعدهم الشيطان إلا غرورا ، وسألت أهل القرية أليس فيكم رجل رشيد يفطن الأمور ولا تنطلى عليه حيل هذا النصاب؟! ، لقد استطاع خلال خمسة أشهر أن يجمع من الناس ما يزيد عن أربعمائة ألف جنيه (!!)
وكلما سألوه عن موعد السفر أتى لهم بقصة مختلقة من وحى خياله يصبرهم بها إلى أن جاء يوم حصحص فيه الحق فلم يعد للسفر لخدمة الحجاج مجال ؛ لأن الحجاج وقفوا بعرفة فهل يعقل أن يسافر الناس لخدمة الحجاج بعد انتهاء الحج ؟!.
وهنا فقط تأكد المضحوك عليهم أنهم وقعوا فى شرك نصبه لهم هذا النصاب فلعب بعقولهم واستغل حاجتهم للعمل ، وكذلك بدأ من دفع أموالاً للتعيين فى وظيفة يسأل عن مصير الوظيفة التى تقدم إليها بأوراقه ، فلم يجدوا جوابا شافيا إلا كلاما مرسلا لا يتفق مع العقل والمنطق.
لقد علموا أخيرا ومتأخرا أنهم وقعوا ضحية النصب فتقدم مجموعة من المجنى عليهم بشكوى إلى مباحث الأموال العامة التى فتحت لهم محضرا واستمعت إلى أقوالهم، وهم فى انتظار ما تسفر عنه التحقيقات فى هذه القضية حتى يحصلوا على أموالهم التى سلبها النصاب.
وهنا أقول لمن يهمه الأمر: نظراً لانتشار هذه الجرائم فى القرى فى الآونة الأخيرة على نطاق واسع فى محافظات الجمهورية كافة، وعدم كفاية العقوبة التى رصدها المشرع لجريمة النصب لردع المجرمين؛ أطالب المشرع بتعديل المادة 336 من قانون العقوبات الخاصة بجريمة النصب وتشديد العقوبة فى حالة تعدد الجرائم لتكون جناية بدلاً من جنحة؛ لتحقيق الردع الخاص للمجرم والعام لمن يريد أن يحذو حذوه.