سعيد عبد الحافظ يكتب: المصارع ترامب وانسحابات فنية غير مدروسة

سعيد عبد الحافظ يكتب: المصارع ترامب وانسحابات فنية غير مدروسةسعيد عبد الحافظ يكتب: المصارع ترامب وانسحابات فنية غير مدروسة

* عاجل1-1-2019 | 19:40

اعتاد الرئيس الأمريكي ترامب على تكتيكاته الخاصة للفوز أثناء ممارسته للعبة المصارعة الحرة وقد كان استعراض قوته وعنفه واستهانته بالآخرين احد أهم التكتيكات التي اعتمد عليها ترامب، والمهم هو الفوز. وفى اعتقادي أن ترامب لم يتخلص بعد من هذه السمات اللصيقة بشخصيته حتى بعد أن أصبح رئيسا للولايات المتحدة فالرجل أظهر وبكل وضوح استهانته بالاتفاقيات الدولية التي وقعتها بلاده وأبدى كذلك عدم احترامه لأهم المؤسسات الدولية بإعلانه الانسحاب منها دون اكتراث لما يسببه ذلك من استفزاز لمشاعر الآخرين – كعادته دائما - فقبل عامين أعلن ترامب انسحاب بلاده من "الميثاق العالمي للهجرة"، والذي أقرته الأمم المتحدة بالإجماع تحت اسم "إعلان نيويورك" وهو الميثاق الذي وافقت عليه 193 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2016 بالإجماع وهو إعلان يتعهد بالحفاظ على حقوق اللاجئين ومساعدتهم على إعادة التوطين وضمان حصولهم على التعليم والوظائف بهدف تحسين ظروف اللاجئين والمهاجرين , وزعم ترامب وقتها بأن هذا الانسحاب بسبب ما تضمنه الإعلان من أحكام عديدة تتناقض مع قوانين الهجرة واللجوء الأميركية كما زعم أن إعلان الهجرة لا يتوافق مع السيادة الأميركية , وهى في نظري مزاعم لا تتفق وتاريخ ومبادئ الولايات المتحدة التي اعتمدت طوال تاريخها على اللاجئين في تنمية وتحديث الولايات المتحدة على أية حال كان الانسحاب التكتيكي الثاني غير المدروس هو ما أعلنته إدارة ترامب في العام الماضي على لسان مندوبتها في الأمم المتحدة انسحابها من المجلس الدولي لحقوق الإنسان اعتراضا على مناقشة الدول الأعضاء للانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني . وقد أساء أيضا هذا الانسحاب كثيرا لصورة الولايات المتحدة وصدمة لشعوب العالم التي كانت ترى في المجلس الدولي التابع للأمم المتحدة أحد أهم نوافذ حماية وضمان حقوق الإنسان في كل بلدان العالم وكان هذا الانسحاب بمثابة التقليل من دور الأمم المتحدة التي تأسست في أعقاب الحرب العالمية الثانية، لتقوم في المقام الأول بدورها كحارس للسلم والأمن فى العالم. وكان القرار الثالث بالانسحاب الذي مارسه ترامب ويؤكد به على وجود خلل واضح في علاقة ترامب بالهيئات الدولية، هو قرار انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) اعتبارا من 31ديسمبر 2018بزعم معاداة اليونسكو لإسرائيل !! وعلى خلفية قبول "اليونسكو" اعتبار مدينة الخليل بالضفة المحتلة تراثا عالميا، ما يمنع الاحتلال من تنفيذ سياسته الهادفة لتغيير معالم المدن الفلسطينية. وكأن الولايات المتحدة تريد لليونسكو وشعوب العالم أن تقدم شيكا على بياض لمساعدة دولة الاحتلال في طمس معالم التراث والهوية الفلسطينية بمختلف مكوناتها. مجمل القول لقد وضع ترامب تاريخ وتراث الولايات المتحدة الليبرالي في مأزق كبير بسبب قرارات انسحاباته التكتيكية غير المدروسة وسيعرضها لموجه غضب كبيرة اخشي أن تعجز الإدارة الأمريكية عن مواجهته.
أضف تعليق

تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2