وكالات
يوافق اليوم عيد ميلاد السد العالى الـ48، ففى مثل هذا اليوم من عام 1971، افتتح الزعيم الراحل جمال عبد الناصر والرئيس الروسى نيكاتا خروشوف السد العالى، بهدف إنتاج الكهرباء، وتنظيم الرى، وتخزين المياه، ومنع فيضان النيل.
ووقتها اختارته الهيئة الدولية للسدود والشركات الكبرى كأعظم مشروع هندسى شيد فى القرن العشرين، عابرًا 122 من المشروعات العملاقة فى العالم تم تنفيذها فى هذا التوقيت، مثل مطار "شك لاب كوك" فى هونج كونج، و"نفق المانش" الذى يربط بين بريطانيا وفرنسا.
وجاء فى حيثيات الاختيار أن مشروع السد العالى تجاوز ما عداه فى المشروعات الهندسية المعمارية العملاقة، لما حققه من فوائد عادت على الجنس البشرى، مشيرًا إلى أنه وفر لمصر رصيدها الاستراتيجى فى المياه بعد أن كانت مياه النيل من أشهر الفيضانات تذهب سدى فى البحر.
ويُعد السد العالى من أهم المشروعات الهندسية التى نفذتها ثورة 23 يوليو، كما إنه من أبرز المزارات السياحية بمحافظة أسوان، ويبلغ طول السد 3600 متر، وعرض القاعدة 980 مترًا، فيما يصل عرض القمة 40 مترًا، وارتفاعه 111 مترًا، ويتكون من 3 أجزاء هى جسم السد وبحيرة التخزين ومحطة الكهرباء، وقد تم تصميم الجسم بعد دراسات وأبحاث عالمية عديدة بحيث يكون من النوع الركامى المزود بنواة صماء من الطفلة وستارة رأسية قاطعة للمياه، فيما تكون المياه المحجوزة أمام السد العالى بحيرة صناعية كبيرة، بحيرة التخزين، طولها 500 كيلومتر، ومتوسط عرضها 10 كيلومترات، وسعة تخزينها الكلية تصل إلى 162 مليار متر مكعب.
وتوجد محطة الكهرباء عند مخارج الأنفاق حيث يتفرع كل نفق إلى فرعين مركب على كل منهما توربينة لتوليد الكهرباء، بعدد 12 توربينة قدرة كل منها 175 ميجاوات وبطاقة إجمالية للمحطة قدرها 2100 ميجاوات، فيما تبلغ الطاقة الكهربية المنتجة 10 مليارات كيلووات /ساعة سنويًا.
وبدأ بناء السد فى عام 1960 وقد قدرت التكلفة الإجمالية بمليار دولار شطب ثلثها من قبل الاتحاد السوفييتى حيث عمل فى بناء السد 400 خبير سوفييتى، وانتهى العمل فى بنائه عام 1968، وثبت آخر 12 مولدًا كهربائيًا فى عام 1970، وتم افتتاحه رسميًا فى عام 1971.
وترجع فكرة مشروع "بناء سد ضخم عند أسوان لحجز فيضان النيل وتخزين مياهه وتوليد طاقة كهربائية منه"، للمهندس اليونانى "أدريان دانينيوس"، الذى تقدم بمشروعه عدة مرات لحكومات ما قبل ثورة يوليو، غير أنه لم يلق أى استجابة، وفى عام 1953، قرر عرض مشروعه مرة أخيرة على النظام الجديد، فحظى باهتمام كبير من قبل القيادة، وكلف قائد الجناح جمال سالم عضو مجلس قيادة الثورة، بتولى مسؤولية هذا المشروع إلى جانب الفنيين فى المجالس والهيئات المتخصصة الذين سيتولون البحث والدراسة، وفى عام 1954 تقدمت شركتان هندسيتان من ألمانيا بتصميم للمشروع، وقامت لجنة دولية بمراجعة هذا التصميم، وأقرته فى نفس العام، وتم وضع مواصفات وشروط التنفيذ، وطلبت مصر من البنك الدولى تمويل المشروع، وبعد دراسات مستفيضة للمشروع أقر البنك الدولى جدوى المشروع فنيًا واقتصاديًا وعرض تقديم معونة بما يساوى ربع تكاليف إنشاء السد المقدرة مبدئيًا بأكثر من 400 مليون جنيه.
سحب البنك عرضه بعد ضغوط من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما دفع الرئيس جمال عبدالناصر لتأميم قناة السويس فى عام 1956، للاستفادة من إيراداتها فى تمويل المشروع، وشنت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل عدوانًا ثلاثيًا على مصر بهدف إخضاعها لإرادتهم.
بانتصار مصر، اتجهت شرقًا نحو القطب الثانى فى العالم وقتها "الاتحاد السوفيتى"، ووقعت معه اتفاقية فى عام 1958، لإقراض مصر 400 مليون روبل لتنفيذ المرحلة الأولى من السد، بدأ العمل فى تنفيذ المرحلة الأولى من السد فى 9 يناير 1960 بإرساء حجر أساس بناء السد، وتوالت مراحل المشروع حتى انطلقت فى عام 1967، الشرارة الأولى من محطة كهرباء السد العالى، وفى عام 1968، بدأ تخزين المياه بالكامل أمام السد العالى، اكتمل هذا الصرح العملاق منتصف عام 1970، وأقيمت احتفالية كبيرة بمناسبة ميلاد السد العالى.