شهدت فترة الثمانينات سفر كثير من الشباب إلى دول الخليج بحثا عن عمل يستطيع الرجل من خلاله تكوين نفسه وشراء شقة وانتشرت فكرة شراء الشقق التمليك التى كانت أهم نقطة يتبعها فكرة الارتباط والزواج.
وتبدأ رحلة الرجل فى البحث عن عروس مناسبة خلال فترة إجازته الصيفية وقبل وصوله تكون أمه وأخواته قد قمن بتجهيز عدد من المرشحات للفوز بالعريس الجاهز الذى يمتلك شقة وأجهزة كهربائية وهكذا تمت عدد كبير من الزيجات، يسافر الزوج وتلحق به زوجته أو يسافر ويعود فى الأجازات ويبدأن معا فكرة بناء المستقبل المادى وشراء قطعة أرض أو بناء بيت أو شراء شقة تكون ضمانا للأيام القادمة كل الأحلام مؤجلة حتى يتم العودة بصورة نهائية إلى مصر أو يلتئم شمل الأسرة، أولاد وبنات هذه الشريحة من المجتمع يشكلون نسبة كبيرة من الأسر الشابة الحالية والذين يعانى أغلبهم من تهدم البيت ونسب الطلاق العالية التى نشهدها ويعيشون حياة استهلاكية من الطراز الأول، كان الأب والأم كل ما يهمهم شراء شقة الابن وجهاز محترم للبنت والتعليم في الجامعات الخاصة للحصول على شهادة فى مجتمع يطلقون عليه بلد الشهادات لما لها من أهمية فى تكوين شكل اجتماعى مرغوب بشدة ولأن الانفصال أو الطلاق أو الخلع أو حتى جدار الصمت الذى يضرب عدد كبير من البيوت المصرية ولا يقع ضرره فقط على الزوجين بل يمتد إلى باقى أفراد الأسرة وخاصة الأطفال لذا أصبح من المهم والضرورى ان نلقى الضوء على تلك الحالة التى أصبحت أقرب لللظاهرة الأجتماعية وتقوض بنيان العديد من البيوت.
وقد ينزعج البعض عندما يقرأ عن نسب الطلاق فى مصر أو عندما يعرف أن من بين التقارير ما يقول أن مصر الأولى عالميا فى أعلى نسبة طلاق والأمر هنا يشبه ما يقوم به بعض الأزواج الذين تتسم علاقاتهم بالنفور ولكنهم يظهرون أمام الضيوف بمظهر المحبين الذين تسود علاقاتهم الود والتفاهم حرصا على المظهر الإجتماعى، والحقيقة الواضحة والصادمة، أنه ربما لا تكون مصر بالفعل هى المركز الأول أو الثانى ولكن هذا لا ينفى أن الطلاق إحدى ظواهر المجتمع التى تفتك بالأسر المصرية بشكل واضح، ومن خلال التقارير التى يصدرها المركز القومى للتعبئة والأحصاء أن نسبة 40% من حالات الطلاق تقع في سنوات الزواج الخمس الأولى فى عام 2016 ووفق إحصائيات المركز القومى للتعبئة والإحصاء تم حصر حالة طلاق تقع كل 4 دقائق وأن مجمل حالات الطلاق على مستوى اليوم الواحد تتجاوز250 حالة لا تتجاوز فيها بعض حالات الزواج أكثر من عدة ساعات بعد عقد القرآن وتستمر أخرى إلى نحو ثلاث سنوات على الأكثر فيما وصلت حالات الخلع خلال عام 2015الى أكثر من ربع مليون حالة بزيادة قدرها 89 ألف حالة عن العام الذى يسبقه 2014 .
كما تشير الإحصائيات أيضا أن أبغض الحلال قد يأتى متأخرا بعد أن ينهى الأولاد تعليمهم ونتزوج البنات كأنهم فى حالة انتظار وصبر أن يخلو العش حتى يسهل هدمه وبعيدا عن قصص الزواج الأنفصال هناك حالة من الترصد مشوبة بروح عدوانية بين الرجل والمرأة وكانهما خصمان فى معركة.
لا أحد يرغب فى مناقشة أى خلافات بين الطرفين بصورة موضوعية والاتهامات بينهما سهام مسمومة والرجل يقول إن المرأة غالبا سبب الطلاق والنكد والمرأة لديها الكثير مما تحمله فى جعبتها ضد الرجل الذى دمر حياتها وربما تسبب فى عقدة تتمثل فى كراهية شديدة لكل الرجال، أن الحرب الدائرة بين الطرفين لا تهدأ حتى بعد الطلاق ،،رغم أنه من المفترض أن يكون نهاية المشاكل وفى الغرب يطلقون عليه تسوية الطلاق والتفاهم حول النواحي المادية ورؤية الأطفال،أما عندنا فنادرا ما نرى نماذج على قدر من الرقى والتفاهم يعرفان جيدا أنهما مرا بتجربة زواج لم تنجح ولكن يمكن أن تتحول إلى علاقة صداقة أو أى نوع من التواصل الأنسانى خاصة فى حال وجود أطفال الذين نعرف جيدا أنهم الطرف الخاسر والذى يدفع الثمن الافدح بعد الطلاق .
أن الشرخ الذى يحدث بين زوجين فى مجتمعنا يأخذ أشكالا مختلفة منها الطلاق الرسمى والخلع و الأنفصال وجدران الصمت داخل نفس البيت وتعنى أن يتقاسم شخصان البيت وهما غريبان ولا يحدث بينهما أى شكل من اشكال الأتصال بعد فترة من الزواج وهناك قصة الزوج الهارب والمرأة المعيلة...لذا بعيدا عن الإحصاءات الرسمية تبدو أوضاع الأسرة المصرية على شفا الانهيار ولكل طرفان انتهت علاقة الزواج بينهما تجربتهما الخاصة بكل ما فيها من تفاصيل ربما تتشابه مع حالة أخرى او تشترك فى نفس الأسباب أو بعضها وربما تختلف كلية، لذا تبدو أسباب الطلاق معقدة وكثيرة ولكن تبقى الخطوط العريضة هى الأهم وهى فقدان التناغم والحب والبخل فى منح مشاعر التقدير من الطرفين .