كتب: إبراهيم شرع الله
انتشرت في السنوات الأخيرة ألعاب الفيديو بين الأطفال، وتنوعت مواضيعها، وارتفع استهلاكهم وإدمانهم لهذه الألعاب التى يقضون معها-الآن - معظم أوقاتهم، سواء أمام شاشة " الموبايل، أو الكمبيوتر".
وألعاب الفيديو من أكثر الألعاب المفضلة لدى الأطفال، وفى تطور مستمر حديثًا لهذه الألعاب، حيث إنك تستطيع ممارسة نفس اللعبة فى وقت واحد بالمشاركة مع الأصدقاء عن طريق الإنترنت في أماكن مختلفة بكل بقاع الأرض.
ومن خطورة الإدمان إلى ما هو أقوى خطر، إزهاق الروح بسبب لعبة تدعو للعنف، كما عرفنا من خلال لعبة الحوت الأزرق وغيرها.
ترصد «دار المعارف» من خلال الخبراء والمتخصصين، الحديث لهذه الألعاب، وتزايد المشاكل النفسية والجسدية على مستخدميها، و تأثيرها على سلامة أفراد المجتمع وعلاقة بعضهم البعض.
نماذج
فى البداية تقول الدكتورة إيمان عبدالله أستاذ علم النفس واستشارى العلاقات الأسرية والزوجية، إن ألعاب الفيديو لها سلبيات وإيجابيات على من يستخدمها فهى تشغل جزءًا من أوقاته وتعتبر فى هذه الحالة إيجابية للمستخدم، وفى المقابل إذا أخذت اللعبة وقت أكبر أصبحت من ضمن السلبيات، مضيفة أن الطفل كائن متحرك ويجب أن يتحرك أكثر من الجلوس أمام الألعاب.
وأضافت عبدالله فى تصريحات خاصة لـ « دار المعارف» أن هذه الألعاب تُدخل الطفل فى الخيال على حسب نوع لعبة الفيديو سواء ألعاب خطرة تمثل العنف باستخدام الأسلحة وقد تزيد من عدوانيته، فظل يواظب على الجلوس أمامها من 5 إلى 6 ساعات يوميًا فتضيع وقته وخصوصًا الألعاب التى انتشرت الفترة الأخيرة وبذلك تصبح جزءًا من شخصيته لأنه بعد مرور 21 يومًا من استخدام هذه الألعاب يصبح عقله مبرمجًا على ذلك وتستمر عادة عنده.
وأوضحت استشارى علم النفس أن الألعاب تجبر الطفل على تنفيذ بعد الأوامر، سواء كانت سلبية تضر به وبغيره أو إيجابية بقصد وهمه بالفوز والحصول على الجائزة، لأن المشاهدة والانفعال أثناء اللعبة يؤثر تأثيرًا كبيرًا جدًا على الحالة النفسية للطفل وتجعله خاضعًا لأى أوامر وخصوصًا بعد تعوده عليها، فتصبح الملاذ أو المتعة الوحيدة لهذا الشخص.
وأكدت عبدالله أنه عندما لا يسطيع الطفل الاستغناء عن هذه الألعاب غير المفيدة له فتُأثرعليه صحيًا وجسديًا.
وأشارت أستاذ علم النفس إلى أن ما نراه الآن نجد قصر في الأطوال لدى الأطفال وضعف في الجسد بسبب الجلوس لفترة طويلة أمام هذه الألعاب وتفكيره فى كيفية استخدام اللعبة والذى يصبح منحصرًا فى العنف والعدوان بمنافسة غير شريفة، بدلًا من أن يستخدم مهارته فى التفكير والإبداع.
وطالبت عبدالله من الأسرة أن تركز جيدًا على تقسيم وقت الطفل، ما بين ترفيهى، ورياضي، وبين تنمية العقل بألعاب الذكاء كألعاب المهارات الحركية وغيرها.
وأكدت عبدالله عندما يكون الطفل حركاته قوية يتدفق الدم أكثر ويكون لديه نشاط ويصبح المخ به نوع من الانتباه والتزكير واستقبال المعلومات، موضحة أن ألعاب الفيديو تقلل من ذلك لأن الطفل جالس ويركز فى شىء واحد وتأخذ اللعبة حيزًا من تفكيره وتجعله أكثر حدية وتجعله منعزلًا عن المجتمع، وبالتالى تقلصت المهام الأخرى لديه، ويجب أيضًا على الأسرة أن تراعى الجوانب النفسية والاجتماعية والبيولوجية لدى الطفل لأنه كائن حركى وامتناعه من هذه الألعاب الضارة ومراجعة الأطفال على ما يلعبونه، مضيفة أنه يوجد أسر لا تعلم ما يفعله أولادهم.
تثير المخاوف
بينما ترى الدكتورة هدى زكريا أستاذ علم الاجتماع أن هذه الألعاب بدأت تثير مخاوف أولياء الأمور بشأن تأثيرها على حياة أطفالهم، موضحة أن كل الأطفال يسخدمون الآن جهاز التابلت وغيره من الأجهزة، مضيفة أن هذه المسألة جزء من التطور التكنولوجي وأن الوسيلة ليست هى السبب ولكن ما تنقله الوسيلة.
وأضافت أستاذ علم الاجتماع فى تصريحات خاصة لـ «دار المعارف» أنه إذا نجحنا لتحويل الوسيلة التى يسخدمها الأطفال إلى وسيلة تعليمية نجد الأطفال فى أحسن حالة من الفكر والإبداع، موضحة أن المشكلة أصبحت فى الكيفية التى يتم بها استخدام هذه الوسيلة لأنها أصبحت مجالًا مفتوحًا لكل من يريد التخريب لعقول الأطفال أو من يريد التربية السليمة لعقولهم.
وأوضحت زكريا أن الأسرة ليس هى الجهة المؤثرة ويجب أن يكون هناك أصول للتربية والنشأة فالتربية ليست مسألة فطرية ولكن لا بد من التدريب عليها وقراءة الكتب التى تقول للأباء والأمهات كيف تربى طفلك؟ .
وأكدت زكريا أنها عندما كانت أستاذ زائر فى أمريكا وجدت هناك كتبًا كثيرة تعلم كيفية تربية الأطفال سواء أثناء اللعب أو البكاء أو غيرها وتعلم الأسرة دورها نحو تربية الطفل ".
وأشارت زكريا أن الفترة الراهنة يوجد درجة من الارتباك والفوضى، مضيفة أنه على من يرغب فى الزواج أن يقرأ ويتابع برامج تربية الأطفال وضربت مثلًا قائلة: " عندما كانت فى أمريكا وجدت من يقبل على الزواج يأخذ فترة لمدة أسبوعين قبل الزواج لتتدريب على تربية الأطفال وكيفية التعامل معهم ويتم إعطاؤهم شهادة بذلك وإذا المقبل على الزواج رفض ذلك فأصبح لا يصلح للزواج".
وفى هذا السياق قال الممثّل الأمريكي "شون بن" فى تصريحات صحفية: " الحرب هي صغار يموتون وشيوخ يتكلّمون"، وربّما لم يكن يعلم أنّ حكمته ربما تنطبق بعد تعديلها تعديلاً بسيطًا على ألعاب الحروب الافتراضيّة مثل ألعاب الفيديو.
ومن جانبه تزعّم أحمد بدوي رئيس لجنة الاتّصالات وتكنولوجيا المعلومات بالبرلمان عددًا من النوّاب للمطالبة بحجب هذه الألعاب في مصر، وفي يوم 28 نوفمبر الماضى، تقدّم النائب بطلب إلى رئيس مجلس النوّاب لمناشدة الجهاز القوميّ للاتّصالات بحجبها في مصر لما تقوم به من تشجيع على ممارسة العنف، واعتبر أنّها تندرج تحت مسمّى " حروب الجيل الرابع على المنطقة العربيّة".