بين الجد والهزار.. حملات إلكترونية « خليها: تعنس.. تعفن.. تصدى..» لمحاربة الجشع والاستغلال

كتبت: إيمان هاشم

في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي نعيشها، وأبرز مظاهرها ارتفاع أسعار السلع والخدمات والمنتجات، هذه الزيادة التى لا يمكن أن نبرأ منها التجار والمحتكرين، وألاعيبهم نتيجة تزايد جشعهم، وتكالبهم على الربح المبالغ فيه، بنسب غير مقبولة ولا مبررة.

وفى رد فعل منطقى وعقلانى للأسباب السابقة، أطلق رواد وناشطو  وسائل التواصل الاجتماعي حملات للمقاطعة، كانت الكلمة الدلالية والمعبرة فيها والتى تعنى الاستغناء : "خليها" وهى دعوة للمستهلك أن يترك السلعة لدى التاجر الذى يبالغ فى السعر لكى تفسد عنده بمرور الوقت.

وانتشرت وذاعت حملات مقاطعة السيارات تحت عنوان " خليها تصدي"، ومن قبلها كانت حملة "خليها تعفن" للفواكه عندما ارتفعت فجأة أسعارها بجنون قبل عدة أشهر، والطريف أن الحملة أمتدت أيضا للمبالغة فى تكاليف الزواج التى يشترطها أهل العروس فتعجز العريس على تلبيتها، لذلك كانت حملة "خليها تعنس" .. ما دلالة هذه الحملات وهل أتت بنتيجة على أرض الواقع؟! الإجابة فى السطور التالية

 خليها تصدي

قام مجموعة من الشباب على شبكة التواصل الاجتماعي حملة أطلقوا عليها " خليها تصدي" لمقاطعة السيارات.

و تقوم حملة " خليها تصدى"، على عدة مطالب رئيسية نشرها الجروب،  متمثلة فى ضرورة إصدار شعبة السيارات ومثيلاتها، بيان اعتذار رسمى عن كل المخالفات اللا مهنية واللا أخلاقية  في الفترة الماضية، أما المطلب الثانى فهو" الاتفاق على مجموعة ضوابط تحفظ حق المستهلك والبائع على حد سواء، ومنها على سبيل المثال، التوصل إلى متوسطات محددة مقبولة لهامش ربح الوكلاء والموزعين والتجار بهدف ضبط تلك الصناعة والنشاط التجارى الملحق بها، إضافة إلى توقف أعضاء أو من يمثلون الشركات أو الوكلاء والتجار عن التصريحات المضللة التى تنتشر عبر وسائل الإعلام، وأن تكون هناك جزاءات للمخالفين يتم نشرها والإعلان عنها وتصحيح المعلومات المضللة.

وأظهرت الحملة نتائجها الإيجابية في ركود سوق السيارات وتراكمها في الموانئ، وقد قام بعض الشباب بإطلاق أغنية للمقاطعة ؛ لتكون أثر انتشارًا وهي " مش هنحلها ودي .. خليها تصدي"

" خليها في المصنع"

من الحملات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي " خليها في المصنع" قاصدين فيها مقاطعة السجائر وحددوا فترة المقاطعة من أول فبراير ولمدة 7 أيام ، ويعود الفضل لما حققته حملة خليها تصدي من ترجعًا ملحوظًا في سوق اليسارات.

وعلى غرارها قرروا المقاطعة للسجائر لكي تتراجع ،وهذا بعد ارتفاعها الملحوظ بسبب جشع التجار، الذي سبب في هدم كثير من البيوت وارتفاع نسب الطلاق.

" خليها تعفن"

وقد صدر من فترة ليست بالبعيد حملة " خليها تعفن" أطلقها رواد التواصل الاجتماعي على الفاكهة، وعلى الاحتكار الذي يستخدمه بعد التجار، الذين مات عندهم الضمير، وعلى غرار تلك الحملة تم خفض أسعار الفاكهة مما جعل للحملات صدد. وعليها أطلقت الحلات السالف ذكرها. وعلى سبيل الهزار حملات للسخرية وكثرة المقاطعات، منها " خليه يرتب"و " خيها في مكانها" للعقارات، " خليك في حضن أمك".

" خليها تعنس"

وفى الجانب الاجتماعى أطلق بعض شباب التواصل حملة باسم " خليها تعنس"، قاصدين فيها فتيات مصر ولفت النظر لتزايد العنوسة.

ويرجع السبب إلى ارتفاع تكاليف الزواج والمهور والطلبات اللازمة للزواج من مصرف وشبة وغيرها، مما عزم الشباب على إطلاق الحملة التي جاءت على عكس المتوقع.

كشفت الحملة القناع عن نسبة العنوسة للشباب، ما حقيقة " العنوسة" فى مصر؟، ومن الذي يستحوذ على العدد الأكبر منها الرجال أم النساء؟. والذي أت الرد من بعض الفتيات بإطلاق حملة " ربنا نجدها نوسة".

وأضحت بعض الإحصائات بنسبة العنوسة في مصر ومن الحاصلين على النسبة الأعلى..429.9 ألف ذكر من عمر 40 عاما لم يتزوجوا مقابل 330.9 .

وفى تعليق من إحدى شركات السيارات على حملة "خليها تصدى" قالت إن الحملة لعبت على أحلام الناس فى انخفاض سعر السيارات بطريقة المقاطعة، وهذا غير صحيح، موضحة أن أقل شعبة قامت بزيادة فى أسعار منتجاتها، ضربت مثلًا "علبة اللبن كانت بـ 4 جنيهات فأصبحت الآن بـ 18 جنيها وبذلك تكون زادت بنسبة 600 % أما سوق السيارات زاد بنسبة 300 % فقط فنحن أقل.

وأوضحت الشركة أن شعبة السيارات عقدت اجتماعًا منذ 3 أيام لتخرج بتصريح وبيان صحفى فيما يخص المقاطعة والرد على أسئلة الناس ويعرفون الحقيقة، مؤكدة أن الحملة أثرت بالفعل على سوق السيارات بشكل نسبى.

بينما ترى الدكتورة إيمان عبدالله استشارى علم النفس: أن حملة " خليها تعنس" غير لائقة وأساليبها غير راقية، مضيفة أن مثل هذه الحملات لا تمس مجتمعنا بأى أضرار لأن مجتمعنا له عادات وتقاليد بُنى عليها.

وأوضحت عبدالله فى تصريحات خاصة لـ «دار المعارف» أن من أطلقوا هذه الحملة ومنفذوها يهدفون إلى مقاطعة الزواج بأن يخضع الآخرون بما يُطلب منهم، موضحة أنه يجب إقناع الناس بأساليب صحيحة، مثل حملة بلاها شبكة، ونيش؛ وغيرها، لأن البنت تريد إنسان يعرف معنى الزواج وليس شخص يمتلك ثروات.

 وأضافت استشارى علم النفس أن شن حملات ضد الزواج تضر ولا تصلح، مؤكدة أن مثل هذه الحملات تمثل خطورة على المجتمع.

وأكدت عبدالله أن إذا استمرت هذه الحملات تحدث خلل فى تركيبة المجتمع أى تلعب فى الهندسة البينية والطبقات عددها تقل لأنها تمحو الطفولة ويزيد عدد الشباب والشيوخ أكثر من الأطفال فيما بعد، وينتشر الانحراف والتحرش والزنا، وتكثر الفتن، كالسرقة والقتل والجرائم والعادات غير الحميدة، موضحة أن هذه الحملات إذا انتشرت وتوسعت ستؤثر سياسيًا واقتصاديًا ودينيًا على المجتمع.

وأشارت إلى أن هذه الحملات مدسوسة بأفكار خارجية متطرفة لزعزة أمن واستقرار الوطن، وفك الروابط المتماسكة.

وأضافت استشارى علم النفس أن مثل هذه الحملات أيضًا تقلل من شأن الفتاة لأن كلمة " عانس" صعبة جدًا عليها وجعلها مثل البضائع التى تباع وتشترى وتخزن وتصدى، وهذا أسلوب غير راق ويصبح جدلًا بين الطرفين، وتكون هناك منافسة غير حميدة، وكان من الأفضل أن يطلقوا حملة باسم " تزاوجوا تكاثروا".

وطالبت عبدالله من الأسرة أن تحسن الاختيار فى من يُقبل على الزواج من ابنتهم ويستطيع تحمل مسئولية الزواج.

وتساءلت استشارى علم النفس لماذا نكون ضد مبادرات الرئيس السيسى التى يطلقها لبناء إنسان مصرى قوى سليم؟ ونحن نقوم بهدم ما يبنيه الرئيس؛ فيصبح هناك أشخاص عدونية لنفسها والمجتمع ولا بد من المعالجة بطريقة صحيحة.

وتمنت عبدالله أن تكون مصر خالية من الأفكار المتطرفة والانحرافات الجنسية والتسول.