- يعقوب الشارونى: البرلمان مناط به إصدار تشريع لإثبات نسب أبناء القاصرات.
- د. حامد أبو طالب: هل يمكن للمحكمة إصدار قرار مستعجل لإثبات الطفل مؤقتًا فى السجلات الرسمية؟
- د. عبدالله النجار: فقدان الطفل لنسبه يجعله كائنًا غير موجود قانونيًا ومدنيًا
- د. هشام مخلوف: معاقبة المأذون الخطوة الأولى.. وهناك حيل كثيرة لإثبات نسب الابن لغير أبيه
- د. سيد عويس: الحل إنشاء مرصد اجتماعى ثقافى لتسجيل قضايا زواج القاصرات
- د. سيد محمد خليل: وضع الأطفال ضمن التعداد العام.. مسئولية وزارتى الصحة والداخلية
- د. طارق محمد معوض: نحتاج إلى قانون طفل جديد، يغلظ العقوبة على من يزوج القاصرات
- سعاد محمد يوسف: لماذا لا يقوم المجلس القومى للمرأة و" القومى للطفولة والأمومة" باستخراج شهادات ميلاد لأطفال القاصرات؟
كتب: محيى عبد الغنى
زواج القاصرات زاد بنسبة 15% منها 40% فى الريف و32% فى محافظات الصعيد.. هذا ما تؤكده نتائج دراسة حديثة أجراها المجلس القومى للطفولة والأمومة.
وتشير الدراسة إلى وجود 40 ألف فتاة تم تزوجهن قبل السن القانونية (18 سنة) ونتج عن ذلك إنجاب أطفال مجهولي النسب بالرغم من وجود أبائهم.. والسبب عدم قدرة الأباء على استخراج شهادات ميلاد لهؤلاء الأطفال، حتى لا يكتشف التزوير فى شهادات ميلاد الأمّ.
الظاهرة لها أبعاد دينية واجتماعية واقتصادية.. وأيضا قانونية، حيث تحتاج تعديل تشريعى عاجل
أخطاء الوالدين
يرى المفكر والكتاب يعقوب الشارونى أن الاتفاقية العالمية لحقوق الطفل الصادرة عام 1979، والتى صدقت عليها مصر تقول: لا بد أن يراعى أولًا مصلحة الطفل، وتقديمها على جميع المصالح الأخرى, وأى أخطاء يرتكبها الأبوان لا يتحملها هذا الطفل.
وعلى ذلك لا بد من البحث عن حل لإعادة كافة حقوق الطفل، دون أن يعطل أى أحكام قضائية تصدر من الأب أو الأم أو الأسرة.. ولن قضية إثبات النسب يكلف الأسرة الكثير من الأعباء وهناك من لا يستطيع تحمل مصروفاتها، ويطالب يعقوب تدخل المشرع لوضع حل ينقذ مستقبل هؤلاء الأطفال ولا يحملهم نتيجة أخطاء الأبوين.
والإصلاح التشريعى يحل المشكلة لأطفال ليس لديهم شهادات ميلاد والتى يترتب على استخراجها كافة الأوراق الثبوتية لهؤلاء المساكين الصغار.. ومن الممكن أن يكون الإصلاح التشريعى متوافقًا مع القوانين المعمول بها، بشرط استلهام روح القانون، وليس نصه فقط، فمن غير المعقول أن يعانى الطفل من أخطاء الوالدين.
الأمر الآن منوط بمجلس النواب، والمسئولية معلقة فى رقاب نواب الشعب لدراسة هذه القضية دراسة وافية حتى نستطيع استرجاع حقوق الأطفال فى الحياة، وممارسة حياتهم الطبيعية فى تلقى العلاج والتطعيمات ثم إتاحة الفرصة لهم فى الامتحان بالمدارس، لن يتأثر كل ذلك لأى طفل لم تكن له شهادة ميلاد.
ويواصل يعقوب الشارونى حديثه أن مصر التزمت بكافة المواثيق الدولية التى تحمى حقوق الطفل.. وما تفرضه الأديان والإنسانية.. ومبدأ القانون الجنائى المصرى يقول: إن العقوبة شخصية لا تسرى على الأبناء أو الزوجة، وعند عدم استخراج شهادة ميلاد للطفل يكون قد شمل هذا النتائج الخطيرة لتصرف غير مسئول عنه.
وينهى يعقوب الشارونى حديثه إن البرلمان ممثل فى د. على عبدالعال رئيس المجلس والنواب الموقرين منوط به الوصول لحل مشكلة مئات الآلاف من الأطفال، الذين لا يتمتعون بشهادات ميلاد أو أى أوراق ثبوتية تترتب على شهادة الميلاد.
وإصدار التشريع الجديد يواجه الواقع الأليم الذين فيه أطفال بؤساء تحملوا أخطاء غير مسئولين عنها.
قيد الطفل لغير أبيه
يشير د. حامد أبو طالب عميد كلية الشريعة والدراسة الإسلامية وعضو مجمع البحوث الإسلامية إلى أن مصر ليست الوحيدة التى تعانى من هذه المشكلة بل تعانى منها الكثير من المجتمعات العالمية، وهى مشكلة زواج الصغيرات الذى ينتج عنه أطفالًا يصعب قيدهم فى سجل المواليد لعدم توثيق الزواج لصغر سن الفتاة وبذلك يحرمون من كافة حقوق الطفولة والمواطنة.
والأخطر من ذلك أن كثيرًا من هذه الحالات يثبت فيها الطفل لجده لأمه، وذلك يكون مخالفًا للواقع حيث من المفترض أن يقيد الطفل لأبيه.
وقيد الطفل لجده لأمه مخالف تمامًا للشريعة الإسلامية، حيث يقول الله تعالى: ( ادعوهم لأبائهم) صدق الله العظيم
ويواصل أبو طالب حديثه أن هذه المشكلة يمكن القضاء عليها بمعاقبة المأذونين، الذين يشهدون هذا الزواج العرفى، وكذلك المحامين، الذين يتورطون فى هذه الجرائم، وكذلك معاقبة من يقدمون على تزويج القاصرات.
وتحل المشكلة إنقاذ الفتاة المسكينة التى تزوجت وهى صغيرة بدون إرادتها من خلال رفع الأمر للقضاء وإثبات نسب الطفل لأبيه، والذى تقضى به المحكمة.. والمطلوب اتخاذ قرار مستعجل من المحكمة يقيد الطفل مؤقتًا فى السجلات الرسمية لحين صدور حكم موضوعى يعتمد قيد الطفل فى هذه السجلات.
لا صعوبة فى إثبات النسب
د. عبدالله النجار الداعية الإسلامي يقول: إنه من الخطأ والجهل والضلال أن يظن البعض أن عدم اتباع القانون فى تحديد سن زواج الفتاة غير شرعى، ذلك إن اتباع القانون هو واجب شرعى ومن يخالف القانون فى هذا الشأن فهو آثم، لأن ذلك يؤدى إلى ضياع حقوق الطفل لنسبه، ويجعله كائنًا غير موجود قانونيًا ومدنيًا وشرعيًا.
ويطرح د. عبدالله النجار الحل على المجتمع بأن يكون إثبات النسب لأصحاب الشأن، فلو أن الأب أنكر النسب يقضى بإثبات نسب الولد لأبيه، ولو ادعى الأب بنوة الأبن وهو ليس له يقع ذلك على عاتق القضاء، والشرع والقانون يقضيان بأن الابن للفِراش والعقد هو الفِراش)
وهذا الخطأ لا بد أن يتحمله البشر ممثلًا فى الشرع والقضاء، والمرتكبون لهذا الخطأ وفى حق أنفسهم وحق المجتمع.
وثيقة الزواج العرفى
يؤكد د. هشام مخلوف أستاذ الإحصاء السكانى بجامعة القاهرة ورئيس جمعية الديمجرافيين المصريين أن المشكلة نتجت عن وجود زواج غير رسمى للفتيات أقل من سن 18 سنه.. وفى هذه الزيجات يمكن للآباء التخلى عن أبنائهم، ويكون المأذون قد عقد لهم ولم يسلمهم وثيقة رسمية، إلا بعد إتمام السن القانونية، ويمكن أن تتعرض الفتاة لظروف طارئة مثل وفاة المأذون أو الأب أو الزوج أو انفصالها.. وقد يتعرض الأطفال لهجرة آبائهم للبحث عن عمل، وقد تنقطع أخبار البعض منهم عن زوجاتهم.
ويواصل د. هشام مخلوف حديثه بالقول: لحل هذه المشكلة يجب مقاضاة المأذون الذى عقد هذه الزيجات.
عقد غير "رسمى" متعارف عليه بينهم، وبذلك يتم حل جزء من المشكلة بالتوقف عن إجراء هذه العقود غير الرسمية.
.. ولو استمرت هذه العقود فإن العقوبة تقع على المأذون والأب والزوج والشهود إذا تم الوصول إليهم.. والأمر يتطلب نشر التوعية التى هى مسئولية دور العبادة وبرامج الإعلام بكل أنواعه وكذلك المسلسلات الدرامية.
ويطالب د. مخلوف وزارة الصحة دعوة جميع الآباء الذين لهم أطفال غير مسجلين فى سجلات الوزارة كمواليد إتمام إعطائهم شهادات ميلاد لأبنائهم، بعد تقديم الأدلة التى تثبت أبوتهم لهؤلاء الأطفال، وذلك بصفة استثنائية ولفترة محدودة، يمنع بعدها إجراء أى قبول تسجيل مواليد هذه الحالات المشابهة بهدف حل المشكلة.. ثم يتم الإلتزام بالقانون الذى يحدد سن 18 عامًا لزواج الفتاة.
جمعيات الأطفال
(يجب أن يتمتع الطفل بحياة طبيعية داخل أسرته).. هذا ما يراه د. سيد عويس رئيس لجنة الشباب ببيت العائلة المصرية.
ويضيف د. عويس أنه لدينا مصطلح هام وهو: (الأطفال المعرضون للخطر) فهناك أطفال معرضين للإنحراف بسبب اليتم لأحد الأبوين أو كليهما.. وقد تتزوج الأم من أب ثان.. وقد يتزوج الأب من زوجة ثانية ويكون للطفل زوج أم أو زوجة أب، وربنا يتعرض لمشاكل اجتماعية ونفسية، أما الأطفال فاقدو الأبوين أو أحدهما وقد يتبناهم الجد أو الجدة أو الأقارب أو مؤسسات الأحداث، وكذلك المؤسسات الخيرية، وفى هذا الصدد قامت الدولة بالتعاون مع إلمانيا من 30 عامًا على إنشاء مؤسسة الأطفال مجهولى النسب، الذين ربما يلقون أمام المساجد أو الكنائس.. وتدعم رعايتهم بأن جعلوا لكل طفل سيدة " أم بديله " ترعى 5 أطفال يشترط ألا تكون متزوجة إلا أن القانون والشرع لا يمكنهما منع سيدة من الزواج، وعلى ذلك اقترح وجود سيدة متزوجة ترعاهم وفق الشروط المعلنة، وفى هذه المؤسسة يحصل الأطفال على حقوقهم فى المسكن والملبس والتعليم.
وكانت رئيس هذه المؤسسة جيهان السادات حرم الرئيس الراحل أنو السادات، وعندما تغيرت الظروف تعرضت المؤسسة للإهمال، لكنها مازالت موجودة فى مدينة نصر، ولا بد من إعادة الدعم لها لتعود تزدهر مرة أخرى، كما يجب تعميم هذه الفكرة لاستعياب جميع أطفال الشوارع، وهذا واجب الدولة بكافة أجهزتها.
ويواصل د. سيد عويس حديثه فيقول إن أطفال القاصرات يحتاجون أن ترعاهم الدولة بإصدار تشريع يمنحهم فورًا شهادات ميلاد حتى يكونوا مسجلين فى مكاتب وزارتى الصحة والداخلية (الأحوال المدنية)، وبذلك يتم وضعهم ضمن التعداد العام للمواليد، وبذلك يمكنهم تلقى الرعاية الصحية والتعليمية، وكافة الحقوق التى يتمتع بها الأطفال الطبيعيين.
وبالنسبة لدور المجتمع ممثلًا فى رجال الدين ورواد الفكر الاجتماعى والثقافى فعليهم جميعًا الدور الأساسى فى ترشيد المواطنين وتوعيتهم بهدف توقف كافة المواطنين عن اتخاذ زواج القاصرات ويبدأ التوجيه بالخطاب الديني فى دور العبادة (المساجد والكنائس) لبيان خطر الزواج المبكر.
الإعلام
أم الإعلام بنوعياته المختلفة (والكلام للدكتور سيد عويس) فلابد أن يقدم برامج مباشرة وغير مباشرة لمعالجة هذه الظاهرة، وقضية هؤلاء الأطفال هى جزء من مرض اجتماعى تتداخل فيه جوانب الأمية والعادات القديمة التى تعنى زيادة الأطفال كعزوة، ويتبع ذلك التسرب من التعليم الأساسى، ويؤدى ذلك إلى عمالة الأطفال فى سن الطفولة، وتشغيلهم، وهى جريمة يعاقب عليها القانون، وكذلك يأتى الفقر كعامل أساسى فى زواج القاصرات.
وينهى د. سيد عويس حديثه بالتوصية بإنشاء مرصد اجتماعى إعلامى ثقافى لتسجيل قضايا زواج القاصرات، والتحرى عن وجود الظاهرة فى أماكنها، وهل المشكلة فى القاهرة الكبرى أم فى أى محافظة أخرى.
وإذا عرفنا الأماكن يمكن الوصول إليها وإلى أصحاب المشكلة من خلال إجراء مسح جغرافى شامل.. وتوفير التمويل والخبرات الفنية للقضاء على الظاهرة.
حصر القاصرات المتزوجات
د. سيد محمد خليل استاد علم النفس بجامعة عين شمس يقول: إنها مشكلة يواجهها المجتمع المصرى، وهى مشكلة مركبة ذات جوانب قانونية وشرعية ونفسية واجتماعية.. والبدء يكون بإجراء تحليل اجتماعى للظاهرة ويقع على وزارة التضامن الاجتماعى مهمة البحث عن هؤلاء الأطفال لوضع برامج المساعدة بالتعاون مع الجمعيات الأهلية ووزارتى الصحة والداخلية.. وبذلك يتضح لنا أن المشلكة ليست زواج قاصرات فقط، ولكن لها تدعيات أخرى خطيرة.
ويواصل د. خليل: ويكون البحث عن القاصرات المتزوجات لتقديم الرعاية لهن ولأطفالهن بداية الحل.. ولا بد من الاعتراف الرسمى من الدولة بهؤلاء الأطفال بمنحهم شهادات ميلاد.. لأن الحل لعدم تسرب الأطفال ليكونوا ضحايا لسوق تجارة الأعضاء الآدمية.. والتسجيل فى أقرب وقت يحفظ هؤلاء الأطفال الأبرياء من أخطاء متعددة.
التوعية المجتمعية
يعترف د. طارق محمد معوض أستاذ التربية الخاصة بجماعة عين شمس أن المشكلة وصلت بالفعل إلى حد الظاهرة.. ونحن نحتاج إلى قانون طفل جديد يشمل عقوبات صارمة لم يرتكب الإقدام على اقتراف هذه الظاهرة، ويشمل العقاب الأم والأب، الذى يلزم جبريًا الاعتراف بنسب الطفل ورعايته ثم يسجل الطفل فى سجلات الدولة الرسمية، أما أبو الفتاة فإنه مشارك فى هذه المشكلة ويتحمل تبعيات مما يحدث، والفتاة بصفة عامة تكون فى سن الطفولة وغير قادرة على تحمل مسئولية رعاية الطفل.
ويواصل د.معوض حديثه بالقول إن الظاهرة تحتاج للتوعية المستمرة، وتضافر جهود وزرات الصحة والتضامن والداخلية.. أما الأجهزة الإعلامية مطالبة بوضع برنامج توعوى بالتنسيق مع هذه الوزارات لمدها بالمعلومات الكافية، وكذلك بنسب الإنجاز لحل مشكلة القاصرات وأبنائهن.. وعلى أولياء الأمور من الأباء والأمهات والأقارب التوقف تمامًا عن التزويج قبل سن 18 سنة.
ويبقى دور المجلس القومى للمرأة للمساعدة فى حصول الفتيات القاصرات على وثيقة الزواج الرسمية، وممن ثم التقدم نسب أطفالهن.، حسب د. معوض.
أين القومى للمرأة الطفولة؟
وتدعو سعاد محمد يوسف رئيس جمعية مصر لحماية الأسرة والبيئة المجلس القومى للأمومة والطفولة والمجلس القومى للمرأة للعمل على استخراج شهادات الميلاد للأطفال المولودين بدون هذه الشهادات حتى تثبت شخصياتهم ويمارسون الحياة الطبيعية بمختلف أنواعها كغيرهم من الأطفال.
وتواصل حديثها أن جمعيات رعاية الأطفال الأيتام والتى تتلقى أطفال وضع بدون وجود أبوين أو شهادات ميلاد، ويتم اتخاذ الإجراءات القانونية لاستخراج شهادات ميلاد لهم.. وهؤلاء الأطفال الذين لا عائل لهم سوى أهل الخير لابد أن يتلقوا مزيدا من الرعاية من قبل الدولة.
وتشيد د. سعاد بما يقوم به المجلس القومى للمرأة بالتعاون مع المجلس القومى للطفولة والأمومة بإستخراج شهادات ميلاد ورقم قومى للسيدات غير الحاصلات على هذه الخدمة، لكنها تتساءل لماذا لا يقوم المجلسان بمهمة استخراج شهادات ميلاد للأطفال مجهولى النسب، والذين يوجد آبائهم.