كتبت: أمل إبراهيم
تسببت الأزمة الاقتصادية التي شهدتها اليونان منذ عقد من الزمان في خسائر فادحة، أبرزها فقد مئات الآلاف من الوظائف وخفض الدخول ورفع الضرائب، ومن ثم تحطيم الآمال المستقبلية بشكل بات يمثل ظاهرة ملحوظة.
وقال خبراء في مجال الصحة إن معدلات الاكتئاب والانتحار ارتفعت بشكل مثير للقلق خلال أزمة الديون اليونانية، حيث فرض الدائنون إجراءات تقشف صارمة قللت من الأجور ورفعت الضرائب وقوضت قدرة الخدمات الصحية على الاستجابة للتعامل مع الأزمات .
آنا، وهى امرأة تبلغ من العمر 68 عاما، تحدثت لمصادر إعلام أجنبية - طلبت عدم نشر اسمها بالكامل حماية لخصوصية عائلتها – وقالت : كان للأزمة عواقب مدمرة عليها بشكل خاص، وكان زوجها وهو سائق متقاعد في حافلة، قد قتل نفسه في حديقة قبل عامين عندما كان عمره 66 عاماً بعد أن أدت سلسلة من تخفيضات التقاعد إلى إصابته بيأس عميق، وراح يردد قبل أن يتخلص من حياته:
" لقد عملت لسنوات عديدة ما الذي يجب على أن أفعل حاليا ؟
وتساءلت آنا: "كيف سنعيش؟.. بعد عامين من العلاج ، أقوم بعمل تطوعى الآن لمساعدة الآخرين الذين يعانون من مشاكل فى صحتهم العقلية."
العقول مهددة
وفى تقرير صادر عن مجلس أوروبا لحقوق الإنسان، شهر نوفمبر قالت مفوضة المجلس دونجا مياتوفيتش: "تدهورت الصحة العقلية بشكل كبير في اليونان ، مع انتشار الاكتئاب بشكل خاص ، كنتيجة للأزمة الاقتصادية".
وقد أدى ذلك إلى ازدحام مستشفيات الأمراض العقلية والعيادات حيث زادت نسبة المترددين عليها، وارتفعت معدلات الانتحار بنسبة 40% خلال الأعوام 2010 - 2015 ، حسبما ورد فى التقرير.
تقرير منظمة الصحة
فى حين ذكرت منظمة الصحة العقلية زيادة في مكالمات الخط الساخن للأبلاغ عن الانتحار العام الماضي، بنسبة 30 % .
وقال كيرياكوس كاتسادوروس ، مدير مركز الأمراض النفسية : "لقد زادت الأزمة المالية من تعرض الناس للانتحار". "حتى أن البعض يسأل عن القتل الرحيم".
وجاءت أعلى زيادة سنوية في حالات الانتحار عام 2015 ، حيث بلغت الاضطرابات الاجتماعية ذروتها مع خوض حكومة اليونان التي يقودها يساريون مع الدائنين الدوليين في البلاد بشأن شروط خطة الإنقاذ الثالثة.
ثم انخفض معدل الانتحار في عامي 2016 و 2017 ، حسب إحصائيات وزارة الداخلية اليونانية، ليرتفع مرة أخرى فقط في الأشهر العشرة الأولى من عام 2018 ، وفقا لأرقام الداخلية التي تظهر أيضا أن حالات الانتحار بين أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 22 سنة وتحت أكثر من الضعف.
العديد من حالات الانتحار في اليونان لا يتم الإبلاغ عنها بسبب تردد الكنيسة الأرثوذكسية في توفير خدمات الدفن لأولئك الذين ينهون حياتهم ، على الرغم من أن موقف الكنيسة يتغير ، كما تقول المنظمات غير الحكومية.
لكن وزارة الصحة اليونانية أنشأت لجنة من خبراء الصحة النفسية في نوفمبر لإعداد حملات التوعية ، وكذلك خطط لتدريب الممارسين العامين للكشف عن الاكتئاب وغيره من قضايا الصحة العقلية ،في اثناء ذلك ، يتضح صراع النظام الصحي لمعالجة المشكلة