طارق السيد متولى يكتب: أم كلثوم فى الطريق

كنت أنا وصديقى أستاذ الموسيقى عازف الأوركسترا الأمريكى ديف فى طريقنا إلى الإسكندرية، كنت أقود السيارة وهو يجلس بجانبى فى أول زيارة له لمصر لزيارة معالمها السياحية الفريدة. عرضت عليه أن يستمع إلى بعض الموسيقى العربية والأغانى المصرية فرحب بالأمر فهو لم يستمع من قبل لأية أغانى عربية ومصرية، كان لدي فى السيارة تسجيل لأغنية أم كلثوم الحب كله. أدرت جهاز التشغيل وبدأ عزف المقدمة للملحن العبقرى بليغ حمدى، وإذا بالرجل ينتفض فى مكانه بعد سماع المقدمة ويقول هذا غير ممكن،  لم أفهم ماذا يقصد فسألته هل هناك خطب ما ألا تعجبك الموسيقى؟ أجابني قائلاً: لا، لا ،على الاطلاق إنها موسيقى عبقرية وأخذ يشرح لى أن هذه النغمات فى الأغنية لا يستطيع أحد أن يعزفها أو يصل إليها إلا إذا كان مؤلف موسيقى عبقريًا وأنها بمثابة اكتشاف فى الموسيقى جديد. وإننى لا أفقه كثيرا فى علم الموسيقى لم أناقشه فى هذه التقنيات ولكننى فى الحقيقة شعرت بالفخر وقلت له: إن أم كلثوم واحدة من أكبر المطربات فى مصر والعالم العربي وأحسنهم فى العصر الحديث وأن الملحن بليغ حمدى هو من أفضل مؤلفي الموسيقى فى الوطن العربى ـ ثم بدأت أن أترجم له بعض كلمات الأغنية وهى للشاعر أحمد شفيق كامل فأعجب كثيرًا من هذا المستوى الراقى للكلمات والألحان والصوت الساحر وطلب منى نسخة من الأغنية. شعرت بأن لدينا أشياء عظيمة ليس فى تاريخنا الماضى فقط من آثار ومتاحف تضم أكثر التحف تميزًا فى العالم، بل فى العصر الحديث وأيضًا من فنون وإبداع المصريين هذا الشعب العظيم، رغم كل محاولات طمس هذا الإبداع وتشويهه. من دعاة التغريب أو من دعاة الإنغلاق والظلام. كم أتمنى من الله سبحانه وتعالى أن تعود نهضة الشعب المصري فى الإبداع فى كل المجالات كى تبهر العالم وتحتل مصر مكانتها المستحقة بين الشعوب.