كتب: عمرو عادل
فى ضربات أمنية استباقية وقوية لفلول الإرهاب ، نجح قطاع الأمن الوطنى بوزارة الداخلية، فى توجيه ضربات موجعة للعناصر المتطرفة حصدت 16 قتيلا منهم، لتحبط بذلك أخطر المخططات الإرهابية، التى كانت تحاك ضد البلاد.
وتمكن قطاع الأمن الوطنى من رصد بؤرتين إرهابيتين خططا لتنفيذ سلسلة من العمليات الإرهابية، ضد المنشآت الهامة والحيوية، وشخصيات هامة، فى نطاق مدينة العريش.
وبمداهمة البؤرة الأولى بأحد المنازل المهجورة بقطعة أرض فضاء بحى العبيدات "دائرة قسم شرطة ثالث العريش"، بادرت العناصر الإرهابية بإطلاق النيران بكثافة على قوات الشرطة وتم التعامل معها، مما أسفر عن مصرع "10" منهم، وبمداهمة البؤرة الثانية بأحد المنازل تحت الإنشاء بمنطقة أبو عيطة "دائرة قسم شرطة ثالث العريش"، حدث تبادل لإطلاق النيران بين العناصر الإرهابية والقوات، مما أسفر عن مصرع "6" منهم، والعثور بحوزتهم على العديد من الأسلحة النارية والذخائر والعبوات والأحزمة الناسفة.
ويذكر أن الشرطة ووزارة الداخلية قد نجحت فى الإفلات من مخطط الفوضى والتفكيك، وتمكنت من عبور الأزمة وصيانة تماسكها، وصيانة تماسك مصر أيضا، وظلت على العهد حارسة لأمن مصر، ومدافعة عن سلامة مواطنيها، تبذل الغالى والرخيص، وتضحى بالدماء والأرواح، لقاء أن تظل مصر بلد الأمن والأمان كما كانت دائما، وقائمة الشهداء الأبطال كبيرة تبدأ باللواء مصطفى رفعت، قائد العملية البطولية فى محافظة الإسماعيلية 25 يناير 1952، وقتها كان ضابطا صغيرا، لكن روحه كانت كبيرة وعملاقة، فعرف كيف يصون تراب وطنه ويقدس واجبه، ووقف معه فريق من الأبطال الاستثنائيين رافضين التسليم للجيش الإنجليزى، فارتقى خمسون شهيدا وأُصيب 100 آخرون، ومنذ هذا التاريخ لم تتوقف مواكب البطولة، حتى أنه لا يمر عام دون بطل أو شهيد جديد.
ولا ننسى الرائد مصطفى عبيد، ضابط المفرقعات المتميز، الذى أنقذ عشرات الأرواح، وصان احتفال الأقباط بعيد الميلاد المجيد من عبث الإرهابيين وأعداء مصر، عندما ضحى بنفسه أمام كنيسة «العذراء وأبوسيفين» فى عزبة الهجانة بمدينة نصر، وقضى نحبه بينما كان يُفكك عبوة ناسفة تتضمن مادة متفجرة تدخل مصر للمرة الأولى.
وآخر من لحقوا بركاب الشهداء هم المقدم رامي هلال، الضابط بقطاع الأمن الوطني ومعه إثنين من أمناء الذين احوا في حادث تفجير الدرب الأحمر لكي ينقذوا مصر مما كان يخطط له الإرهابي الحسن عبدالله.
ومن منا يستطيع أن ينسى البطل ساطع النعمانى، الذى ضحى بعينيه وفقد نور البصر راضيا، حتى يحوز نور البصيرة، وانتصر لمصر على طوابير الإرهابيين من أعضاء الإخوان الذين هاجموا أقسام الشرطة والكنائس ومؤسسات الدولة عقب فض اعتصامهم المسلح فى رابعة العدوية، خلال أغسطس 2013، قبل أن يرتقى إلى جوار ربه مؤخرا بعد سنوات من المعاناة ورحلة العلاج؟!
لأن مصر وفية وطينها يحفظ الجميل، ولأن المصريين نبتوا من حلال، لا يمكن لمنصف أو مخلص أن ينسى أبطال ملحمة كرداسة.
يمتد سجل البطولات والتضحيات التى قدمها رجال الشرطة على امتداد تاريخ الجهاز، لكن تظل «ملحمة الإسماعيلية» التاريخية الأكثر لمعانا، حينا رفضت قوات الشرطة تسليم أسلحتها وإخلاء مبنى المحافظة لقوات الجيش البريطانى، وأسفر الاشتباك عن استشهاد 50 شرطيا وإصابة 80 آخرين، وخاض المحتلون معركة عنيفة وضارية حتى نجحوا فى السيطرة على مبنى المحافظة، ليحققوا انتصارا منقوصا وملطخا بالدم، ويحقق أبطال مصر انتصارا كاسحا، وينطلقوا فى موكب الصعود إلى السماء محفوفين بالملائكة والورود، ويتحول يوم 25 يناير إلى عيد للشرطة.
الجنرال الإنجليزى «أكسهام» أعجب بشجاعة رجال الشرطة المصرية وأمر جنوده بمنحهم التحية العسكرية قائلاً: «لقد قاتل رجال الشرطة المصريون بشرف واستسلموا بشرف وواجبنا احترامهم».
صباح السبت 26 يناير 1952، كانت دماء الشهداء لم تبرد بعد، بينما انتشرت أخبار الملحمة فى أنحاء مصر، واستقبلها المصريون بمزيج من الفخر بالأبطال والغضب من الاحتلال، فخرجت مظاهرات عارمة فى القاهرة والمحافظات، واشترك جنود الشرطة مع طلاب الجامعة فى المظاهرات حتى امتلأت الشوارع بالجماهير الغاضبة، وحتى يغطى الاحتلال على جريمته فى الإسماعيلية سعى بمعاونة جماعة الإخوان إلى إحراق القاهرة فى اليوم نفسه، بحسب شهادات تاريخية عديدة، ورغم انشغال الناس فى الحريق وهدوء موجة الغضب ظاهريا، ظلت حالة السخط مشتعلة فى الصدور، وظلت مصر تبحث عن ثأرها للأبطال، حتى ردّت بحدّة ووضوح فى ثورة 23 يوليو 1952، وبعدها فى إجلاء الاحتلال الإنجليزى وتطهير أرض مصر من آخر جندى محتل.