ناجح إبراهيم يكتب: العارف بالله.. رؤية عصرية

ناجح إبراهيم يكتب: العارف بالله.. رؤية عصريةناجح إبراهيم يكتب: العارف بالله.. رؤية عصرية

*سلايد رئيسى20-2-2019 | 18:38

بالله هو الذي يشترى بماله دعاء الفقراء وحب المساكين. وهو الذي يدرك أن جمال أصابعه ليس بالذهب والماس ولكن بعقدها بالتسبيح. العارف بالله هو الذي يحذر دعوة المظلوم ودمعة المحروم.

وهو الذي يدرك أن ملابسه القديمة ستكون جديدة وجميلة عند الفقراء والمحرومين. وهو الذي يعلم أن باب الإجابة لا يغلق بالمعصية فحسب ولكن بالغفلة أيضاً.

وهو الذي يسامح من يؤذيه لأنه أهدى إليه حسناته. وهو الذي يوقن أنه لن يتزوج الطيبة إلا إذا كان هو طيب القلب والجوارح. العارف بالله هو الذي يجمع الحجارة التي يرميه الناس بها ليبني لهم بها بيتا. وهو الذي يطيب خلوته بربه ليطيب الله وحدته وخلوته في قبره.

وهو الذي يرى أن أكثر الناس لا يرضون عن خالقهم فيعلم أنهم لن يرضوا عن مخلوق مثلهم،فلا يهمه سوى إرضاء ربه حتى وإن أغضب ذلك الناس. العارف بالله هو الذي يعلم أن هناك من هو أفقر منه أو أكثر منه مرضاً وأقل منه مالاً,ولذا فهو يرضي بقدر الله,ويبتسم دوماً لأقدار الله ولا ييأس.

العارف بالله هو من عرف الله حقا فطابت حياته وهابه كل شيء،وأنس بالله واستوحش من الناس وأورثته معرفة الله الحياء منه سبحانه وتعظيمه وإجلاله ومراقبته والتوكل عليه والاستسلام لأمره والرضا عنه سبحانه.

وهو من يستقل كثير المعروف من نفسه ويستكثر قليل المعروف من غيره,ويتم معروفه بإخفائه وتعجيله،ويعيش مع الحكمة الصوفية"إذا صنعت المعروف فاستره وإذا صُنع إليك فانشره" ويطيع الله ويخاف عدم القبول ، أما أهل الغفلة فيعصى الله ويطمئن للنجاة. العارف بالله هو الذي يعلم أن قطب الطاعات إصلاح السرائر،وقطب المعاصي فساد الضمائر.

العارف بالله يبذل الندى ويكف الأذى ويتحمل الاعتداء ويعفو عن المسيء. العارف هو الذي لا يهوى ما ليس له،وإذا وقع في معصية في السر اتبعها بطاعة في السر فهو يعيش مع قوله"إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ".

العارف بالله يعيش مع ربه,فإذا انكسر سجد داعياً"يا جبار أجبرني "وإذا ظلم سجد قائلاً:"يا عدل انصرني"وإذا احتار سجد باكياً"يا بصير أرشدني"وإذا احتاج سجد ضارعاً"يا مجيب أجبني".

العارف بالله يعلم سنة"الدوران"في الدنيا،وتعني أنه سيعود لكل إنسان ما قدم،إن خيراً أم شراً,فهو يحسن ليسعد بعودته إليه مرة أخرى.

وهو الذي يعلم أن حزنه تغسله دمعه وقلبه تحييه سجدة,وحلمه تحققه دعوة. وهو الذي يدرك أن بر الوالدين كفارة للذنوب وأن هناك شقيقان لا يفترقان" بر الوالدين وسعة الرزق". الإنسان يكرر دوماً"فاتني القطار"وييأس،أما العارف بالله فيدرك أن كل القطارات لها طريق عودة,وباب التوبة مفتوح إلي يوم القيامة,"ويتوب الله علي من تاب".

العارف بالله يعلم أن الحق فوق القوة,وأعظم من المنصب وأبقي من المال,والحق قديم,والحق أحق أن يتبع,ولا يغره أن أكثر الناس يقدسون القوة التي  تدهس الحق وتدوسه بغير شفقه.

العارف بالله يعيش مع بلال بن رباح وهو يعذب ويئن ثم إذا به يؤذن علي الكعبة وعلي منارات الشام ،ويتحول بقلبه مع عمار بن ياسر يري بعيني رأسه استشهاد أمه ثم والياً علي الكوفة فلا ييأس من انتصار الحق في النهاية.

العارف بالله هو الذي يعيش مع الحق سبحانه منحياً الخلق والناس عن هذه العلاقة،ويعيش مع الخلق والناس بغير نفس"أي لا يدور حول ذاته ولا يغضب لها"ويعيش مع النفس بالمراقبة والمحاسبة.

    أضف تعليق