أحمد عاطف آدم يكتب: أجيال لها الله

أحمد عاطف آدم يكتب: أجيال لها اللهأحمد عاطف آدم يكتب: أجيال لها الله

* عاجل25-2-2019 | 21:51

عند صديق عمري كان لقائى غير المعد له سلفا مع واحد من أفراد الجيل الحالى من المراهقين ، وهو ابن صديقى ، كنا جالسين أمام شاشه التليفزيون نتابع مباراة فى كرة القدم ، وما ان انتهت المباراة ، وفجأة قام الفتى بتغيير القناة الرياضية لنجد أنفسنا نشاهد أحد مسلسلات زمننا العجيب الذى أصبح تلفازة يقدم اللافكرة واللاقدوة واللامعقول واللامقبول ، ربما على الأقل بالنسبة لنا . وبشكل لا إرادى وجدتنى لا أتابع المسلسل قدر متابعتى لردود أفعال الفتى الصغير ، ومدى إنبهارة بتلك المادة الكوميدية غير المبررة ، فهى بين "إفيهات" تتأفف الأذواق الراقية منها ، بسبب عدم وجود أى منطق يقبل بخفة ظلها الركيك وبين تلك الحاله من الأرجزة التى يقدمها بعض المسوخ المأجورين .
تلك الحاله من عدم الإقتناع أو الإكتراث التي عشتها رغما عني وعلي غير طبيعتي ، دفعتني لأتذكر الأحاسيس الصادقة التي عبر بها فناني الزمن الجميل من خلال أعمالهم الخالدة في الأذهان عن ثقافتهم واعتزازهم بلغتهم الراقية وأدائهم العبقري لأدوارهم البارزة علي مر العصور . وعلي الرغم من أن جيلنا المتحفظ دائما ما يتحاشي الصدام مع الجيل الآني المنطلق ، ليس خوفا من جدال قد يبدو عبثيا وبلا فائدة معهم قدر ما هو رفقا بهم في كثير من الأحيان ، وبصفة خاصة من لم يرتبطوا بصلة قرابه وثيقة الصلة كتلك التي بيني وبين ابن صديقي ، ومع ذلك فالمواجهه أحيانا تفرض نفسها بأي شكل .
قال الفتي مستفسرا مني بعدما رمقني لا أتابع ما يقدم من سفه علي الشاشه الصغيرة ، بينما كان هو يضحك سعيدا بتلك التشخيصات البائسة - " حضرتك متابع المسلسل " ، فقلت له : " بصراحة مش متابع " ، فبدأ يشرح لي بشغف أحداثا غير منسجمة ولا مترابطة ولا تعبر عن أي فكر لا أدبي ولا فني ، فقط مجرد إفيهات وإيحاءات ما بين البلهاء والوضيعة ، لا تستطيع أن تحدد شخصية البطل أو حتي المسلسل .
في النهاية لم أجد هناك بُدَاً من الدخول في شد وجذب لن يغير من أمر هذا الجيل في شئ ، فتلك المرحلة العمرية المشاكسة والمدافعة عن الخطأ قبل الصواب ، يظل التأثير المباشر والفاعل فيها ليس من سماتها ، بل تستند علي حماس مفتول العضلات بلا تجارب أو خبرات من أجل إثبات الذات المنقوصة خلال فترة المراهقة المْرْهِقَة. ولكن تبقي الحقيقة المُرْةَ وهي أن من بين أهم الأسباب فيما آلت إليه أمورنا من إختلاط المفاهيم والقيم التربوية لدي أجيالا أصبحت تعج بالعجب العجاب من سلوكيات مشوهه ومعكوسة ، هو غياب الرقابة علي تلك الصناعة بوجه عام ، صناعة الإعلام ، وأوجه في النهاية سؤالا كبيرا للمسئولين عنها - ألا يجذب إنتباهكم ما وصل إليه أبنائكم أنفسهم من تغييب ، مقابل قناعاتكم التامة بمكاسبكم المادية الزائلة ؟ ، ألا تدركون أنكم تسببتم في تشويش رؤية أجيال وأجيال ! ، أصبحت تري السفاهة والتلاعب بالألفاظ تحررا ، وعدم إحترام الآخر والكبير هو حق أصيل بلا قيود مجتمعية أو أخلاقية ، والباقية تأتي .
أضف تعليق

تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2