كتب: خالد عبد الحميد
أثارت تصريحات فضيلة الإمام الكبر الشيخ أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، حول مسألة تعدد الزوجات، ضجة في الشارع المصري، حيث استنكرها بعض المتشددين واصفين إياها بأنها ليست من الدين، فيما رحب بها علماء الأزهر الشريف.
فقد أصدر الأزهر بيانا توضيحا، بسبب تصريحات الإمام الأكبر أحمد الطيب بشأن تعدد الزوجات، على القناة الفضائية المصرية.
وقال المركز الإعلامي للأزهر عبر صفحته الرسمية، إن حديث شيخ الأزهر أحمد الطيب خلال حلقة الجمعة الماضية، انصب على "فوضى التعدد وتفسير الآية المتعلقة بالموضوع، وكيف أنها تقيد هذا التعدد بالعدل بين الزوجات"، كما رد على من يعتبرون أن "تعدد الزوجات هو الأصل".
وسارعت بعض المنابر الإعلامية إلى اعتبار ما قاله الإمام الأكبر بمثابة دعوة إلى حظر تعدد الزوجات، ولم تنتبه هذه القراءة إلى أن الإمام الأكبر ناقش قضية متشعبة من عدة جوانب، ولم يصدر دعوة إلى الإلغاء بل أشار إلى ظروف التعدد.
وأوضح المركز، أن الإمام الأكبر "لم يتطرق مطلقا إلى تحريم أو حظر تعدد الزوجات، بل سبق له أن قال، خلال كلمته أمام مؤتمر الإفتاء العالمي، في أكتوبر 2016، إنه لا يدعو إلى تشريعات تلغي حق التعدد".
وقال الإمام الأكبر حينها "أرفض أي تشريع يصدم أو يهدم تشريعات القرآن الكريم أو السنة المطهرة، أو يمسهما من قريب أو بعيد، وذلك كي أقطع الطريق على المزايدين والمتصيدين كلمة هنا أو هناك، يقطعونها عن سياقِها، ليتربحوا بها ويتكسبوا من ورائها".
وأورد في كلمته "لكني أتساءل: ما الذي يحمل المسلم الفقير المعوز على أن يتزوج بثانية - مثلا - ويترك الأولى بأولادها وبناتِها تعاني الفقر والضياع، ولا يجد في صدره حرجا يرده عن التعسف في استعمال هذا الحق الشرعي، والخروج به عن مقاصده ومآلاته؟!".
وتابع البيان: "انصب حديث فضيلته، خلال حلقة الجمعة، على فوضى التعدد وتفسير الآية الكريمة المتعلقة بالموضوع، وكيف أنها تقيد هذا التعدد بالعدل بين الزوجات، كما رد فضيلته على الذين يعتبرون أن تعدد الزوجات هو الأصل".
وكان شيخ الأزهر قال إن تعدد الزوجات "ظلم للمرأة"، وأضاف: "من يقولون إن الأصل في الزواج هو التعدد مخطئون، وعلى مسؤوليتي الكاملة، فإن الأصل في القرآن هو فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة".
وأوضح الطيب أن مسألة تعدد الزوجات "تشهد ظلما للمرأة وللأبناء في كثير من الأحيان، لذا علينا أن نقرأ الآية التي وردت فيها مسألة تعدد الزوجات بشكل كامل، فالبعض يقرأ مثنى وثلاث ورباع، وهذا جزء من الآية وليس الآية كاملة، فهناك ما قبلها وما بعدها".
وتساءل الطيب: "هل المسلم حر في أن يتزوج على زوجته؟ أم أن هذه الحرية مقيدة بقيود واشتراطات؟ فالتعدد حق مقيد، ويمكن أن نقول إنه رخصة، والرخصة لا بد لها من سبب"، مضيفا أن "التعدد مشروط بالعدل وإذا لم يوجد العدل فالتعدد محرم بل إن الظلم أو الضرر يحرم التعدد".
وقال: "أولى قضايا التراث التي تحتاج إلى تجديد هي قضايا المرأة، لأن المرأة هي نصف المجتمع، وعدم الاهتمام بها يجعلنا كما لو كنا نمشي على ساق واحدة".
وفى نفس السياق ولقي موقف الطيب، ترحيبًا من المجلس القومي للمرأة، حيث أعربت مايا مرسي رئيس المجلس، عن شكرها لشيخ الأزهر على تصريحاته، لافتة إلى أن فضيلته أشار إلى أولى قضايا التراث التي تحتاج إلى تجديد، خاصة أن المرأة هي نصف المجتمع، ولايوجد تشريع أو نظام توقف واهتم بقضية ظلم المرأة مثلما توقف القران الكريم ، وأن من يقولون أن الأصل في الزواج هو التعدد مخطئون.
وأشادت مرسي، بتفسير فضيلة الإمام الأكبر لآية تعدد الزوجات والذي أكد خلاله بأن هذا الحق مقيد وأنه رخصة وتحتاج إلى سبب، ومشروط بالعدل بين الأزواج، وهذا ليس متروك للتجربة.
وأشار الدكتور عبد المنعم فؤاد، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، أن ما ذكره شيخ الأزهر، هو تفسير للنص القرآني بما يعرف بالاستنباط لحل مشكلات مجتمعية قائمة نشبت نتيجة الفهم الخاطئ للتعدد خلال الفترة الماضية، وما نتج عن ذلك من آثار سلبية، منوهًا إلى أن شيخ الأزهر لا يستطيع أن يحلل حرامًا، أو يحرم حلالًا.
وأضاف فؤاد، أن من لم يصل إليه الفهم الصحيح لما ذكره وما يقصده الإمام الطيب، فعليه أن يعيد قراءة ما ذكره، والإمام الطيب يسعى لإظهار معاني النص القرآني بما يتواكب مع مشكلات العصر والعمل على حلها.
وتابع أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر: "يجب النظر بإنصاف في قضية تعدد الزوجات، فالمرأة ليست نصف المجتمع فقط، وإنما من وجهة نظري هي المجتمع بأكمله، فالبيوت الآن على شفا حفرة من النار، وازدياد معدل الطلاق بات يهدد الآلاف من الأسر، ولذلك، يجب على كل إنسان أن يحترم الشرع ولا يفسره تبعًا لأهوائه الشخصية، أما الذين يعترضون، فيقولون إن البعض له ظروف خاصة يجب احترامها، ولكن لاينبغي أن يكون ذلك على حساب الشرع".
من جانبه، قال الدكتور سعيد عامر الأمين العام المساعد للدعوة بالأزهر الشريف، إن جمهور العلماء يرى أن الزواج سنة مؤكدة وليس واجبًا، والدليل حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج"، وهذا للندب بدليل قول الله تعالى "فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة"، مشيرًا إلى أن تعدد الزواج ليس الأصل في الإسلام.
[embed]https://youtu.be/izj0iK7ManA[/embed]