كيف نكافح الفقر؟!.. ونعيد المعادلة المفقودة للطبقات الاجتماعية ؟!

كيف نكافح الفقر؟!.. ونعيد المعادلة المفقودة للطبقات الاجتماعية ؟! كيف نكافح الفقر؟!.. ونعيد المعادلة المفقودة للطبقات الاجتماعية ؟!  

*سلايد رئيسى3-3-2019 | 21:41

د. أحمد سليمان: الفقر من أكبر التحديات التى تواجه الدولة

د. رشدى صالح: الفقراء 30 مليون بنسبة 27% من المواطنين

د. علاء رزق: مصر تستغل 9 ملايين فدان.. ولديها 245 مليون فدان خالية تنتظرها خطة التنمية

اللواء خيري بركات: عشرات البرامج تنتجها الدولة لدعم الفقراء، وعدد الفقراء سينخفض إلى النصف بنهاية عام 2020

كتب: محيى عبدالغني

الفقر أحد العوائق الأساسية أمام تحقيق تنمية شاملة ومستدامة، ويولد بيئة خصبة للإنحلال والتطرف، وهو ما يهدد السلام والاستقرار الاجتماعى والأمنى.. والشخص الفقير يكون عرضة للتأثر بالأزمات والاضطرابات الاقتصادية والنفسية نتيجة عدم قدرته على التعامل مع الأزمات المادية وغير المادية.

لذلك حرصت الدولة بكافة مؤسساتها وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسى للاشتباك مع هذه الظاهرة، واقتحامها بقوة من خلال عدد من المشاريع والمبادرات، والمتابعة الدائمة مع المسئولين فى كافة القطاعات ذات الصلة، وتخصيص هذا العام للعمل على توفير حياة كريمة للفئات الأكثر احتياجا، مع دعوة المجتمع المدنى ليتحمل نصيبه من هذه المشكلة التى تضغط على أعصاب المجتمع.

وفى هذا التحقيق تفتح "دار المعارف" الملف وتناقش الخبراء فى انتشار ظاهرة الفقر.. وكذلك تبحث عن الحلول كما يراها هؤلاء الخبراء.

الأرقام

يوضح د. أحمد سليمان مدرس الإحصاء بمعهد التخطيط القومى أن هناك اتجاهًا تصاعديًا لنسبة الفقر بمصر خلال 15 عامًا مضت، حيث ارتفعت نسبة الفقر إلى 16.7 من عامى 1999 – 2000 ، ثم زادت النسبة إلى 27.7 عام 2015 وهو ما يشير إلى خطورة هذه الظاهرة فى المجتمع المصرى، وازدادت النسبة هذه تأثرًا بالأزمة العالمية عام 2008 وبسبب تباطؤ نمو الاقتصاد العالمى، تراجع معدل النمو الاقتصادى المصرى إلى 4.7 عامى 2008 – 2009، ثم زاد إلى 7% عامى 2006 -2008، وانخفض معدل النمو إلى 2% عامى 2012 – 2013 صاحبه ارتفاع معدل البطالة فوق 13% عامى 2013 ، 2014.

ويتركز الفقر بشكل كبير فى محافظات الوجه القبلى ونسبة الفقر مثلا فى محافظى أسيوط وسوهاج وصلت إلى 66 %.. بينما نسبة الفقر فى القاهرة تصل إلى 18  % .

وأكد سليمان أن مشكلة الفقر أكبر التحديات التى تواجه الدولة، موضحا أنه إزاء هذا التحدى أطلقت الحكومة برنامج رفع كفاءة منظومة الدعم والحماية الاجتماعية وتطوير الخدمات العامة.

واستهدف برنامج الحكومة الوصول إلى 1.5 مليون أسرة خلال عام 2018 بالإضافة إلى برنامج الإسكان الاجتماعى، وتطوير المناطق العشوائية وغيرها من البرامج التى تركز فيها الحكومة على رفع كفاءة منظومة الحماية الاجتماعية وتمكين الأسر الفقيرة والمهمشة خلال هذه الفترة من حياة كريمة بالدعم النقدى لهذه الأسر.

وبالرغم من هذه الجهود الحكومية الملموسة فإنها لم تحقق أهدافها، وذلك للتركيز على النمو وليست التنمية.

وتأتى سياسات الإصلاح الاقتصادى فى خفض الدعم عن بعض الخدمات مثل الطاقة والمياه، والارتفاع  فى معدلات التضخم، و وجود فجوات جغرافية نتيجة التهميش التى تعانى منها بعض المناطق الريفية فى مصر، وتراجع الانفاق الاجتماعى من قبل الدولة، وكذلك انتشار الفساد، أدى إلى إهدار الموارد المادية والبشرية، وتأثر العدالة الاجتماعية.

الدخول

ويواصل د. أحمد سليمان حديثه بالقول إنه للحد من ظاهرة الفقر لا بد من الحد من التفاوت فى مستوى الدخل فى مصر بايجاد حد أدنى وأقصى للأجور، مع ربط الحافز بالإنتاجية.

ووضع السياسات والضوابط للحد من التحيز الطبقى والنوعى فى التشغيل ومحاربة المحسوبية والرشوة بكافة أشكالها، ووضع برامج خاصة لتنمية المناطق الفقيرة والمهشمة، خاصة المناطق الريفية، وذلك مستوى معيشة المواطنين فى هذه المناطق مع تحديد أولويات التنمية فى هذه المناطق.

وإصلاح النظام القريب من خلال تطبيق سياسة الضرائب التصاعدية، لكى يتحمل أصحاب الدخول الأكبر الجزء الأكبر من الأعباء الضريبية.

تطوير التشريعات والقوانين الخاصة بالعدالة الاجتماعية مثل قوانين الضمان الاجتماعى وقانون الجمعيات الأهلية وقانون التأمينات الاجتماعية وقانون ذوى الإعاقة.

وبالنسبة لبرامج الحماية الاجتماعية وشبكات الأمان فيجب التوسع فيها لإحتواء ظاهرة الفقر، بشرط استمرار هذه البرامج في حالة تغيير الحكومات.

قاعدة بيانات

ويطالب د. أحمد سليمان بإنشاء قاعدة بيانات وثيقة للمستحقين لهذه البرامج، وتحديثها بصفة دورية حتى يمكن تنقيتها من معاقل الفساد والتلاعب حتى تصل إلى مستحيقها، مع التنسيق الكامل مع المنظمات الخيرية ومنظمات المجتمع المدنى لتحقيق الاستفادة القصوى وعدم إهدار هذه الموارد، مد شبكة التأمين الصحى لتسجيل كافة الفئات الفقيرة خاصة كبار السن والمرأة العاملة وذوى الاحتياجات الخاصة، وإعفاء الأسر الفقيرة من الرسوم الدراسة لتشجيعهم على الالتحاق بالمدارس، والقضاء على ظاهرة التسرب من التعليم.

وينهى سليمان حديثه بضرورة زيادة الانفاق العام على مشروعات البنية التحتية، توجيه الاستثمارات العامة نحو مشروعات كثيفة العمالة.. دعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر.. وتطوير الخدمات الصحية وتطوير البنية التحتية للمستشفيات العامة والمراكز الصحية.. تطوير الخدمات التعليمية بالمناطق الفقيرة، اشتراك الفقراء فى خطط وبرامج التنمية.

تعريف الفقر

يشير د. رشدى صالح أستاذ اقتصاد بجامعة الإسكندرية إلى التعريف التقليدى للفقر بالشخص الفقير المدقع وهو من يقل دخله عن  دولارين فى اليوم.

أما التعريف الحديث للفقر هو الشخص الذى لا يتمتع بكافة الخدمات الضرورية. وحسب البيانات الرسمية فأن عدد الفقراء يصل إلى 27% مما يعني وجود حوالى 30 مليون فقير والسبب فى ذلك انخفاض دخل الأفراد نتيجة سوء إدارة الموارد العامة للدولة وغياب العدالة الاجتماعية.

 ومن أسباب تدنى الدخل انخفاض مستوى التعليم الذى لا يواكب المستويات العالمية ولا يلبى طلبات سوق العمل.. وكذلك عدم وجود برامج لإحلال السلع الزراعية والصناعية المحلية محل المستوردة، والتى يجب الاستغناء عنها بسلع وطنية تنتج داخل البلاد.. ولن يأتي ذلك إلا بوجود قاعدة زراعية صناعية.

ويواصل د. رشدى صالح حديثه أن لدينا ضعفًا فى الصادرات بمختلف أنواعها، وتراجع معدلات السياحة، وتراجع الاستثمارات المحلية والأجنبية.. بالإضافة إلى تغول البيروقراطية التى تعوق الاستثمار، ووجود الفساد الإدارى والمالى.

حل المشكلة

ولحل مشكلة الفقر لابد من التركيز على القطاعات الإنتاجية بدلًا من الاعتماد على قطاع العقارات والسياحة فقط.. ثم الاهتمام بوضع استراتيجية شاملة تساعد على التوسع فى الإنتاج الصناعى والإنتاج الزراعى ثم تحقيق الاكتفاء الذاتى من هذه السلع والاتجاه إلى التصدير، وترشيد استخدام الموارد البشرية.

 ويطالب د. رشدى بالتركيز على التنمية المستدامة.. والتى تشمل 17 قطاعًا منها البنية التحتية والتنمية البشرية ورفع مستويات التعليم والصحة.. والحفاظ على حقوق الأجيال القادمة من الثروات المادية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، مضيفا أن برنامج التنمية المستدامة الذي أقرته الأمم المتحدة، وحددت بنوده فإن مصر قد وافقت عليه، والمطلوب الآن تفعيله لتحقيق التنمية الشاملة للقضاء على ظاهرة الفقر.

الشباب

ويؤكد د. علاء رزق رئيس المنتدى الاستراتيجى للتنمية أن ظاهرة الفقر مرتبطة بأسباب كثيرة منها ارتفاع نسبة الشباب فوق 60% من تعداد السكان، وهذا يدعو الحكومة إلى البحث عن حلول خارج الصندوق.

ويضيف رزق أنه إذا كانت مصر دولة غنية بشبابها وقواها البشرية الشابة، فلابد من إيجاد فرص عمل لهؤلاء الشباب، وهناك فرص عمل مباشرة تتمثل فى العاملين بالجهاز الإدارى للدولة، فخلال مدة تترواح من 5 إلى 10 سنوات سيقل عدد العاملين بالجهاز الإدارى للدولة إلى النصف فبذلك ستقل فرص العمل المباشرة.. وليس أمامنا إلا إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية لخلق مشروعات كثيفة العمالة.

يطالب أيضا رزق بإعادة العلاقة المتزنة بين الدولة ورجال الأعمال والمستثمرين المصريين، بحيث تخفض الدولة من اقتراضها من البنوك الوطنية، حتى تقلل من عجز الميزانية، وعدم مزاحمة البنوك فى عمليات الاقتراض، مضيفا أنه مطلوب إعادة جدولة الديون المستحقة على المصانع المتوقفة عن الإنتاج ويقدر عددها بالآلاف، حتى يمكن لهذه المصانع المغلقة أن تعيد آلاف العمال إليها للحد من نسبة البطالة.

وبالنسبة للمساحة الإجمالية المستغلة فإن مصر تستفيد بنسبة 5.2 من مساحة 9 ملايين فدان.. وتبقى لدينا 245 مليون فدان لم تستغل.. وهى نسبة كبيرة يمكن إذا تم استغلالها بشكل أمثل تحقق معدلات عالية للتنمية.

وعلى هذا الأساس مطلوب من أجهزة الدولة الفنية توجيه الشباب إلى إقامة مشروعات زراعية وصناعية، خاصة إذا علمنا أننا نستورد أكثر من 75% ممن الاحتياجات الغذائية والكسائية، وهذه السلع تسبب استنزاف العملة الأجنبية وينتج عنها فجوة تصل إلى 40 مليار دولار تذهب خارج البلاد.

ويطالب رزق المسئولين بإتاحة تملك الأرض بمختلف استخداماتها للمواطنين حتى يمكن إيجاد مناخ جاذب للاستثمار المحلى والأجنبى، مؤكدا أنه للقضاء على ظاهرة الفقر يجب عودة الطبقة الوسطى مرة أخرى، لأن الواقع يقول إنه توجد فى مصر الآن طبقة غنية وأخرى فقيرة، والمعادلة كالآتى:

 أن تكون الطبقة الغنية 1% والوسطى 96% و الفقيرة 3%.. وهذه المعادلة لن تتحقق إلا بوجود استراتيجية شاملة تعظم قاعدة الإنتاج وتقلل من الاستيراد وتدير الموارد الطبيعية والبشرية بشفافية وفقًا لميزان العدالة الاجتماعية، وعدم تهميش أى طبقة وإتاحة الفرصة للجميع للعمل والإنتاج.

الدولة

وفى النهاية يقول اللواء خيري بركات رئيس الجهاز المركزى للإحصاء: إن الاستراتيجية الوطنية للدولة تستهدف تخفيض نسبة الفقر وتحقيق التنمية المستدامة وتخفيض النسبة إلى النصف بنهاية عام 2020.

والقضاء على الفقر نهائيًا بحلول عام 2030 وذلك من خلال برنامج الدعم النقدى المشروط لبرنامج (تكافل وكرامة).. والذى يقدم دعمًا نقديًا للأسر الفقيرة فى مجالات التعليم والصحة والغذاء.. وبلغ عدد المستفيدين من البرنامج حوالى 2 مليون و250 ألف أسرة حتى شهر سبتمبر عام 2018 فى كل المحافظات.. وبالنسبة لبرنامج دعم السلع التموينية فإن الدعم الشهرى زاد إلى 50 جنيهًا للفرد وتم تطبيق منظومة الخبز المدعم فى 27 محافظة وتخصيص 150 رغيفًا لكل مواطن شهريًا، ويستفيد من منظومة دعم الخبز 19 مليون أسرة.

أما برنامج "الألف يوم الأولى فى حياة الطفل" فتستفيد منه 16 ألف سيدة من برنامج تكافل وكرامة فى 10 محافظات بالصعيد.

ويواصل بركات حديثه قائلا إن برنامج "سكن كريم" يستهدف أفقر 5 محافظات بمصر، وهى التى تعانى من عدم وجود مياه شرب وصرف صحى ورفع كفاءة المنازل وتستفيد منه حوالى 14 ألف أسرة.. وهناك برنامج "التمكين الاقتصادى والأحكام بالمرأة"، من خلال تمويل مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر من خلال "مشروع مستورة" وعدد المشاريع به 12 ألف مشروع بتكلفة 192 مليون جنيه.

وينهى بركات حديثه هناك عديد من المشروعات الخدمية والتجارية التى تنفذها الدولة وعددها 5365 مشروعًا بتكلفة 86 مليون جنيه.. ثم مشروعات الإنتاج الحيوانى بحوالى 4585 مشروعًا بتكلفة 81 مليون جنيه.. ثم المشروعات الصناعية وعددها 477 مشروعًا بتكلفة 7 ملايين جنيه .

أضف تعليق