بلا مزيد من الخيبات ... هل تستحق روايتك أن تشاهدها فيلما؟

بلا مزيد من الخيبات ... هل تستحق روايتك أن تشاهدها فيلما؟بلا مزيد من الخيبات ... هل تستحق روايتك أن تشاهدها فيلما؟

*سلايد رئيسى11-4-2017 | 01:06

كتب: الربيع الرحيمة إسماعيل*

إن الشعر، الروايات، العزف والموسيقى، ما هي إلا بكاء الروح الإنسانية التي تحاول فهم ذاتها ؛ بإضفاء حس إلى عالمنا.

_إ.م . إليوت

إن ظاهرة تجسيد الرواية في فيلم سينمائي ليست بالأمر الحديث، إذ بدأت الظاهرة منذ ستينيات القرن الماضي، ويشكو الكثير ممن يقرأون بعض الأعمال المتميزة من الخيبة عند مشاهدتها في فيلم سنمائي، ومع أن جودة الفيلم لها أبعاد من حيثية الإخراج والمونتاج والتصميم الفني وكل عناصر الفيلم، إلا أنه يظل نوع الرواية العامل الأكبر في نجاح الفيلم أو عدم قبوله لذا سأشاركك أنواع الرواية من حيث السرد والوصف لعلك بعد معرفتها تحدد ما إن كان فيلمها يستحق المشاهدة أم سيكون إمتدادا للخيبات.

الروايات عموما نوعان من حيث السرد بغض النظر عن المجال، النوع الأول تكون فيه الرواية مغدقة بالكلمات والوصف الخلاب لأبطالها، هذا النوع الذي تسافر فيه إلى عوالم أخرى غير عالمك الواقعي وتكوّن فيه صداقات مع إناس خارج محيطك، هذا النوع بالذات في حالة ترجمته إلى فيلم يصاب معه القارئ بالخيبة من تلك الخيالات التي رسمها أثناء قرائته، وتتضاعف خيبته في أبطالها الذين رسمهم بريشته على أبهى صورة ثم تفاجأ بالممثلة الفلانية المعروفة قد شغلت دور البطلة، ولك في النموذج التالي مثالا حيث يصف الكاتب حجي جابر بطلة روايته الجميلة " مرسى فاطمة " فيقول عنها : " سلمى تميل إلى الطول، سمرتها صافية وشعرها أسود كثيف، على تخوم شفتها العليا شامة خفيفة ولديها لثغة ساحرة في الراء، عيناها لؤلؤتان لا تمل وفي القلب منها حدائق لوز، جبينها لا يكف يحكي بشغف قصة ضياع العشاق، وعلى خديها خطت حمائم الغرام وقد أنهت أطول الهجرات، يداها وطن دفء ينهي صقيع اغترابي، وعلى صدرها تنام الأمنيات غير عابئة بالمستحيل، ومن ضحكتها الصافية تجري ينابيع البهجة، ولحضورها ألق يصبغ الزمان والمكان ويحيل لحظاتنا إلى ذاكرة عصية على الزمن، حين تأتي لا يعود كل شئ كما كان!" -إنتهى!

إن سلمى هذه لها أن تتكدس في مخيلة كاتبنا وقارئه فقط، أما أن تجسد في فيلم فهي خيبة لا مفر منها لكلاهم، اللهم إلا إن كان المشاهد لم يقرأ الرواية، فإن كانت روايتك عزيزي القارئ من هذا النوع المغدق بالخيال، والمتمرد على واقع الطرح الروائي ؛ فلك ان تعدل عن مشاهدة فيلمها واكتفي بالفلم الخاص بك الذي كونته عنها .

و إمتدادا لذات النوع تأتي بعض الروايات متشابكة الأحداث ومكتظة بالأشخاص مما يضطر المنتج لحذف الكثير من المشاهد وبالتالي يأتي الفيلم وكأنه تلخيص لأهم أجزاء الرواية ؛ ألفيت هذا النوع عندما قرأت رواية "المستحيل" للدكتور/ مصطفى محمود، ثم توجهت متحمسا لمشاهدة فيلمها الأبيض بالأسود ؛ فكانت الخيبة حليفي .

أما النوع الآخر الذي لا بأس بمشاهدته، فهذا النوع الذي لا يكون لوصف الأشخاص عليه سلطانا ولا حتى الكلمات الرزينة، بقدر ما يكون إهتمام الكاتب بالسرد ووصف الحركات فقط، ونموذج بسيط على ذلك عد معي إلى الماضي قليلا لـ"سلسلة رجل المستحيل" وكيف كان يهتم الكاتب د.نبيل فاروق بوصف حركات "أدهم صبري " بطل الرواية، والنماذج كثيرة، وذكري لهذا النموزج لا يعني أنني أقصد روايات الأكشن والحركة فقط وإنما الفئات الأخرى كذلك .

فقط ما يهم هو معرفة نوع روايتك قبل إتخاذ قرار مشاهدة الفيلم الخاص بها .

و بالأخير تذكر عزيزي القارئ أن الإكتفاء بالفيلم الذي رسمته في مخيلتك قد يكون الخيار الأمثل من بين تلك الخيارات، إذ لطالما غصت مع الكاتب وأبطاله في عالمهم الخاص، فلما تدع 'كريستوفر نولان' أو 'يوسف شاهين' أو أي مخرج آخر بتعديل تلك المشاهد نيابة عنك ؟

* كاتب المقال:

سودانى الجنسية – يدرس بكلية الهندسة قسم الاتصالات – بجامعة جواهر لال نهرو التكنولولجية – بالهند … مهتم بقضــايا الفكر والثقافة. ويسعى لإيقاد شعلة النهضـة فى أمته بسلاح القلم ونور المعـرفة كما يقول فى تعريفه لنفسه.

أضف تعليق

المنصات الرقمية و حرب تدمير الهوية

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2