كتب: محمود مناع
عند الحديث عن إسرائيل دائما أحاول أن أكون موضوعيا قدر ما استطيع ولكنى أجد نفسى مضطرا إلى أن أبدا حديثى عن هذا الكيان الذى أراه عنصريا وقائما على التوسع والهيمنة والمساندة من رجال المال والأعمال، والقصد عمالقه النهب المنظم من اليهود الصهاينة الذين يسيطرون على العالم فيما يعرف بظاهرة اقتصاد الأفراد ..ويستطيعون تحريك سياسات الدول والقرار الدولى أيضا.
كان الكيان الصهيونى واضحا منذ نشأته الإستيطانية فى تبنى أسلوبا يضمن له علاقات طيبة مع دول القارة الأفريقية و تقتضى الموضوعية هنا أن نشير إلى نجاح تلك الأساليب فى الوصول إلى عمق القارة والمطالب الآن من جانب هذا الكيان (دولة اسرائيل) وصلت إلى حد أن تصبح عضوا مراقب بالاتحاد الأفريقى هذه العضوية التى تبحث عنها لها أهداف أهمها الإقتراب من عملية صناعة القرار فى هذا التنظيم القارى الجامع ويوما ما سيحقق مايريد قريبا وقريبا جدا ويمثل ذلك نجاحا كبيرا للوصول إلى أهدافه التى تتحقق رويدا رويدا !
البداية....
كانت قبل نشأة الدولة ذاتها مع المؤتمر الأولg لحركة الصهيونية فى بازل فى سويسرا حيث تم طرح أوغندا لتكون وطنا لليهود ومعه خيار دولة فلسطين.. وقد كانت الأطروحات على واقع تتناسب مع أحلام الرواد بالإقتراب من منابع النيل مع التحفظ الشديد على لفظ الرواد لأنه قد يعكس دلالات لا أقصدها مطلقا والقصد الرعيل الأول من دعاة الإستيطان والعنصرية والسلب والنهب هنا ظهرت أحلامهم فى المياه وتحقيقها عبر نهر النيل.... التى تعتبر وسيلة بقاء فى أدبياتهم.
ومع بدايه استقلال الدول الأفريقية وإنضمامها للأمم المتحدة ظهرت الحاجة إلى الأصوات الأفريقية وكسر العزلة الدولية عليها على الرغم من المساندة الأمريكية.. ومع المدركات المتعلقة بنهر النيل وتحقيق حلم إسرائيل الكبرى عمدت إلى خلق تحالف مع دول القارة لكسر العزلة والحيلولة دون وجود تحالف مع العرب.. لذلك كان الإرتكان إلى تدعيم المدركات الأفريقية نحو العرب بوصفهم تجار رقيق استعبدوا الأفارقة وبغض النظر عن محض ذلك فإن المسألة وقياسها يتم على واقع النجاح وفى رأيى أنهم أصابوا أهدافا كثيرة أراها أهدافا لها تداعياتها علينا نحن العرب ومصر والسودان على وجه الخصوص، على اعتبار التأثر سلبا من التقارب الأثيوبى الإسرائيلى وإن كانت السودان ترى غير ذلك الآن والقصد وصول العلاقات بينها وبين أثيوبيا لدرجة التحالف (السودان لها كامل الحرية فى التعاطى مع هذا الملف بوصفها دولة ذات سيادة) ولكن هذا هو واقع الحال
. ومع المساندة من جانب فرنسا وبريطانيا داخل مستعمراتها استطاعت إسرائيل التواجد فى دول القارة عقب الاستقلال وتحولت القنصليات إلى سفارات والأهم حدوث تقارب فعلى فى الأهداف وكذلك المدركات التى قامت على كراهية العرب بوصفهم أحفاد تجار الرقيق !!
وقد تعددت وسائل الدخول للقارة منها الوصول لجماعات بعينها مثل" الدنكا" فى جنوب السودان و "الأمهرا" فى أثيوبيا تحت راية العنصرية وروايات شعب الله المختار... وكذلك تعظيم العلاقات مع النخب الحاكمة وكذلك كانت هناك مداخل أخرى منها الاقتصادية التى تشتمل على العديد من الأدوات منها المساعدات والمشاريع المشتركة والتوغل من خلال الشركات متعددة الجنسيات العابرة للحدود وأيضاً اشتملت العلاقات على الجوانب العسكرية وتقديم كافة المعونات العسكرية والتدريب وتتواجد دائما فى أماكن استراتيجية مثل كينيا وأثيوبيا وغانا ودول أخرى من أجل الوصول إلى الأهداف التى تحاول الوصول إليها. وبمعيار الموضوعية نجحت فى ذلك ونحن ما زلنا هنا نتكلم فى حديث المؤامرة تلك الكلمة التى تعكس ألف معنى ويزيد فى السياسة.
لذلك لم يكن مستغربا رفع راية إسرائيل فى كأس العالم من خلال لاعب غانا الذى تربى فى معسكراتهم فى القارة
فإسرائيل دائما ما تخطط وتسعى لتحقيق ما تخطط... تسعى وراء حلم إسرائيل الكبرى... تسعى وتريد مياه نهر النيل لديها علاقات تصل إلى درجة التحالف مع كينيا وأثيوبيا وتتقارب بشكل فعال مع دول الشرق الأفريقى ودول منابع النيل وتحاول تحقيق مصالحها التى تتعارض مع مصالحنا المصيرية.. وقريبا كان نيتنياهو فى زيارة لدول منابع النيل وخرجت البيانات الرسمية تؤكد على عمق الروابط بين إسرائيل وأفريقيا.
والخلاصة أن إسرائيل أصبحت تمتلك خصوصية وعمقا فى العلاقات مع القارة الأفريقية ومازالت تحافظ عل ذلك وتخطط لما هو أكبر وأعمق وليس خافيا على أحد وجودها فى إثيوبيا وجنوب السودان ومناطق أخرى.
ورسالتى لصانع القرار المصرى كالعادة إدراك أهمية وتداعيات ذلك على المصالح المصرية لأننا تركنا القارة منذ أمد بعيد وأصبحت الصورة ليست كالأمس... وأُطالب بمفوضية عليا لإدارة العلاقات مع القارة تكون لها فاعلية على أساس الفهم الكامل لطبيعة القارة ووزنها فى العلاقات الدولية حتى نبدأ رحلة العودة الحقيقية للقارة بعيدا عن النمطية والتقارب عند الحاجة والتعالى غير المبرر... وكذلك محاولة عودة التاثير المصرى فى القارة وأُطالب بذلك اليوم قبل غدا وإن كنت ألمح بداية لذلك من خلال رؤية مختلفة وزيارات على مستوى القمة أتمنى رؤية نتائجها قريبا لأن أفريقيا الآن هى المستقبل ودائرة لها أولوية كبرى فى دوائر السياسة الخارجية المصرية.
وفى النهاية لابد من اليقظة التامة لأن مصالحنا المصيرية لاتقبل الغفلة والنمطية لأنها مصالح بقاء... والوقت يداهمنا.