إسماعيل منتصر يكتب « خواطر حرة جدًا»: إخوان لكن ظرفاء

إسماعيل منتصر يكتب « خواطر حرة جدًا»: إخوان لكن ظرفاءإسماعيل منتصر يكتب « خواطر حرة جدًا»: إخوان لكن ظرفاء

*سلايد رئيسى20-3-2019 | 18:08

ليلة الأربعاء الماضى جفانى النوم.. ليس على طريقة أم كلثوم، التى غنت من ألحانها وكلمات أحمد رامى: " على عينى الهجر ده منى.. ده بعادك كان غصب عنى.. حبينك ورضيت باللوم.. وجفانى وجفيته النوم!".. ولا على طريقة المطربة اللبنانية مريام فارس التى غنت تقول: " جفانى النوم وأنت بعيد عنى.. حبيبى بس لا تخيب لى ظنى!"
 وإنما جفانى النوم، لأسباب أخرى.. فقد ارتفعت أصوات الصفافير تصم الآذان وأيقظ صوت الدق على الأوانى النائمين والموتى.. وانطلقت المظاهرات الهادرة فى حوارى وشوارع وأزقة القاهرة تهتف بأعلى صوت: اطمن أنت مش لوحدك.
وبالطبع ليس مطلوبا من القارئ أن يصدق هذا الكلام الفارغ وإنما أردت فقط أن أوضح الكذبة التى تحاول قنوات الإخوان تسويقها والوهم الذى يعيشون فيه ويريدون أن يغرقونا فيه.
المفارقة أن القاهرة وباقى المدن المصرية عاشت ليلة هادئة أكثر من أى ليلة بسبب العواصف الترابية التى أرغمت الناس على البقاء داخل منازلهم والاحتماء بها.
وعلى أية حال وتطبيقا لنظرية ما حك جلدك مثل ظفرك فقد قمت بنفسى باستقصاء الحقيقة فاتصلت بمعارفى وأصدقائى وأقاربى فى العديد من المناطق والأحياء والمدن.. وقد شملت دائرة اتصالاتى مناطق المهندسين، والجيزة، والهرم، وشارع فيصل، ومنطقة مساكن شيراتون، والمعادى، وشبرا، وأكتوبر، ومصر الجديدة، كما شملت دائرة اتصالاتى مدن بورسعيد والإسكندرية ودمياط ونجع حمادى وأسوان.. وجاءت النتائج سلبية تمامًا فلم يسمع واحدًا من الذين اتصلت بهم صوت صفارة أو ضجيجًا صادر من الطرق على أوانى المطبخ.. ولا صوت ولا حرف.
والحملة التى أطلقتها القنوات الإخوانية لمن لم يسمع عنها تدعو المصريين للقيام بأعمال احتجاجية بسيطة فى توقيت واحد.. إطلاق صفارة.. الطرق على أوانى المطبخ.. إطلاق ألعاب نارية.. الكتابة على الحوائط وغيرها من هذه الأعمال.. والهدف أن يعرف الرافضون للنظام أنهم ليسوا وحدهم وأن هناك كثيرين يشاركونهم هذا الرفض، ومن ثم يطمئنون ويتشجعون ويخرجون فى مظاهرات لإسقاط النظام.
والحملة التى بدأها المذيع المخبول معتز مطر.. لم تجد فى البداية دعمًا من باقى قنوات الإخوان.. وبالمناسبة فإن صفة المخبول التى وصفت بها المذيع الإخوانى ليست من عندى وإنما هو الهارب أيمن نور صاحب قناة الشرق الإخوانية الذى أطلق عليه هذه الصفة.
وذلك على أثر خلاف وقع بينهما أدى إلى غضب أيمن نور فوصف معتز مطر بهذه الصفة ونصحه بالذهاب لطبيب أمراض نفسية وعقلية.
المهم أن معتز مطر بدأ الحملة ولم يجد دعمًا من باقى زملائه فى القنوات الإخوانية.. ثم فجأة يجتمع المتعوس وخايب الرجا.
أصاب السعار كل مذيعى قنوات الإخوان فراحوا جميعا يتحدثون عن الحملة وعن النجاحات المذهلة التى حققتها وعن ملايين المصريين الذين شاركوا فيها.. والأهم إصابة النظام بالخوف والجذع من تنامى الحملة.
والحقيقة أننى أدعو القارئ لمتابعة هذه الحملة فسوف يكتشف أنه يتابع برامج كوميدية بامتياز.. جرب.
جرب وسوف تسمع كل المذيعين يؤكدون أن الحملة نجحت والدليل مئات الفيديوهات التى تصلهم، فإذا تأملت هذه الفيديوهات فسوف تكتشف أن أصحابها قام بتصوير أنفسهم داخل منازلهم وهم يصفرون ويدقون على أوانى المطبخ وهم يفعلون ذلك وهم يرددون عبارة اطمن إنت مش لوحدك.
وتضحك حتى تستلقى على قفاك من الضحك كما يقولون عندما تكتشف أن غالبية هذه الفيديوهات المصورة لأطفال فى سن الحضانة.. ولا يخجل المذيع من أن يقول: حتى الأطفال يكرهون النظام ويسعون للخلاص منه.
ويسأل المذيعون المتصلين بهم هاتفيا عن نجاح الحملة فتسمع إجابات تؤكد أن المذيعين والمتصلين يتحدثون عن مصر أخرى غير مصر التى نعرفها ونعيش فيها، أما ضيوف البرامج فيتنافسون فى التجديد.
سمعت واحد من هؤلاء الضيوف يقول للمذيع: الحملة نجحت والنظام على وشك السقوط.. كلها أيام.. شهر بالكثير، المهم أن نكون مستعدين لما بعد سقوط النظام.
وتصل الكوميديا إلى ذروتها عندما تشاهد الثنائى معتز مطر ومحمد ناصر يقدمان ما يشبه الإعلان الترويجى للحملة.. بالضبط كأنك تتفرج على الشنكحاوى والزعبلاوى.. وينضم للثنائى العالم المصرى عصام حجى الذى جاء من أمريكا إلى تركيا خصيصا ليشارك فى الترويج للحملة، ويؤدى الثلاثة فقرتهم وكأنهم فريق الثلاثى المرح الذى اشتهر فى فترة الستينيات.. وإن كان عصام حجى قد تفوق على نفسه وهو يؤدى هذه الفقرة مثل أى فتاة إعلانات محترفة.
وتضحك أكثر عندما يسأل واحد من الثنائى عصام حجى عن سبب حضوره إلى تركيا فيقول: جئت لأشارك فى حملة اطمن أنت مش لوحدك ولكى أقول للشعب المصرى باسم عشرة ملايين مصرى يعيشون فى الخارج.. اطمنوا كلنا معكم!.. والحقيقة أننى لم أكن أعرف أن عصام حجى حاصل على وكالة المصريين فى الخارج.
ويصل الخبل مداه عندما تسمع المخبول معتز مطر يتحدث عن الفاعلية الجديدة للحملة التى ستهز الدنيا.. اسمع يا سيدى.
اصطحب عائلتك أو أصدقاءك واخرجوا إلى الشارع.. لا تفعلوا أكثر من الفرجة على المحلات واحرصوا ألا يزيد عدد كل مجموعة عن ثلاثة أشخاص.. فإذا استطعت أن تصور بعد ذلك زحام الشارع افعل.. أما إذا لم تستطع فلا يهمك.
وتسأل نفسك وتسأل فيلسوف الغبرا عن الهدف من هذه الفاعلية البلهاء فتسمعه يقول إنت مثل اللاعب المصاب الذى يعود للملاعب ويحتاج للتسخين.
ويثير دهشتك أن حلفاء الإخوان فى الخارج انتقدوا الحملة بشكل لاذع.
عاصم عبدالماجد القيادى بالجماعة الإسلامية يصف الحملة بأنها كلام فارغ وأن الإخوان لايريدون أن يتعلموا.
عمر عبدالهادى الهارب فى تركيا يقول: منكم لله ضحكتوا الدنيا علينا.
ويطرح السؤال نفسه: هل يصدق الإخوان أنفسهم؟.. هل يصدق الإخوان أنفسهم؟.. هل يصدق العاملين فى القنوات الإخوانية هذا الهراء؟
فكرت طويلا فلم أجد إلا تفسيرًا واحدًا.. قنوات الإخوان تمولها قطر وتدعمها تركيا.. ولا بد أن المسئولين فى الدولتين أصابهما اليأس من نجاح القنوات الإخوانية فى تحقيق أى نتائج.. والأموال التى تدفع كثيرة بدون عائد وبدون مكسب وبدون نتيجة.. وقد مر على إنشاء هذه القنوات أكثر من خمس سنوات، لكنها لم تنجح فى أن تتقدم خطوة واحدة نحو الهدف الذى أنشئت من أجله.. إسقاط النظام.
ونحن بعد ذلك أمام احتمالين، فإما أن المسئولين فى الدولتين وجها انتقادات حادة لقنوات الإخوان وهددا بسحب التمويل والدعم.. وإما أن القائمين على القنوات أحسوا بالفشل وخافوا من العواقب.
فى الحالتين جاء التفكير فى هذه الحملة التى هى فى حقيقتها أكبر عملية نصب يمارسها الإخوان.
وأرى المشهد كله بعد ذلك أمام عيناى وكأنه حقيقى.. أردوغان وتميم وقفا أمام نصّاب أمسك بأوراق لعب الكوتشينة وراح يسألهما: فين السنيورة؟.
وليس معنى ذلك كله أننى ضد حملة قنوات الإخوان.. بالعكس فأنا أرى لها فائدة عظيمة.. اصطياد ما تبقى فى الغرفة من فئران.
أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2