كتب: محمد إبراهيم
أقدم سائق توك توك بقرية الدلجمون بمركز كفر الزيات على الانتحار شنقا بعد أن ودع أصدقائه عبر "فيس بوك"، فربط عنقه بحبل معلق بمروحة سقف غرفته ليلا بسبب مروره بأزمة نفسية عقب انفصاله عن زوجته التفاصيل فى السطور القادمة.
جلس "أسامة.ش" الشاب الثلاثينى على سريره وحيدا يفكر كثيرا فيما وصل إليه حاله المتدهور، فزوجته تركه وانفصلت عنه وأخذت ابنتهما معها، والديون تحاصره من كل جانب، والدَيانة يطالبونه بسداد ما عليه، وكلما يطول التفكير يشعر بشلل تام ويمسك هاتفه المحمول ليتصل بمطلقته لكى يسمع صوت ابنته الصغيرة "روميساء" التى تبلغ 5 سنوات، فيجد هاتفها مغلقا فيصيبه الإحباط ويلقى بالهاتف فى الأرض.
يسرح مرة أخرى فى سنوات العمر الفائتة التى عاشها مع زوجته وابنتهما الصغيرة منذ أكثر من 5 سنوات بعد قصة حب طويلة، فظل يتذكر تلك الأيام فى بدايتها، وكيف أن زوجته كانت تهون عليه مصائب الدنيا عند تعرضه لأى أزمة خصوصًا أنه كان يعمل كهربائيا بعد حصوله على شهادة الدبلوم و"يرضى بقليله"، وأنجب "روميساء".
بدأت الأحوال تتبدد وتتغير فترك مهنته وقرر العمل على "توك توك" حتى يستطيع مواجهة أعباء الحياة لكن الحال تدهور أكثر، وبدأت الخلافات تدب بينه وبين زوجته التى تركت المنزل أكثر من مرة وطلبت الطلاق، لكنه كان يرفض ويحاول إقناعها بالعدول عن قرارها فتأبى بشدة وتصر على موقفها حتى رضخ لطلبها ونفذ لها رغبتها، وأنهى كل شىء لكن تظل الابنة هى الخيط الوحيد بينهما.
كان "أسامة" يحاول استغلال ذلك حتى تعود المياه لمجاريها لكن دون جدوى، فشعر أن الحياة أصبحت مظلمة ولا أمل فى العيش بكرامة بعد أن فقد زوجته وبدأت الديون تحاصره، فأصيب بحالة اكتئاب وبدأ تفكيره يتجه نحو التخلص من حياته نهائيا، وبدأ هذا الشعور يسيطر عليه تماماً حتى أنه بدأ يلمح لذلك عبر صفحته على "فيس بوك" فبدت كلماته وتعليقاته تحمل معنى واحدا فقط هو "الإحباط وفقدان الأمل"، وبدأ يضع سيناريو نهاية حياته المأساوية فكتب على صفحته البوست الأخير "عفوا أيها الزمن لم يعد لى مكان بك".
وتابع: "خلاص ماشى وهسيبها بأيدى.. سامحونى يللى عشرتكم غالية عليا ويا ريت تفتكرونى بالخير"، "أموت بكرامتى أفضل بكتير من حبيب يكسرنى".. هكذا قرر أسامة الانسحاب فى هدوء فدخل غرفته وأحضر حبلا سميكا وعلقه ناحية مروحة السقف ولف الطرف الآخر حول رقبته منهيا حياته بشكل مأساوى.
فى الصباح استيقظ الجيران كالعادة وانتظروا خروج أسامة من الشقة لتوصيلهم بـ"التوك توك" لقضاء مصالحهم فقد اعتادوا على ذلك لكنه لم يجيبهم، وبدأ الجيران يشعرون بالقلق خصوصا أن "التوك توك" يقف أمام المنزل، ما يعنى أنه بالداخل فقاموا بطرق باب الشقة كثيرا لكن دون جدوى فزاد قلقهم حتى كسروا باب الشقة بحثا عنه ليجدوا جثته معلقة فى حبل داخل غرفة نومه، وأبلغوا اللواء طارق حسونة مدير أمن الغربية بعثورهم على جثة "أسامة.ش" 31 عاما، سائق "توك توك" داخل غرفة نومه بعد انبعاث رائحة كريهة من الشقة وغيابه عن الأنظار.
وانتقل الرائد هادى سالم رئيس مباحث كفر الزيات ورجال المباحث إلى مكان الواقعة، وبالمعاينة لوحظ وجود حبل يتدلى من مروحة سقف وملفوفا حول رقبة المتوفى فى غرفة نومه، ونقلت الجثة إلى مشرحة المستشفى، وطلبت النيابة سرعة عمل التحريات حول الواقعة وملابساتها، وتبين أن الشاب انتحر لمروره بأزمة نفسية بعد انفصاله عن زوجته، وتحرر محضر بالواقعة وصرحت النيابة بدفن الجثة.