عاطف عبد الغنى يكتب: الرئيس.. ومجلس الدولة

عاطف عبد الغنى يكتب: الرئيس.. ومجلس الدولةعاطف عبد الغنى يكتب: الرئيس.. ومجلس الدولة

*سلايد رئيسى29-3-2019 | 16:02

هل تعلم أن نظام الدولة المصرية يتيح لجهة قضائية أن تتدخل عندما يطلب منها الفصل بين المواطن والسلطة التنفيذية التى هى الحكومة والمؤسسات التابعة لها؟!

إذا لم تكن تعلم فأنا أقصد مجلس الدولة وما يندرج تحته من محكمتى القضاء الإدارى والإدارية العليا، وقسمى الفتوى والتشريع وهى مكونات هذا الكيان القضائى العتيد المنوط به ضبط العلاقة وإرساء الحقوق والواجبات ما بين المواطن والحكومة والذى كثيرًا ما تأتى أحكامه القضائية ضد الحكومة وإذا ما كانت واجبة النفاذ تقول له الحكومة آمين.. وتنفذ قراراته.

(1)

وخلال الأيام القليلة الماضية عادت الأضواء لتسلط من جديد على قضاء مجلس الدولة، وربما كانت البداية مع قرار الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى وجّه فيه الحكومة بسحب الاستشكال على الحُكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 21 فبراير 2019 بشأن العلاوات الخاصة بأصحاب المعاشات، وعرض الأمر على الجمعية العمومية بمجلس الدولة لاستطلاع الرأى فى بيان التسوية وفقًا لمنطوق الحُكم.

هى لا شك لفتة إنسانية رائعة من الرئيس السيسى خاصة وأنها موجهة لفئة من أهالينا يستحقون كل المساندة والعون والمقصودون بالحُكم فى الأساس هم الذين خدموا الحكومة (الموظفين) ومع غلاء الأسعار وفقدانهم لجانب كبير من مواردهم المالية بعد إحالتهم للمعاش وزيادة مصاريف الأدوية والعلاجات المقترنة بكبر العُمر يمكن أن نقدر كيف تعانى هذه الفئة حتى ولو زادت الدولة المعاشات خلال العام الأخير 15%، وحتى لو كلّفت هذه الزيادة خزانة الدولة 24.2 مليار - كما تقول الأرقام الرسمية - فى موازنة تأكل الأجور والمعاشات جانبًا كبيرًا منها.

ماراثون خاضه أصحاب المعاشات فى مجلس الدولة بدأ بحُكم القضاء الإدارى وطعنت عليه وزارة التضامن وهيئة مفوضى الدولة، ثم جاء حُكم الإدارية العليا واستشكلت عليه أيضًا الحكومة، قبل أن يبحث الرئيس ويوقف هذا الماراثون بتوجيهه للحكومة بسحب الاستشكال، وعرض الأمر على الجمعية العمومية لقسمى التشريع والفتوى بمجلس الدولة للوصول إلى قرار قانونى لا يحتمل الخطأ بشأن ضم علاوات أصحاب المعاشات.

ودون مزايدة على قرار الرئيس، أقول لمن يجهدون أنفسهم فى البحث الملتوى عن تفسيرات خبيثة لهذا القرار.. دعوا رحمة ربنا تنزل على الناس، وقولوا لى ماذا سترون فى الآتى.

(2)

ربما بالتزامن أو بعد ساعات من صدور سحب الاستشكال على حُكم علاوات المعاشات، أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمًا بإلغاء رسوم تكرار العُمرة، وتحديد أعداد المعتمرين، ولم تنتظر الحكومة كثيرًا بعد صدور الحُكم، ولم تطعن الحكومة عليه وكانت ترى من قبل فى قرارها المصلحة العامة، ولكن أعلنت الحكومة ممثلة فى وزارة السياحة أنها عازمة على دراسة الحُكم وبحث سُبل تنفيذه وفقًا لما جاء بمنطوقه، ولا تقل لى إن الحكومة تعلمت من درس علاوات المعاشات فهى ليست «مباراة للعناء» بين القضاء والجهة الإدارية الذراع التنفيذية للدولة ولكن كما أسلفنا كل يؤدى دوره ووظيفته المنوط بها، وأيضًا للصالح العام، وإذا أردت أن تتأكد مما أقول أزيدك من البيت شعرًا بهذه الفتوى الصادرة، أيضًا خلال الأسبوع الماضى عن الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة.

والفتوى خاصة بمن يستحق العلاوات التشجيعية، ويبدو أنه قد لجأ للمحكمة متضرر بهذا الشأن وانتهى الأمر لقسمى الفتوى والتشريع بالمحكمة والذى ستأخذ به الإدارية العليا فى حكمها.

وجاء فى الفتوى أن العلاوة التشجيعية لمن تكون تقارير كفايتهم بمرتبة ممتاز عن العامين الآخيرين قبل استحقاقه العلاوة، وزادت أنه يستثنى منها مديرو الإدارات القانونية.

وكان مدير عام الشئون القانونية بالهيئة العامة للأرصاد الجوية قد رفع هذه الدعوى يطلب العلاوة فانتهت فتوى قسمى التشريع والفتوى فى المحكمة للرأى السابق.

(3)

قصة أخرى وأخيرة وحديثة جدًا لحُكم آخر ربما هو أكثر الأحكام التى أسعدتنى وأنا أتابع أخبار مجلس الدولة خلال الأسبوع الماضى.

الحُكم خاص بالطفل محمد كامل ويبلغ من العمر ثلاث سنوات ونصف السنة، وقد امتنعت هيئة التأمين الصحى بمحافظة البحيرة عن إجراء عملية زرع نخاع شوكى للطفل لأنها سوف تتكلف 230 ألف جنيه، فلجأ والد الطفل المريض إلى محكمة القضاء الإدارى بمحافظته ووقف أمام قضاة الدائرة 41 أفراد يشرح لهم حالة طفله، ويؤكد أنه يستحق أن تتكفل هيئة التأمين الصحى بعلاجه لأنه من المنتفعين بالتأمين، وقدم الأب التقارير التى تثبت دعواه ومنها تقرير صادر عن الطبيب المعالج للطفل من الهيئة نفسها.

وصدر قرار المحكمة الأول من نوعه يقضى بإلزام وزير الصحة ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحى ومدير الهيئة بالبحيرة، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبى، وإلزامها بتوفير مبلغ العملية للطفل.

(4)

.. لم أكتب أبدًا مقالاً وأبحث فى نهايته عن رسالة مباشرة للقارئ إلا فى هذا المقال، وما أريد أن أقوله هنا أن حاجات الناس فى مصر محصنة بالقانون وأن الدولة المصرية وفى قمة هرمها الرئيس عبد الفتاح السيسى حريصة على أن يؤدى القضاء وظيفته المنوط بها والتى كفلها الدستور وصانها، كما كفل وصان استقلاله وهو ركن عتيد لا تستقر الدول ولا تصان الأوطان إذا لا قدر الله تهدد إلا به.. وهو فوق ذلك ميزان الله على الأرض.

    أضف تعليق

    رسائل الرئيس للمصريين

    #
    مقال رئيس التحرير
    محــــــــمد أمين
    تسوق مع جوميا

    الاكثر قراءة

    إعلان آراك 2