إسماعيل منتصر يكتب « خواطر حرة جدا »: وجع فى قلب العرب!

إسماعيل منتصر يكتب « خواطر حرة جدا »: وجع فى قلب العرب!إسماعيل منتصر يكتب « خواطر حرة جدا »: وجع فى قلب العرب!

*سلايد رئيسى10-4-2019 | 14:58

أظن أن الرئيس اللبنانى ميشال عون أصاب كل عربى بوجع فى القلب إن كان عند العرب بقية من حياء!

الرئيس اللبانى سافر إلى تونس لحضور القمة العربية.. وعندما استضافه التليفزيون التونسى قال كلامًا يوجع القلب ويمزق المشاعر.. اسمع:

الأحداث التى شهدتها المنطقة العربية خلال السنوات الماضية وسميت بـ "الربيع العربى" هى أقرب إلى "الجحيم العربى".. وهذه التسمية هى التى تليق بما حصل فى تلك الفترة خاصة بعد الأحداث التى شهدتها سوريا وليبيا واليمن والإرهاب الذى تعرضت له مصر.

وتطرق الرئيس اللبنانى إلى القرارات الأمريكية الأخيرة فى شأن القدس والجولان فقال: ضاعت القدس وهاهو الجولان أيضا يضيع.. وأخشى أن تضيع معها الأراضى اللبنانية التى تحتلها إسرائيل.. مزارع شبعا وتلا كفر شوبا.

وكأن الرئيس اللبنانى أراد أن يضع الملح على الجرح فقال: أتذكر ما قاله الرئيس الراحل بورقيبة عندما نصح الفلسطينيين حيث قال لهم اعتمدوا على مبدأ (خذ واطلب) أى خذوا ما يمكنكم أخذه من الإسرائيليين عند التفاوض معهم ثم طالبوا بعدها بالباقى.. لكن للأسف فإن هذه النصيحة الغالية أصبح من الصعب الأخذ بها اليوم.. لأننا خسرنا كل شىء!

انتهى كلام الرئيس اللبنانى أو انتهى ما أردت أن أنقله لك منه.. والآن أرجو أن تسمح لى أن أصحبك إلى مكان آخر.. إلى تركيا.. عاصمة الإخوان ومقر قنوات الإخوان.

إحدى هذه القنوات قامت بإذاعة برنامج استضاف فيه المذيع الإخوانى ضيف من النوع “الحنجورى”.. اسمه لا يهم.. جنسيته لا تهم.. المهم أنه يحمل لقب مدير ما يسمى بالائتلاف النقابى العالمى للتضامن مع القدس وفلسطين.. فما الذى قاله سيادة المدير.. اسمع يا سيدى!

نستطيع هزيمة إسرائيل ونستطيع تحرير القدس والجولان.. فقط إذا امتنعنا عن التطبيع مع إسرائيل.

ومضى أخونا المدير الحنجورى يشرح ما يقصده فقال: اعزلوا إسرائيل.. لا تتعاملوا معها.. لا تجارة معها ولا زراعة ولا صناعة.. ولا أى نوع من التعاون.. لا تتعاونوا معها حتى إعلاميًّا.. ولذلك أطالب القنوات التى تستعين بشخصيات إسرائيلية أن تتوقف نهائيًّا.

.. ماذا تقصد.. هل تقصد قناة الجزيرة ؟

عند هذا الحد تكهرب الجو.

أحس الضيف أنه ارتكب خطأ فادحًا فقال وكأنه أراد أن يبلع ما قاله.. نعم الجزيرة.. أنا أعرف أنها تفعل ذلك لكى تفضح الإسرائيليين لكن الأفضل أن تتجاهلهم!

ومضى المدير الحنجورى إلى ما هو أبعد فقال: كفانا خيانة.. كفانا خيانة السادات للقضية الفلسطينية.

هل يمكن أن يتمتع شخص يقول مثل هذا الكلام وينافق قناة الجزيرة؟.. هل يمكن أن يتمتع بأى مصداقية؟.. على أية حال ليست هذه قضيتنا.. قضيتنا هى مصيبتنا الكبرى، القدس والجولان والأراضى الفلسطينية المحتلة.. هل ضاعت وخسرناها كما يقول الرئيس اللبنانى، أم أن عدم التطبيع هو الحل كما يقول صاحبنا الحنجورى؟!

وهل صحيح أن الرئيس الراحل أنور السادات كان خائنًا.. خان القضية الفلسطينية؟

قبل الإجابة أرجو أن يسمح لى القارئ بالحديث عن علاقتى بإسرائيل.. ليس على سبيل التباهى ولا هى محاولة للظهور بمظهر البطل المناضل وإنما على اعتبار أن ما أذكره يمثل بالنسبة لى سترة واقية أرتديها لتحمينى من الرصاص.. ليس رصاص المسدسات والبنادق والمدافع الرشاشة وإنما رصاص المزايدات والتخوين!

فأنا على سبيل المثال ذهبت للتطوع فى الجيش بعد نكسة يونيو ورفض طلبى لصغر سنى.. وعندما قامت حرب أكتوبر كنت طالبًا جامعيًا فذهبت للتبرع بالدم.. وعندما التحقت بالعمل كصحفى فى مجلة أكتوبر تحت رئاسة الأستاذ أنيس منصور.. كلّفنى يومًا أن أشرف على ملحق خاص للمجلة عن معرض القاهرة.. وفوجئت به يستدعينى ويطلب منى التعاون مع شخصية قدمها لى على اعتبار أنه المسئول عن جناح إسرائيل فى المعرض.

وفعلت ما طلبه منى الأستاذ أنيس منصور أو تظاهرت بذلك.. وعندما صدر الملحق فوجئ المسئول الإسرائيلى بأنه خال تمامًا من أى خبر أو صورة أو موضوع عن الجناح الإسرائيلى.. وكان من الطبيعى أن يغضب ويشكونى للأستاذ أنيس منصور.. واستدعانى الأستاذ أنيس وسألنى فلم أنطق بحرف وضحك الأستاذ أنيس منصور وظل يضحك حتى غادرت مكتبه.

أستطيع أن أقول أيضا إن نصف ما كتبته تقريبًا على امتداد تاريخى الصحفى كان هجومًا على إسرائيل وتنديدًا بسياستها.. وقد حدث مرة أن أرسلت السفارة الإسرائيلية فى القاهرة خطابًا باسم السفير الإسرائيلى يحتج فيه على موضوع نشرته ومعه صورة لنتنياهو يرتدى لبس جزار ويمسك بيده سكين تتساقط منها قطرات دم.. وتوليت الرد على السفير الإسرائيلى ليس فى خطاب وإنما من خلال موضوع آخر كان أكثر هجومًا وسخرية من نتنياهو.

وعندما توليت مسئولية مدير التحرير فوجئت يومًا بالملحق الصحفى الإسرائيلى يدخل مكتبى.. بدون سابق ميعاد.. وانتهزتها فرصة وأعطيته درسًا فى الأدب وتعمدت عدم مصافحته.. بل إننى لم أسمح له حتى بالجلوس.. وقبل أن يغادر مكتبى تعمدت إهانته فقلت له: يهيأ لى أننى رأيتك من قبل.. ربما كانت صورتك بين الجنود الذين قمنا بأسرهم خلال حرب أكتوبر.. هل كنت أسيرًا لدى مصر من قبل؟

باختصار أنا بكره إسرائيل على رأى شعبان عبد الرحيم.. ولست وحدى فإننى على ثقة من أن ملايين المصريين يشاركونى نفس المشاعر لكن ذلك لا يمنع من أن هناك واقعًا.. واقعًا يتحتم علينا أن نتعامل معه ليس بالحناجر ولا بالكلام وإنما بالأفعال.

ونعود إلى الأسئلة المطروحة.. هل كان السادات خائنًا.. وهل نستطيع تحرير القدس والجولان بعزل إسرائيل وبعدم التطبيع معها؟

بالنسبة للسادات فلا يستطيع منصف أن ينكر أنه حارب بشجاعة وحقق انتصارًا تاريخيًّا على إسرائيل.. الحقيقة أيضا أن السادات استطاع أن يحقق الوحدة العربية بمعناها الحقيقى.. ومن ينسى الدور الذى قامت به الدول الخليجية فى حرب أكتوبر؟.. من ينسى ما قامت به الجزائر ودول عربية أخرى؟.. من ينسى أن الدماء العربية امتزجت على أرض سيناء خلال حرب أكتوبر.. وبعد ذلك كله فقد نجح السادات فى استعادة كامل الأرض المصرية وتحريرها وكما حارب بالبندقية فقد حارب بالسلام أيضًا.

أعلم أن هناك من يختلفون مع مثل هذه الآراء لكننى أسأل هؤلاء.. ماذا لو أن العرب وحدوا كلمتهم وساروا وراء السادات.. ماذا لو أن الفلسطينيين قبلوا دعوة السادات للاشتراك فى مفاوضات السلام.. وماذا لو كان السوريون شركاء للسادات فى معركة السلام كما كانوا فى معركة الحرب.. هل كانت تضيع القدس ويضيع الجولان؟

ثم كيف كنا نستطيع عزل إسرائيل وحصارها فى الوقت الذى تمزق فيه الخلافات الأمة العربية.. الفلسطينيون أنفسهم انقسموا على أنفسهم وأصبح هناك "اثنين" فلسطين.

هل يمكن أن نمضى خطوة أبعد فى مجال مصارحة أنفسنا ونقول إننا فى حاجة أولا للتطبيع بين الدول العربية قبل أن نتكلم عن عدم التطبيع مع إسرائيل؟

وآخر ما أتمناه أن يتصور القارئ أن ما أقوله هو تسليم واستسلام للأمر الواقع.. ليس هذا مقصدى بأى حال.. لكننى فقط أدعو إلى البحث عن نقطة انطلاق واقعية نبحث عنها فى عقولنا وليس فى حناجرنا.

    أضف تعليق

    إعلان آراك 2