كتب: أحمد عاطف آدم
الكثير منا أو معظمنا علي وجه الدقة لا يهتم بتطهير يديه عند دخوله المستشفي سواء مريضا أو زائرا ، وهو لا يعرف أهمية هذا الإجراء صحيا، ليس بالنسبه له فقط، بل ولكل من يأتي إلي تلك الصروح الطبية من بعده ، لاسيما في ظل القناعة الداخلية الخاطئة بأن بيت الدواء لا يمكن أن يكون بأي حال من الأحوال هو مكمن الداء ، والحقيقة للأسف قد تكون عكس ذلك .
وكشفت دراسة جديدة هامة نقلتها جريدة "ديلي ميل" البريطانية ، وأنجزتها جامعة ميتشجان الأمريكية، عن ظاهرة تفاقم إنتشار الجراثيم المقاومة للمضادات الحيوية بشكل مفرط بالمستشفيات، حيث توصلت تلك الدراسة إلي أن السبب وراء ذلك يعود إلي وجود ميكروبات خارقة أو مقاومة للمضادات الحيوية تغطي أيدي المرضي ، في الوقت الذي تعطي خلاله منظمة الصحة العالمية أهمية وأولوية كبيرة لظاهرة مقاومة الآفات الدقيقة للمضادات الحيوية .
وأكتشف الباحثون أثناء الدراسة أن ١٤% من أيدي المرضي وفتحات أنوفهم أصبحت تعج بعد فترة قصيرة من دخولهم المستشفيات بالكثير من الجراثيم المقاومة للعقاقير، ويعتقد العلماء أن العاملين هناك ليسوا هم السبب الوحيد لإنتشار وتكاثر الآفات بل إن المرضي أنفسهم قد يتسببون في تنقلاتها حول غرفهم أو لبعضهم البعض .
ولمعرفة الكيفية التي تؤدي إلي تفشي تلك الظاهرة ، قام الباحثون في الجامعة الأمريكية العريقة بمتابعة ٣٩٩ مريضا باثنين من مستشفياتهم ، وبعد وقت قصير من استقبالهم وفحص أيديهم وأنوفهم ، تلاحظ استعمار البكتيريا المقاومة لأشكال عديدة من العلاج لنحو ١٤% من المرضي ، ودلل العلماء علي ذلك بأنها كانت موجودة بالفعل في فتحات أنوفهم بيد أنها غير مسببة لعدوي نشطة ، بينما وجدوا نفس النوع من الآفات علي أيدي ١٠% آخرين ، وانتقل الفحص بعد ذلك إلي غرف المرضي ليتم رصد ٢٩% من التجمعات البكتيرية المقاومة بها هي الأخري ، كما تلاحظ رصد ٦% من الإصابة بين المرضي أثناء دورات ترددهم علي المستشفيين. وكانت الإصابة ب ( VRE ) أو " المكورات المعوية المقاومة للفانكوميسين ) ، وكانت أيضا " البكتيريا سالبة الجرام المقاومة للمضادات الحيوية" ( RGNB ) هي الجرثومة الأكثر شيوعا بين المرضي .
ووفقا لمراكز السيطرة علي الأمراض (CDS) ، فإن نصف العاملين بالمستشفيات هم فقط من يهتمون بغسيل أيديهم ، في الوقت الذي بات فيه الخطر داهم ويهدد الأهمية القصوي التي تمثلها المضادات الحيوية في ردع الكائنات الدقيقة المسببة للعديد من الأمراض ، كما أشارت أصابع العلماء إلي عدم تبرئة أزرار التحكم في أسرة المرضي بالمستشفيات وكذلك الإفراط في استخدام المطهرات .
وفي نهاية التقرير أوجز مؤلفو الدراسة ، أنه وفي حين أن مقدمي الرعاية بالمؤسسات الصحية يحملون علي عاتقهم الجزء الأكبر من مسئولية الوقاية من العدوي ، إلا أن دراستهم أظهرت أيضا أن أيدي المرضي أنفسهم تعد بمثابة مستودع مهم وتلعب دورا حاسما في انتقال العدوي داخل صروح الرعاية الطبية ، لذا وجب علي المسئولين بداخلها تنفيذ واختبار بروتوكولات صحة اليدين للمرضي ، وكذلك الإلتهابات المرتبطة بالرعاية الصحية ، مع ضرورة مشاركة المريض بشكل فعال للوقاية من العدوي.
وباختصار شديد علي حد وصف العلماء : "إذا وجدت نفسك في المستشفي ، فتأكد من القيام بدورك وغسل يديك جيدا وباهتمام" .