إسماعيل منتصر يكتب «خواطر حرة جدا»: شهادة تستحق الإشادة!

إسماعيل منتصر يكتب «خواطر حرة جدا»: شهادة تستحق الإشادة!إسماعيل منتصر يكتب «خواطر حرة جدا»: شهادة تستحق الإشادة!

*سلايد رئيسى24-4-2019 | 18:51

نشرت مجلة " لو بوان" الفرنسية مقالًا لكاتب فرنسى لو قرأه الإخوان لأقسموا بسبعة إيمانات أن المجلة مصرية والكاتب مصرى يجيد النفاق للنظام !
الكاتب اسمه شارل سان برو.. والمقال الذى كتبه كان عن التعديلات الدستورية فى مصر.. تعالوا نتعرف على المجلة وعلى الكاتب.
قبل الإبحار تحتاج السفن للتزود بالمؤن.. والمؤن فى حالتنا هى الإلمام بتوجهات المجلة الفرنسية ونوعية الكاتب الفرنسى.
أما المجلة فهى واحدة من المجلات الفرنسية التى تشتهر بجرأتها..
وعلى سبيل المثال فقد نشرت المجلة موضوعات كثيرة عن ثورة أصحاب السترات الفرنسية مسحت فيها الأرض بالرئيس الفرنسى ماكرون.. وقد قامت مؤخرًا بنشر صورة للرئيس التركى رجب طيب أردوغان وتحت الصورة كلمة واحدة.. الديكتاتور.. وبسبب هذه الصورة وعنوانها فتح المتحدث باسم الرئاسة التركية النار على المجلة وعلى كاتب مقال الغلاف!
وأما الكاتب الفرنسى شارك سان برو، فهو كاتب سياسى حاصل على درجة الدكتوراه فى العلوم السياسية وله أكثر من 30 مؤلفًا، ترجم بعضها إلى الإنجليزية والعربية والإسبانية.. وهو وإن كان يعمل فى مجال التحليل السياسى لكنه أيضا يعمل كمحام متخصص بالعلوم السياسية وقد حصل هذا الكاتب على نيشان الفنون والآداب من رتبة ضابط.
ماذا قال هذا الكاتب الفرنسى فى هذه المجلة الفرنسية عن التعديلات الدستورية فى مصر؟ اقرأ معى..
فى بداية مقاله يقول الكاتب: إن التعديلات الدستورية فى مصر تهدف إلى استكمال التحول الديمقراطى الذى بدأ فى ثورة 30 يونيو 2013.. مشيرًا إلى أن ما يتعلق بتعديل المواد الخاصة بالولاية الرئاسية ضرورة للظروف الاستثنائية التى تمر بها مصر.. مستشهدًا بدستور فرنسا والذى كان لا يقصر مدد الرئاسة على ولايتين حتى عام 2018.
ويقول الكاتب الفرنسى فى كلمات لا تنقصها الصراحة: إنه لا يجب اعتبار الإطاحة بنظام حسنى مبارك وما تلاه من أحداث أمرًا نموذجيًا.. حيث لا تزال اضطرابات ما عرف إعلاميًا بالربيع العربى قائمة حتى الآن.. كما أن جماعة الإخوان استفادت من تلك الأحداث واستطاعت أن تمسك بالسلطة بشكل لم يشكل تقدمًا للعملية الديمقراطية وإنما العكس وكانت انتكاسة كبرى.
وعن التعديل الخاص بوضع الجيش كمؤسسة حامية لمدنية الدولة.
قال الكاتب الفرنسى شارل سان برو: إن مصر ليست سويسرا أو النرويج.. وإنما هى تواجه أحداثًا خطيرة خاصة فى سيناء.. وفى هذا السياق تظل المؤسسة العسكرية هى المؤسسة الوحيدة القوية والموحدة وهذا هو السبب فى أن التعديل الدستورى يقدم مبدأ أن الجيش هو الضامن والمدافع عن الديمقراطية والحالة المدنية.
وأظن وليس كل الظن إثم، أن الكاتب يقصد بالحديث عن هذا البند تحديدًا من التعديلات الدستورية.. أن الدستور يجعل من الجيش حائط الصد القوى المتين أمام الفاشية الدينية أو بمعنى آخر جماعة الإخوان..
ولعل ذلك هو سر الهستيريا التى أصابت مذيعى قنوات الإخوان وضيوفهم.. فكلهم قالوا: إن تمديد مدة الرئاسة ليس أخطر ما فى التعديلات الدستورية وإنما الخطر الحقيقى هو تنصيب الجيش سلطة على كل السلطات.
ونعود إلى كاتبنا ونستكمل معه مقاله فى مجلة لو بوان الفرنسية فنجده يقول: إن مصر مهددة بسيناريوهات مماثلة للاضطرابات التى تشهدها المنطقة.. وعلى سبيل المثال فإن الأحداث التى تزلزل الجزائز يمكن أن تقود البعض إلى أوجه تشابه محفوفة بالمخاطر، إلا أن تلك المقارنة ليست صحيحة حيث يتسم النظام الجزائرى بالجمود.. وفى المقابل فإن الدولة المصرية بدأت منذ عام 2014 إصلاحات شجاعة وتضع على رأس أولوياتها مسئولية إطعام ورعاية 100 مليون نسمة.. والعمل على تحسين أوضاعهم بالتزامن مع خطط لخفض عدد السكان المتزايد بشكل مرتفع.
ويشيد الكاتب الفرنسى بالتعديلات الدستورية التى تضمن تمثيل المرأة فى البرلمان بنسبة 25% وتضمن التمثيل السكانى للشباب والمسيحيين وذوى الاحتياجات الخاصة والمصريين فى الخارج.
ويمضى كاتبنا إلى ما هو أبعد فيقول: إنه يجب علينا الخروج من النقاش الخاطئ حول عدد فترات الرئاسة.. فالمشكلة لا تكمن فى تغيير رأس الدولة كل أربع أو خمس سنوات من عدمه، فأنا كرجل قانون ومتخصص فى مجال التحليل السياسى لا أؤيد فترات الرئاسة.. ولا يجب أن ننسى أن دستور 1958 فى فرنسا الذى أراده الجنرال شارل ديجول لم يضع حدودًا لفترات ولاية رئيس الجمهورية.. ولم يحدث ذلك إلا فى عام 2008 عندما تم تعديل الدستور لتصبح مدة الرئاسة فترتين اثنتين فقط وهو ما يعد انتهاكًا واضحًا لروح المؤسسات الفرنسية التى تأسست فى عهد ديجول.
وأشار الكاتب الفرنسى إلى أن الأحكام الحالية الخاصة بالولاية الرئاسية المصرية ليست مناسبة للظروف الدولية والإقليمية، وفى هذا الشأن فإن الدستور فى حاجة إلى تغيير لأن مصر تحتاج إلى الاستقرار والاستمرارية.
ويشير كاتبنا إلى أن نظام السيسى هو النظام الأنسب لمصر فى الوقت الحالى فيقول: إنه من الواضح أن مصر اليوم لا تستطيع الاستغناء عن نظام قوى.. أولا لأنه يجب أن يتعامل مع خطر الإرهاب وزعزعة الاستقرار.. وثانيًا لأنه يواجه وضعًا إقليميًا صعبًا وخطيرًا خاصة فى ليبيا.. وأخيرًا لأنه يتعين عليه أن يواجه مشاكل كبيرة لا سيما من الناحية الاقتصادية.. والأولوية الآن هى الحفاظ على معدل نمو مرتفع أعلى من 5%.
ويعترف الكاتب الفرنسى فى نهاية مقاله بأن السلطات المصرية بدأت منذ عام 2014 فى إصلاحات طوعية وشجاعة.. فالقضية الأساسية هى إطعام وتعليم ورعاية ما يقرب من 100 مليون نسمة والعمل على خفض عدد السكان المتزايد بمعدلات مخيفة.. ولهذه الأسباب أطلقت السلطة المصرية عددًا من المشاريع المهمة والطموحة مثل مضاعفة قدرة المرور بقناة السويس والتى من شأنها مضاعفة الإيرادات المتعلقة بحركة النقل البحرى، وبناء العاصمة الإدارية الجديدة إلى جانب 13 مدينة جديدة أخرى.. واستغلال الغاز فى شرق البحر الأبيض المتوسط.. ثم إجراء إصلاحات اقتصادية جذرية تؤثر على نظام الدعم وتخفيض قيمة الجنيه واستعادة أساسيات الاقتصاد الكلى.. حيث ارتفع الاحتياطى النقدى من 13 مليار دولار فى عام 2013 إلى 45 مليار دولار فى الوقت الحالى.
وكأن كاتبنا كان مثل طبيب على ثقة من صحة تشخيصه، فوضع العلاج المناسب فيقول: إن كل هذه الإصلاحات سوف تظهر ثمارها على المدى الطويل.
عزيزى القارئ.. قد تختلف مع آراء الكاتب الفرنسى شارل سان برو وقد تتفق معها.. لكنك لا تستطيع إن كنت منصفا أن تنكر أن ما يقوله الكاتب الفرنسى يمثل إشادة بمصر ونظامها واعترافًا بأن الطريق الوعر الذى تسير فيه سيصل بها فى النهاية إلى مبتغاها.
ولن يحب الكاتب الفرنسى مصر أكثر من المصريين.. فلا تتأخر فى تلبية ندائها والدفاع عنها.

    أضف تعليق

    إعلان آراك 2