وثيقة زواج مُنظِّر الإخوان من ضابطة الموساد (5).. سيد قطب بين الاستخبارات الأمريكية والموساد.. حلقات يكتبها: توحيد مجدي
وثيقة زواج مُنظِّر الإخوان من ضابطة الموساد (5).. سيد قطب بين الاستخبارات الأمريكية والموساد.. حلقات يكتبها: توحيد مجدي
[gallery columns="1" size="large" ids="27532,27533"]
لذلك سجل الملف الأمريكي السري للغاية للباحث سيد قطب تفاصيل العملية مثلما تمت علي المستويين الأمريكي والإسرائيلي كذلك لم يَغفل مُحرر تقارير الرصد السرية حتي تفاصيل الغرف المغلقة التي أنقل منها فظلت الحقيقة مطوية بين الصفحات بانتظار من يكشفها ويُخرجها إلي النور.
انتهجت كليمنتين عازار ضابطة الاستخبارات الإسرائيلية أسلوباً نفسياً مدروساً دفع قطب إلى الاعتراف لها بمعظم أسرار حياته فبات ككتاب مفتوح لدي الوحدة 131 (استخبارات عسكرية إسرائيلية)، وكما ورد بالملف الأمريكي.
امتصت جلسات السيدة عازار توتر الوافد القروي المصري الذي عاني من الوحدة والاكتئاب المزمن ما ساعدها علي الانتقال للمرحلة التالية من محاولة تجنيده.
وقد شخصت إليزابيث ماري آن الخبيرة النفسية بوكالة CIA حالة قطب بمرض وسواس الشعور بالقهر المزمن الذي لازمه منذ طفولته ولم يفارقه بحياته بعدما تعاملت معه بشكل شخصي مباشر وسجلت أعراضه بوضوح في تقاريرها الميدانية اليومية التي رفعتها إلي قيادتها في وكالة CIA ضاحية Langley التابعة لمقاطعة Fairfax بولاية Virginia التي تبعد بمسافة 15 كيلو متراً عن العاصمة الأمريكية واشنطن.
نجحت عازار بسهولة بالغة خلال أيام معدودة في ايقاع الدارس المصري الأعزب البالغ من العمر حينها الثالثة والأربعين في حبائل غرامها حتي استدرجته لمداعبات كادت أن تنتهى بعلاقة جنسية كاملة بفراشها غير أنه أصيب بحالة غريبة دفعته للتراجع بتأدب.
عرض الزواج
وعندما أبدت عازار الغضب من تصرفاته وطالبته بالتوضيح أعلن لها تمسكه بتعاليم الدين الإسلامي ثم عرض عليها الزواج العرفي منها كحل، وكان حتي تلك اللحظة لا يعرف عن شخصيتها أية معلومات، واعتقد أنها أمريكية ولدت بمدينة الإسكندرية في مصر لعائلة من أصول مسيحية يونانية.
أدهش طلب الزواج ضابطة الاستخبارات الإسرائيلية وكانت المفاجأة غير متوقعة في حسابات قيادة العملية في تل أبيب فطلبت منه منحها مهلة للتفكير وأن يقابلها لاستكمال الترجمة، وبعد يومين أبلغت خلالهما قيادتها بالوحدة 131 استخبارات حربية إسرائيلية بالتطورات المثيرة والغريبة والعرض الذي فاجئها به - سيد قطب - الهدف المصري.
ثم طلبت السيدة عازار ضابطة جهاز الاستخبارات الحربية الإسرائيلية التوجيهات العاجلة للتعامل مع عرض "الزواج المدني" من رجل عربي - مصري - مسلم شاذ فكرياً يكبرها بأربعة عشر عاماً لأنها من مواليد مدينة الإسكندرية المصرية بتاريخ الأول من يناير عام 1920 بينما كان سيد قطب مواليد محافظة أسيوط بتاريخ التاسع من أكتوبر عام 1906، فنصحتها الاستخبارات الإسرائيلية بالموافقة الفورية علي طلب سيد قطب للزواج العرفي كمرحلة أولي تتبعها عملية تجنيده بشكل كامل كأسلوب عملت به أجهزة استخبارات عدة حول العالم وخاصة أن زواج الأجانب بالولايات المتحدة الأمريكية كان يُسَجل وما زال كإجراءات روتينية لإثبات علاقة مدنية لكنها غير رسمية.
وافق سيد قطب ورحب بالفكرة وشرح لها أحكام الزواج العرفي في الإسلام وكان يتعامل معها حتي تلك اللحظة وبسبب اسمها Clementine Albert Azar علي أنها مسيحية الديانة، أمريكية الجنسية، وكانت هوية تحقيق شخصيتها التي قدمتها إليه كإجراء أول مرة بمكتبة الجامعة السبب المباشر خلف ذلك الاعتقاد الذي ترسخ لديه منذ ذلك اللقاء الأول.
فاقت أسرار الملف الأمريكي الذي سجل معلومات وتفاصيل زواج سيد قطب العرفي من ضابطة الوحدة 131 استخبارات حربية إسرائيلية ما سبقها من وقائع حصرية مثيرة كان أكثرها غرابة وإثارة في ذلك الملف الأمريكي السري للغاية تفاصيل حياته الزوجية التي انتهت إلي الفشل بأسرع مما توقع البعض.
ولولا توثيق السجلات الرسمية الفيدرالية لثبوت واقعة زواج سيد قطب من السيدة "كليمنتين ألبرت عازار" لدي مكتب توثيق الزواج المدني لمدينة Denver عاصمة ولاية كولورادو والمسجلة بتاريخ 19 ديسمبر عام 1949 رقم واقعة زواج 0038458 صفحة رقم 84 لافترست الشكوك حقيقة زواج أشهر عازب في تاريخ جماعة الإخوان المسلمين المصرية.
نسخة رسمية موقعة
مع نسخة رسمية موقعة وممهورة بخاتم الولاية الفيدرالي مع خاتم حظر النشر الكامل طبقاً لقانون حماية أسرار الأمن القومي الأمريكي ، ولو أني لم أستوعب حتي الآن السر في تحويل واقعة زواج عرفية للمفكر المصري سيد قطب إلي ملف أمريكي سري للغاية ممنوع نسخه ومع ذلك فهناك شواهد أخري علنية أماطت اللثام عن الأمر برمته.
فالثابت أن تاريخ الواقعة بالسجلات الأمريكية له أساس لأن قطب صرح لجريدة الجامعة Yearbook في عددها الثاني عشر الصادر بتاريخ 17 أكتوبر 1949 في خبر بارز نُشر للترحيب به أنه يسعى للزواج في الولايات المتحدة الأمريكية لكن اتضح أنه طلب من زملائه بصحيفة The Mirror الخاصة بالجامعة عدم إحراجه لكنهم نشروا الخبر بالنهاية.
وكهدية خاصة منه لصديقه المصري وفر البروفسور William Robert Ross رئيس جامعة ولاية كولورادو مسكناً مزدوجاً بنزل الجامعة للعروسين الجدد كما قرر مبلغ في شكل علاوة استثنائية للموظف الوافد المساعد لدى مكتبة James Albert Michener
اللافت للتوثيق وللتأكيد علي دقة المعلومات الأمريكية أن السلطات المصرية فتشت منزل ومكتب المفكر سيد قطب بتاريخ 11 أغسطس عام 1965 عقب إرساله برقية شكوى إلي أجهزة الأمن استفزت النظام المصري وسلطاته بشكل غير مسبوق ما أدى لاعتقاله بعدها، ويومها صادرت القوات المنفذة للأمر صور زواج سيد قطب بالولايات المتحدة ولم يكتشف أحدهم الأمر وكانت اللقطات في نظر المحققين ذكريات عادية للغاية حيث تعمد قطب كتابة اسم كليمنتين ألبرت دون الإشارة لاسم جدها "عازار" لإخفاء سر زواجه هرباً من القوانين المصرية التي جرَّمت زواج المصريين من الإسرائيليات في تلك الفترة السياسية المتوترة.
لم يفهموا
والحقيقة لم يلتفت المحققون بشكل تام إلي قصة المرأة صاحبة الصور واكتفي يومها ضابط يدعي "محمود بك سليم" ضمن قوة التفتيش والضبط والإحضار الصادر بحق سيد قطب أن علق بابتسامه ساخرة أمام المقبوض عليه بشأن صور عثر عليها له وهو بملابس البحر مع سيدة فاتنة الجمال بقوله:
"انت ليك في النسوان الأجانب كمان يا دكتور قطب؟ جبت منين ذلك الصاروخ يا ابن الإيه؟ سأسجلها لك في محضر التحريات كحيازة صواريخ؟".
وهي عبارة عرضية نقلها بدقة مراسل صحفي أمريكي عمل لحساب وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA يومها بالعاصمة المصرية القاهرة، و وردت في الملف الأمريكي الذى حجبت بياناته أيضاً لدواعي سرية معلومات الأمن القومي كما طُبق حظر نسخه كغيره.
وكان ذلك المراسل قد انفرد ليلتها بنبأ القبض علي الدكتور سيد قطب في مصر بعدما رافق قوة الضبط التي داهمت مقر سكنه حتي بُثَّ الخبر علي شاشات شبكات التليفزيونات الأمريكية قبيل صدور الصحف المصرية نفسها مع تفاصيل الواقعة وهو ما أكده الأرشيف الرسمي والإعلامي الأمريكي بنفس التاريخ ويمكن لأي شخص التحقق منه بسهولة.
الحقيقة فرح سيد قطب بزواجه لساعات قليلة وبالوقت الذي واجه فيه الموقف كعملية زواج حقيقية ولو أنها مفاجأة كانت زوجته "السيدة قطب" - كليمنتين ألبرت عازار - تستعد لتجنيد زوجها المصري لحساب الاستخبارات الحربية الإسرائيلية وبالقطع لممارسة حقها الشرعي كعروس حديثة الزواج.