أحمد الغرباوى يكتب: قُصَاصات حُبّ لابنتى «1» .. لا حَيْاة فى رَاحةِ بُعْاد
أحمد الغرباوى يكتب: قُصَاصات حُبّ لابنتى «1» .. لا حَيْاة فى رَاحةِ بُعْاد
حبيبتى الجميلة..
الصعوبة والبقاء حَيْاةً.. والرّاحة فى الفُراق عَيْش..
فلاحَيْاة بدون ارْتِواء قلب.. ولاحَيْاة فى عَطْشِ وظمأ.. مقاومة مُتعة حَيْاة..
فلا رَاحة فى إدّعاء مُبرّرات لنرتاح..
وماهى إلا إضافة أعباء لـ ( صعوبةِ ) بقاءِ ..!
الرّاحة لا تكون أبداً فى حاجة طبيعيّة وحقّ للأحْياء.. وعَدَم تَرْك الجسد والقلب والعقل فى دوام أنّ.. بلا روح ولا حِسّ..
القلب بدون حُبٍّ جسدٌ بلا روح.. يكْبَرُ وينمو.. زهرة جميلة بلا أريج.. يبوحُ له وللآخر بسرّ وسعادة نفس بشريّة.. فطرة ربّ فى مخلوقاته التى يُبْدِعُ روعات سَمْتها.. دواباً وأُناساً وأشياءاً لتعمير الأرض..
القلب حين يخلو من رِفْقة حُبّ؛ رُبّما يرتاح.. وما هى إلا راحة عَيْش.. فقط عيش ولا حَيْاة..
وشتّان بَيْن أن نأكل ونشرب ونتعلّم.. و.. و.. و..
و فى الله نفتقدُ ودّاً وسكناً.. لابديل عنهما غير رِفقة قلب.. فى الله يُحِبّ..
فلانبض فى جَسْد بلا مَشْاعر؛ ولا إحساس..!
والفطرة الإنسانيّة جمالٌ بحثٍ عن الوصول إلى قمّة اكتمال؛ وتوأمة روح وذَوْبان نفسِ.. مهما كانت اجتهادات البَحْثِ.. وثِقَل الانتظار.. وسُهْد القلب..ووجع الرحيل.. وحُزن فُراق.. وتكسّرات أحرف.. تقطّرات مَحْبرة هَجْرٍ وبُعادٍ.. وعَدْم نصيب فى لُقا.. إلخ
فكلّ شىء يهونُ؛ أمام رَوْعة حَصاد مسئوليّة رِفْقَة قلب.. توأمة روح.. وعذب كفاح رغبة؛ على درب إرادة ذات؛ تَسْعد وتُسْعِدُ آخر..
فلا سعادة فى النتائج.. إنّما فى طريقنا وكَيْفِيّة سَعْينا للبحثِ عَنْها.. والوصول إليْها..
قلبان يبحثان عَنْ بعضهما.. يُعانيان مِنْ أجل إسْعاد الآخر..
إنها نِعْمة (الصّعاب) فى بقاء المحبوب ودوام الحَبْيب.. التى لا بديل عنها حَيْاة.. لا مُجَرّد عَيْش والسّلام..
كما أنّه؛ لا بديل للمرأة عن أشدّ مُعْاناة إنسانيّة.. آثرها وكرّمها الله بها وَحْدها.. لتحصد ثِمْار الأمومة.. أعظم ما خلقه الربّ لها.. وكرّم بها خلق الأرض..
إنّها لتتنازل عَنْ كُلّ شَىء فى الحياة ـ حتى الحُبّ ـ ولو غدا أوحد قدرها فى مسير حَيْاتها ..
وأبداً لا تتنازل عن أمومتها (مهما كلّفها عظيم أمر من صعاب)..
فلا ينبغى أن نؤثر دِعَة وخضوع وخنوع لحياة راحةً.. خَوْفاً مِنْ حِمْلِ الأعباء.. وفراراً مِنْ ثِقل تحمّل مسئوليّة الوصول لنعمة حُبّ فى الله.. رَوْعة توأمة مسير..
فدائماً الخوف مِنْ الفشل يؤدّى للفشل..!
والخوفُ من الاقتراب من ضفاف نهرٍ؛ يُحْرِمُنا لذّة عَذب (مَيّه).. والاستمتاع بمُناجاة خرير عَوْمه.. ودغدغة مشاعرنا على تمايْل رقصات ورق شجر بتولٍ.. يُدْاعِبُ وَشْوَشات غُصْنه..
ومَنْ يَدْرى..
ربّما على الحوافّ وحِديّة الضفافِ.. أو بَيْن الأحْرَاش.. نظنّ أنّ (الرّاحة) تحمينا.. ضربة غادرة تُصيبنا فى ظهورنا.. غَدْر راحة.. وخِيْانة سكون..وزَيْف اعتقاد أنّ أمان ذواتنا.. خدعة نفس.. أنّ أماننا فى اختيار ثمار النوام.. وهم (الرّاحة)..
فكم من اعتقاد واختيار كان ظاهره حَقّ.. وغدا زَيْفاً..
أو هو فى الأصل كِذْبٌ.. صدّقناه فخسرنا إحساساً كبيراً.. يضيعُ وضيّعناه..
ومعه يرحلُ زماننا.. وأبى غَيْرنا رِفْقة زَمْنه.. وماعادت..
ماعادت تُجدى الآه..؟
فما أقسى شِدّة أنياب الهروب والفِرار والبُعاد والخوف والاستسلام لمكيدة غدر؛ وسكينة خادعة.. وهدوؤء القانع بركنٍ قصىّ طول سكات.. وإدمان صمت..
ونسمح لها بإرادتنا أن تُصيبنا مِنْ كَشْفِ وتعريْة ظهورنا؛ أمام سهام قد تصيبنا فى مقتل..!
وقد كان الأمن والأمان وروعة الحُبّ جمالاً أمامنا.. حتى لو كان بقدرٍ ومُقدّر منه نصيبنا.. بدَعْوَى الكمال لله وحده..
فعلى الأقل أفضل..!
جميلتى الحبيبة..
لما لانتعلّم السباحة؛ قبيْل أن نلتحف ونغوص بالأعماق.. حتى لانلوم الغرق؟
ولو عرفنا أنّ مَذاقَ البّحر مُرّ.. ما فوجئنا يوم أجبرنا مِلحه؛ على التقيؤ عندما يؤرجحنا مَوْجه.. ونحن نستمتع بالحياة فى لَهْوٍ ودُعَابه وعَبَث..
وإنّ هذا.. لَنْ يَمْنعنا مِنْ الدّفء على شطّه؛ رَغْم حَرَار شَمْسه.. ولا الجَرْىّ خلف مناطق غروب شُعْاعِ شجنه؛ لحظ ترحل شمسه..
والله..
الله وَحْده لايَمِنّ على الإنسان إتيان حُبّه.. إلا لمن يُحِبّه.. ومَنْ يستحقّ ذاكَ دُرّ الأرض فى وَهْبَه..
فهلّا سألنا فقر أنفسنا..
أنملكُ مقوّمات ذاكَ الحُبّ.. ونملكُ استعدادنا لنحميه؛ ونحتفظ به.. قُبيْل أن نرميه بـ ( بالعبء والصّعاب)، بمرّرات إيثار حِرْمان وعذابات ( الرّاحة ) المزعومة..
أحقّاً نستحقه رِزْق ربّ..؟
ابنتى..
نهرٌ جارى هو الحُبّ..
فكونى عَذْبَ (مايّه) السّارى..؟
والوقوف على الضَفاف.. فقط للحجر الأصمّ.. وشاردات الشَجْر والعُشْب الأبكم الصّلد.. والجمود بلاحَيْاة.. حتى وإنْ أثمر عن مُتْعة بَصْر ورَوْاح رؤى.. ولا يُشبع بصيرة؛ تماسّ وبَلّ براء روح؛ وصفا قلبِ؛ وإيثار عقلٍ؛ وحاجة مشروعة لجسدٍ؛ يُثاب عليه المُحِبّ فى الله..
طالما تعلّمنا مَهْارة العَوْم.. لِم نحرم أنفسنا من متعة ممارسته؟
نلوم (حُبّنا) والعَيْبُ فينا.. وما لـ (حُبّنا) عَيْبٌ سِوْانا..
لم لانلُم أنفُسنا قبيْل غَيْرنا..!
لأننا فى الله لا نعرف.. ولا نستحقّ حُباً أبداً جميلا..
إنّما نُرد شيئاً..
شئٌ آخر نُرِدْهُ حُبّا.. والله لم يَمِنّه علينا.. ليس أو لَمْ يَعُد (جوّانا)!
إنّ ديننا حُبٌ.. وإنّ هذا الدّينُ الحُبَّ.. وأنّ ذاكَ الحُبّ ديناً.. وفى الحُبّ لاكهنة ولا زُهّادا..
إنّما خلقنا الله
فى الحُبّ خلقنا الله إنسانا..؟