د.ناجح إبراهيم يكتب: أمريكا وإيران .. صراع علي حساب العرب

د.ناجح إبراهيم يكتب: أمريكا وإيران .. صراع علي حساب العربد.ناجح إبراهيم يكتب: أمريكا وإيران .. صراع علي حساب العرب

* عاجل25-5-2019 | 22:31

أمريكا لا تتخذ قراراً إلا إذا كان لمصلحتها أو لمصلحة إسرائيل,وأحياناً تشعر أنها تدور حول المصالح الإسرائيلية أكثر,ولم تتخذ قراراً لمصلحة العرب في يوم من الأيام.
 كانت العلاقات الأمريكية والإسرائيلية جيدة مع إيران أيام الشاه حتى قامت ثورة الخوميني،واحتل الثوار مقر السفارة الأمريكية وكانوا وقتها في حالة مراهقة سياسية مزمنة،وحينئذ تدهورت العلاقات إلى أدنى درجة,وحينما احتضنت إيران الفصائل الفلسطينية المناضلة ومنحتها سفارة إسرائيل,وطردت الإسرائيلية من سفارتها تدهورت العلاقات تماماً مع إسرائيل.
أغرت أمريكا وبعض دول الخليج صدام بالحرب مع إيران وخدعوه بأنهم سيقفون وراءه للنهاية فدخل في حرب عبثية أكلت الأخضر واليابس في البلدين,وساعد على ذلك الغباء الثورى الإيراني المراهق  بتشجيع شيعة العراق على التمرد والأكراد على الثورة والاستقلال،في الوقت الذي تمنع و تقمع فيه إيران أكرادها من كسب أي حقوق نالوا أكثر منها في العراق , هذه الحرب دمرت البلدين وأنهكتهما وساعدت في اغترار صدام بقوته مما دفعه لغزو الكويت الذي ساهم في انضاج القرار الأمريكي لغزو العراق وتحطيمه.
رغم الخلاف الأمريكي الإيراني الحاد فقد حدث توافق وتفاهم أمريكي إيراني على أعلى مستوى قبل غزو أفغانستان,وشاركت المليشيات الشيعية الأفغانية التابعة لإيران في المساعدة في احتلال أفغانستان وإنهاء حكم طالبان,وذلك للعداوة التي كانت بين طالبان وإيران وتصرفات طالبان الغبية مع إيران وإعدامها لسبعة من الدبلوماسيين الإيرانيين أو القناصل من المخابرات الإيرانية,وبعد الغزو حصدت إيران مكاسب جمة وأصبح لها نفوذ كبير في أفغانستان ولها الآن ميليشيات كثيرة تابعة لها , وبعضها يقاتل نيابة عنها في سوريا. رغم الخلاف الأمريكي الإيراني الظاهر إلا أن أمريكا في عهد بوش الابن نسقت تنسيقاً كاملاً مع إيران قبل وأثناء وبعد غزو العراق وشاركت إسرائيل في هذا التنسيق , بل إن أمريكا أعلمت إيران بقرار الغزو قبل أن تعلم حلفائها في الناتو أو الخليج , وقد ساهمت الميليشيات الشيعية العراقية في غزو العراق ولعبت دوراً كبيراً في ذلك , ثم أهدت أمريكا العراق غنيمة باردة لها , وكانت إيران أذكى بكثير من كل الأطراف في عهد رافسنجاني الذي يطلق عليه الثعلب والذي ودع المراهقة الإيرانية الثورية التي أضرت إيران بعد ثورة الخوميني,وهذا الذكاء الإيراني وقتها جعل نفوذها في العراق أكبر بكثير من أمريكا , بل إن العراق يعد الآن جزءً من الإمبراطورية الإيرانية متزامنة الأطراف والتي تصل إلى اليمن ولبنان وسوريا والعراق وتطمع في ضم الخليج إليها , وتنتظر الفرصة السانحة لذلك .
 نسقت إيران مع أمريكا وإسرائيل في الملف العراقي لمرحلة ما بعد الغزو وخاصة في قرارات حل حزب البعث العراقي وتسريح الجيش العراقي الذي كان يعد أكبر جيش عربي في المنطقة,وخدعت أمريكا الخليج وأوهمته أنها تغزو العراق لأمنه واستقراره والحقيقة أنها غزت العراق لمصلحة إسرائيل،ولكن الذكاء الإيراني استطاع اقتناص العراق من كل من أمريكا وإسرائيل والخليج,ليبتلع الثمرة وحده،وتنتهي العراق وجيشها ومؤسساتها على يد هذا الرباعي,ويتحول إلى دولة فاشلة تسودها الميليشيات وتتحول الميليشيات المذهبية والعنصرية فيها إلى جيش , وهيهات أن تصلح الميليشيات المذهبية والعنصرية أن تكون جيشاً وطنياً فولاؤها سيظل للمذهب والعنصر والإمام في إيران, فولاء معظم الميليشيات العراقية وأحزابها ليس للعراق ولكن لإيران , مثل ولاء حزب الله ليس للبنان في الأصل والأساس ولكن لإيران وللإمام خامينئي.
 ليس هناك خلاف جذري بين أمريكا وإيران , ولكن الخلاف الحقيقي هو بين إسرائيل وإيران , فإيران هي الإمبراطورية الوحيدة القوية الآن في المنطقة والتي تخشاها إسرائيل في المستقبل وتحذرها, وقد استطاعت إسرائيل استخدام غباء بوش الابن في إنهاء أسطورة العراق القوية , واليوم لن تجد مثل ترامب ليحقق لها تقزيم إن لم يكن تحطيم إيران,فلم تستطع إسرائيل أن تقنع أوباما بذلك فقد كان عصياً على نتنياهو وغروره .
 أصبحت الإمبراطورية الإيرانية الآن تحاصر إسرائيل من كل ناحية فهي تحتل العراق ولبنان وسوريا واليمن احتلالاً كاملاً,كما أن لها أنصارها وأشياعها في الخليج ينتظرون لحظة الانفصال أو تكوين دول تابعة للإمبراطورية الإيرانية , وإسرائيل من الدول التي لا تسمح أن تكون هناك دولة قوية تحاصرها أو أقوى منها في المنطقة.
 وقد وجدت إسرائيل ضالتها في ترامب,فاستطاع نتنياهو إقناع أمريكا بخطورة إيران المستقبلية على  إسرائيل من جهة والخليج من جهة أخرى , وما لم يستطعه مع أوباما فعله مع ترامب،والثمن الذي سيحصل عليه الأخير هو إعادة انتخابه رئيساً لأمريكا بدعم لا محدود من كل الدوائر الإسرائيلية داخل وخارج أمريكا,أما المكافأة الأخرى التي سيحصل عليها ترامب هو استغلال الصراع مع إيران لخداع الخليج للمزيد من ابتزازه.
تحرص أمريكا وإيران أن يكون صراعها بعيداً عن بلادهما وعن إسرائيل , وأن يكون بدماء وأموال العرب وعلى أرضهم وتحت سمائهم,وليذهب العرب إلى الجحيم،فكلاهما يكره العرب ويبتزه وإيران أقامت امبراطوريتها على حساب العرب , وأمريكا تدعم الامبراطورية الإسرائيلية على حساب العرب .
أمريكا وإيران تستخدمان معاً نظرية"حافة الهاوية"بحيث تدفع كل منهما الأخرى للتفاوض وتقديم أكبر قدر من التنازلات على مائدة المفاوضات,فإيران تعلم أنها لا طاقة لها بالمارد الأمريكي,وأمريكا تعلم أنها لا تستطيع حرب الإمبراطورية الإيرانية وإلا فتحت على جنودها ورعاياها ومصالحها الاقتصادية والعسكرية في معظم العالم أبواب الجحيم وخاصة في باكستان وأفغانستان والعراق ولبنان وسوريا واليمن والبحر الأحمر , فالميليشيات الشيعية التي ترتهن بإشارة طهران موجودة في كل هذه البلاد وتستطيع أن تحيل حياة الأمريكان فيها إلى جحيم .
 إيران مثل إسرائيل تؤمن بالحرب بالوكالة ولا تحارب على أرضها أبداً،ودائماً تنقل الحرب خارج أرضها. إيران دولة عقائدية يصعب حصارها فإمبراطوريتها مفتوحة , والخمس يأتي للإمام من ملايين الشيعة خارج إيران أكثر من داخلها,وبعضها يأتي من الخليج نفسه , وهي دولة بذراعين ورأسين،الرئيس والمرشد , الجيش والحرس الثوري , الدولة والإمبراطورية , اقتصاد الدولة واقتصاد "قم"مؤسسات الدولة والميلشيات.
ويمكن لأي شيعي منفرد موالٍ للإمام أن يقوم بأي عملية انتحارية داخل أمريكا أو خارجها دون استطاعة تحميل إيران المسئولية عن ذلك .
 الخلاصة لا حرب بين إيران وأمريكا ولكنهما في"حافة الهاوية"أمريكا تريد تحديداً إرغام إيران عن التخلي عن السلاح النووي , وكف يد حزب الله عن إسرائيل نهائياً وتحسين العلاقة مع إسرائيل وأن تظل بعبع للخليج لا بأس من ذلك لاستمرار ابتزاز الخليج.
 لا يظن أحد من العرب والخليج أن أمريكا تفعل ذلك لمصلحتهم ،ولكنها تفعله لمصلحة إسرائيل ودوراناً في فلكها،فلم تدر أمريكا يوماً حول مصالح العرب ولكنها تدور دوماً حول المصالح الإسرائيلية ،ومعظم هذه الإجراءات لتقزيم إيران من جهة  وأخذ المزيد من أموال الخليج , لتبقى الإمبراطوريات الأربع الأمريكية , الإسرائيلية , الإيرانية , الروسية تسرح وتمرح وتجول وتصول وتعربد علي حساب العرب وتجرى كل صراعاتها علي أرضهم وبدمائهم وبأموالهم,ووداعاً للعرب لأن  أوطانهم أغبى بكثير من إيران وإسرائيل الذين يعرفون من أين تؤكل الكتف،ولا يعرفون سوى الحنجوري،أما العمل المنظم والتوحد والتآزر فلا مكان له بينهم ، وأمجاد يا عرب أمجاد .
    أضف تعليق

    حظر الأونروا .. الطريق نحو تصفية القضية الفلسطينية

    #
    مقال رئيس التحرير
    محــــــــمد أمين
    إعلان آراك 2