فى تصريحات خاصة لـ ” دار المعارف” أوضح السفير د. محمد حجازى مساعد وزير الخارجية الأسبق، أهمية القمم الثلاث (عربية وخليجية وإسلامية) التى تشهدها مكة المكرمة، أولها تنعقد اليوم الثلاثاء، وتستمر على مدار 4 أيام إلى يوم الجمعة القادم.
يقول السفير حجازى:
تأتى القمم الثلاث فى توقيت شديد الأهمية تمر به المنطقة التى تتعرض لحالة من التصعيد بسبب التدخلات الإيرانية فى شئون المنطقة، تلك التدخلات التى امتدت على خريطة المنطقة لتهدد الأمن والاستقرار لصالح ميليشيات تعمل لصالح إيران سواء إذا كان الأمر يتعلق بالحوثيين أو باليمن أو دعم ميليشيات حزب الله فى لبنان وسوريا والحشد الشعبى فى العراق بالإضافة لممارسات إيرانية يربط بينها وبين بعض الأحداث التى حدثت فى المياه الإقليمية لدولة الإمارات وكذلك فى منطقة الرياض عندما تعرضت محطتى بترول وخط ناقل لهجمات بطائرات موجهة.
وكلنا نعلم أن الحوثيين هم المسئولين عنها وهى طائرات إيرانية وإطلاق صواريخ بلاستيكية فى إتجاه جدة كل هذه الأمور تربط إيران بزعزعة استقرار المنطقة، وهو الأمر الذى استدعى حشودا أمريكية لوقف إيران عن مساعيها لامتلاك السلاح النووى ولوقف سياساتها الإقليمية التى تزيد حدة التوتر وتساعد فى زعزعة استقرار المنطقة والافتلالت على ملف الأمن القومى الخلليجى والعربى.
وأضاف السفير محمد حجازى أن مصر أدانت هذه الأحداث ودعت لضبط النفس وحتما هناك دبلوماسية تمارسها مصر وعمان وغيرها من دول المنطقة لضبط إيقاع الأحداث حتى لا تنفلت الأمور خلال ممارسة الولايات المتحدة لسياسة حافة الهاوية.. تلك السياسة التى تصعد المواجهة العسكرية والسياسية ولكن فى ضوء تصريحات الرئيس الأمريكى ترامب والتصريحات الصادرة من إيران لايرغب أحد فى المنطقة إلى الحرب ولكن ممارسة هذه السياسات لمدة طويلة ولسنوات أدت إلى إضطرابات هامة وتصعيد وحشود عسكرية فى المنطقة.
وقال حجازى أن القمم الثلاث تأتى فى إطار المسئولية الإقليمية للملكة العربية السعودية وفى هذه الأيام شديدة القدسية (العشر الأواخر من رمضان) فنحن أمام منعطف تاريخى وعلينا أن نعمل فى ظل هذه الأيام المباركة لتجنيب المنطقة أى مواجهات عسكرية والتخلص من تلك السياسات والدفع برؤى أكثر عقلانية تسعى من أجل أمن واستقرار المنطقة وأن يكون هناك إعلانا إقليميا تلتزم به كافة دول المنطقة.
ونأمل أن يصدر من القمم الثلاث ما من شأنه التنبيه إلى أن أمن واستقرار المنطقة، وأن الممارسات الإيرانية لم تعد مقبولة لأنها أدت إلى العديد من الكوارث والخسائر الإنسانية والبشرية بالإضافىة إلى الخسائر العسكرية مما يهدد أمن المنطقة العربية ويعرضه للدفع بالتدخلات الأجنبية ومن يرغبون فى إنجرار المنطقة العربية لمواجهة عسكرية ليتبوءوا المشهد السياسى فهذه المسئولية تقع على إيران وكذلك الأمر فيما يتعلق بقوى إقليمية أخرى مثل تركيا وقطر سواء كانت تمارس سياسة مشابهة أو مساهمة للتنظيمات الإرهابية مما يزيد من عدم استقرار المنطقة ويتيح للجهات الخارجية استخدام هذه الجماعات الإرهابية فى زعزعة استقرار الدولة القومية على صعيد الخريطة فى الوطن العربى.
ويواصل السفير حجازى قائلا: وبالتالى فللملكة العربية السعودية دور مسئول وكذلك مصر، فمصر تتحرك فى محيطها الإقليمى من أجل استعادة دور المؤسسات القومية فى مواجهة دعاة التطرف وعنف والإهاب فالقمم العربية والخليجية والإسلامية هى قمم لاتسصدار ما من شأنه مواجهة قضايا نزاعات المنطقة وعلى رأسها القضية الفلسطينية التى تتعرض لضغوط سواء أمريكية أو إسرائيلية غير مسبوقة وأن اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لاسرائيل كان مقدمة للعديد من الممارسات التى صحبته وسبقته مثل، قطع الدعم والمعونات لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين، والسياسات التى مارستها واشنطون دبلوماسيا وسياسيا للضغط على منظمة التحرير، ومحاصرة السلطة، ووقف أى دعم أو تمويل لها.
كل هذه الضغوط السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية التى تمارس على السلطة الفلسطينية تأتى فى وقت تتحدث فيه الأوساط الإعلامية عن صفقة القرن تلك الأحداث التى تزيد الضغوط على القضية الفلسطينية وحديث البعض عن تنازلات والقضاء على فرصة استمرار السلطة الوطنية والخروج من حل الدوليتن، وكل هذه الأمور تدفع المنطقة لمزيد من الاحتقان.
ولعل قرار نقل السفارة الأمريكية للقدس بالإضافة إلى الاعتراف بالجولان جزء من الأراضى الاسرائيلية كل هذه الممارسات تؤدى إلى مزيد من الاحتقان وتهدد القضايا العربية فى الصميم وبالتالى التباحث والتضامن والخروج رؤية واحد.
وتمنى السفير محمد حجازى أن نكون على أهبة الاستعداد إذا صدرت تلك الصفقة المزعومة لما تحمله من انتقاص من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، وبما يتوقع منهم أنها ستكون هجمة على أسس الحل، وأن تتوجه البلدان العربية والإسلامية برسالتها للأمم المتحدة من خلال تبنى مشروع قرار يستند لإعلان شرم الشيخ الصادر عن القمة العربية الأوروبية مؤخراً، والذى يتضمن بنده السابع جزءا هاما على القضية الفلسطينة فهو يحمل فى طياته كل عناصر الحل والرؤى السليمة على الشرعية الدولية، وأن يتم التقدم بهذا القرار فى مجلس الأمن وإن لم يكن بسبب أى موقف أو فيتو أمريكى معااكس ويتم التوجه للجمعية العامة وأن يتضمن دعوة للمؤتمر الدولى لمناقشة القضية الفلسطينية، ودعمها من الناحية السياسية والدبلوماسية وإسنادها الاقتصادى أيضا مطلوب فى مواجهة المحاولات التى سبقت فى مؤتمر وارسو، أو المحاولات التى يتم الترويج لها من خلا ما يدعى أنه سلاما اقتصاديا وأن يخرج المجتمع الدولى بموقفا مساندا للقضية الفلسطينية سيكون هدفه الرئيسى هو تحقيق هذا الإسناد المنشود والانتقال بالموقف الدولى إلى مرحلة مواجهة المخططات التى تهدد أسس الحل.
وهناك أيضا عدم استقرار الأوضاع فى ليبيا والحاجة إلى دعم الشرعية فى اليمن والحاجة للوقوف ضد التدخلات الإيرانية الفجة فى شئون المنطقة والحاجة إلى محاصرة الإرهاب، ومصادر تمويله، ودعمه لوجستيا وماليا، خاصة من قطر وتركيا.
وهناك إرادة خليجية أيضا للحفاظ على الكيان الخليجى ولكن فى نفس الوقت عزل السياسات المرفوضة لدولة قطر وذلك على الساحة العربية مخاطبة القضايا الهامة والرئيسية فى العراق وسوريا وليبيا واليمن وكذلك دعم استقرار الوضع فى السودان الشقيقة والمواجهة الجماعية للإرهاب.
كل تلك القضايا والموضوعات ستكون رسالة متكاملة الأركان يتشارك فيها كل من له رغبة فى تحقيق أمن واستقرار المنطقة تتكامل فيها الإرادات المسؤولة فى المنطقة سواء الإرادة السعودية أو المصرية، وإرادات الدول العربية للتأكيد على ثوابت الحل وللتأكيد على المخاطر المحدقة بالمنطقة وللتصدى للمارسات الإيرانية المتوغلة على الحقوق العربية ومهددة للأمن القومى العربى، وصولا لحالة الأمن والاستقرار الاستراتيجى.
......................................................................................
* السفير الدكتور محمد حجازى مساعد وزير الخارجية الأسبق
[caption id="attachment_252485" align="aligncenter" width="446"]
السفير محمد عبد الحميد حجازى[/caption]