د.داليا مجدي عبد الغني تكتب: عُقْدة الخواجة الأمريكي

د.داليا مجدي عبد الغني تكتب: عُقْدة الخواجة الأمريكيد.داليا مجدي عبد الغني تكتب: عُقْدة الخواجة الأمريكي

*سلايد رئيسى29-5-2019 | 22:24

هناك الكثير من العُقَد النفسية التي نُصاب بها، وتزداد وتترعرع بداخلنا، دون أن ندري، والحقيقة أنني لن أسرد كل هذه العُقَد، بل سأكتفي بعُقْدة، استشعرت توغلها في الآونة الأخيرة بشدة، وهي رغبة الكثيرين في الحصول على الجنسية الأمريكية، فلقد وجدت الكثيرين يتحدثون في هذا الأمر، ويزالون يُرددون المميزات الرهيبة التي ينالها من يحصل على هذه الجنسية، وكأنهم سيتحولون إلى أشخاص فوق البشر، فهم يصفون من يحصل عليها، وكأنه مارد يقف فوق قمة جبل، وكل ما يتراءى من تحته يتحول إلى نمل، ويتناسون أنهم يحملون جنسية أعرق وأعظم دولة في العالم.
وبغض النظر عن تلك المُميزات الرهيبة، التي يتحدثون عنها، فهذا ليس ما لفت نظري، ولكن ما استرعى انتباهي بشدة، أن هناك أشخاص لديهم إمكانيات مادية عالية، ومُؤهلات علمية وثقافية عالية أيضًا، ولكنهم رغم ذلك يسعون وبشدة للحصول على الجنسية الأمريكية، لا لشيء إلا من أجل التباهي والاستعراض.
ومن وجهة نظري، أنه لا مانع من أن يسعى الإنسان للحصول على مميزات أكبر، وتحسين أحواله، ومُحاولة الحصول على فرص في أي بقعة من بقاع الأرض، فكل العالم ملك لله عز وجل، ورزق الإنسان مُقَدّر ومكتوب في أي مكان في الدنيا.
ولكن أن يتباهي الإنسان ويجعل قيمته كلها مُنحصرة في الحصول على جنسية دولة أخرى غير دولته، فهذا هو ما أرفضه وبشدة.
فالإنسان العاقل يتباهى، لو أن تلك الدولة هي التي سعت إليه؛ بسبب نجاحه أو إمكانياته أو قُدراته الخاصة، كأن يكون عالم جليل، أو كاتب مميز، أو فنان أو مُبدع، له مواهب وملكات خاصة، فهنا يستشعر أنه يُمثل دولته في دولة أخرى، ويتحدث باسمها، أما أن تكون كل أحلامه أن يتباهى بحصوله على جنسية دولة أخرى، ويُخيل إليه أنه أصبح فوق بقية البشر، وأنه أميز منهم، فهذا هو ما لا يستسيغه عقل البشر، خاصة لو كانت كل إمكانياته تتمثل في الحصول على تلك الجنسية، ولم يُحاول على الإطلاق أن يُطور من إمكانياته في دولته، ليثبت أنه يستحق شرف حُصوله على جنسيتها، بمجرد أن خرج إلى الدنيا.
 أما ما دون ذلك، فهو مما لاشك فيه، يُشكل حالة مرضية تسمى عقدة الخواجة الأمريكي.
أضف تعليق