عاطف عبد الغنى يكتب: مهمة لإنقاذ الروح الإنسانية.. القاهرة – بكين وبالعكس(2من2)

عاطف عبد الغنى يكتب: مهمة لإنقاذ الروح الإنسانية.. القاهرة – بكين وبالعكس(2من2)عاطف عبد الغنى يكتب: مهمة لإنقاذ الروح الإنسانية.. القاهرة – بكين وبالعكس(2من2)

* عاجل31-5-2019 | 15:15

بتاريخ 18 نوفمبر 2018 ، كتبت فى هذا المكان مقالا له صلة بمنتدى شباب العالم 2018 الذى أقيم فى مدينة السلام، شرم الشيخ وكان عنوان المقال: «الإنسانية مقابل العولمة.. جيوش الظلام والفتنة»، وجاء فيه: «الآن مصر تفتح ذراعيها، وتطلق مبادراتها»، حيث وقف الرئيس عبد الفتاح السيسى يوم الأحد 4 نوفمبر من عام 2018 وألقى كلمته من سيناء، أمام نصب تذكارى حمل عنوان « إحياء الإنسانية » يخاطب ضمير العالم أن يعود لإنسانيته، وينقذ مستقبل الكوكب.

أطلق الرئيس النداء واعدًا بأنه سيدعم مبادرة شبابية مصرية للعودة إلى الإنسانية والعمل على إرساء قواعد السلام والمحبة والانحياز إلى الحوار الحضارى الإنسانى القائم على تعاليم الأديان السمحة التى جعلت عمارة الأرض وحُسن الخلق قاسمًا مشتركًا أعظم بينها.

وردد الرئيس السيسى على مسمع ومرأى من العالم: « تحيا الإنسانية يحيا السلام تحيا الحضارة ».

هذا هو مشروع مصر الذى يجب أن تسعى فى القادم من الأيام إلى البحث عن شركاء لها فيه، يحملون معها الأمانة ويسعون بكل قوة إلى أن يزيدوا من عددهم وقوتهم ليتحولوا إلى طاقة وقوة نور تواجه جحافل وجيوش الظلام والفتنة.» انتهى الاقتباس من المقال سالف الذكر.

 (1)

وإذا أبحرنا فى المكان إلى أقصى الشرق، فى المساحة الممتدة من البحر المتوسط إلى شبه الجزيرة الكورية، لوجدنا كثيرًا من الدول الأسيوية التى كانت ضحية للحروب التي قادتها الولايات المتحدة في سياق ما يُسمى بـ «عصر ما بعد الحرب»، هى ذات الدول الشريكة الآن في مبادرة «الحزام والطريق» التي أطلقتها الصين في عام 2013.

وفى المدة من 15 إلى 17 مايو الماضى، احتضنت العاصمة الصينية بكين مؤتمر «حوار الحضارات الآسيوية»، برعاية واهتمام كبيرين من الرئيس الصينى، شي جين بينج الذى افتتح أعمال المؤتمر بكلمة قال فيها:

« إن اعتقاد طرف ما، صاحب حضارة، أو عرق، أو ثقافة، بأنه الأسمى، وإصرار هذا الطرف على التغيير أو حتى استبدال حضارته بأخرى، هو أمر تافه فى مفهومه، وكارثى فى ممارسته».

 ومفهوم من المقصود بالخطاب، ومن هم أصحاب الاستعلاء الحضارى، الذين يفرضون وصايتهم على العالم، بالقوة والجبر.

 وفى مقابل « ثقافة الحرب» التى يتبناها هؤلاء، طرح الرئيس الصينى رؤية جديدة انطلاقا من الظرف الراهن الذى يواجه فيه العالم فيضا من التحديات على كافة الأصعدة (حسب قوله) وفى مثل هذا الظرف يصبح البحث عن فرصة جديدة للتطور والتنمية والتقدم والتكاتف مهمة مشتركة للبشرية جمعاء.».

 ونفى الرئيس الصينى أن يوجد ما يسمى صراع الحضارات، لا هو موجود ولا ينبغي أن يوجد مثل هذا الصراع.

 وأجمل ما قاله رئيس المليار وثلث المليار نسمة هو أن روح الحضارة الصينية لم تتغير، وإن الالتزام بقواعد الطبيعة وتحقيق الوحدة بين الإنسان والكون هى فلسفة الوجود لهذه الحضارة.

(2)

وكما أسلفت شارك المفكر الكبير ميشيل شوسودوفسكي، فى المؤتمر وطرح ورقته البحثية فى جلسته الختامية، وعقب فيها على كلمة الرئيس الصينى، فقال:

إن «ثقافة السلام» التي تحدث بشأنها الرئيس بينج، تشكل أداة مهمة لها تأثير على العلاقات الجيوسياسية والاقتصادية والاستراتيجية الواسعة، وتقف في مواجهة «ثقافة الحرب»  التي لها تأثير واسع النطاق على الإنسانية، وتعمل على تفكيكها في نهاية المطاف.

وأضاف المفكر الغربى الموضوعى أن سعى الصين لخلق واقع عالمى جديد، لن ينجح من خلال الخطب السياسية أو الحرب الكلامية، ولكن لابد من ترجمة «ثقافة السلام» هذه إلى أفعال، وأعمال ملموسة على المستويين الجيوسياسي والدبلوماسي، وذلك فى مواجهة التضليل الإعلامي ودعاية الحرب.

 وفى سبيل تحقيق هذا، دعا شوسودوفسكي إلى إحياء حركة عالمية متماسكة تكون مناهضة للحرب على مستوى المجتمعات الوطنية والعالمية، وأن يحدث هذا بموافقة من حكومات البلدان ذات السيادة، والدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بمعنى أن ترفض هذه الدول والحكومات «ثقافة الحرب» المفروضة من الولايات المتحدة وحلف الناتو، والتي تشكل انتهاكًا صارخًا لميثاق الأمم المتحدة،  دعا أيضا شوسودوفسكي إلى حل الأحلاف العسكرية، التي تدعم الحرب العالمية (الناشبة الآن بالفعل)، بما في ذلك حلف شمال الأطلسي (الناتو) ، ودعا إلى انسحاب الدول الأعضاء والشريكة فى الحلف.

كما دعا إلى اعتماد برنامج متماسك وعالمي لنزع السلاح، وتخفيض كبير فى الإنفاق العسكري، وإغلاق جميع القواعد العسكرية الأمريكية حول العالم، والتى تبلغ نحو 800 قاعدة منتشرة في حوالي 80 دولة.

ودعا كذلك إلى إعادة هيكلة الاقتصادات الوطنية بهدف تخفيض مستوى اقتصاد الحرب إلى أدنى حد ممكن، وتقليص تجارة الأسلحة الدولية.

(3)

هل يمكن أن تتحقق رؤى المفكر الحالم؟!.. وحلم الشعوب المقهورة، بمجتمع عالمى يسوده العدل، والمحبة، والسلام، أم يظل إلى الأبد حلما مستحيلا.. ومعلقا فى رقبة البشر إلى يوم الدين؟!

قد يرى البعض أن الأرض تأسست على ثنائية الخير والشر، والصراع بينهما، لابد أن يبقى للأبد، وليس معنى ما سبق أن نتوقف عن مكافحة الظلم والعدوان بدعوى أنه قدر.

وإذا كانت أحلام المفكرين غير قابلة للتحقق العملى، فأن مبادرة الرئيس الصينى، تأتى واقعية جدا، لأنها مبنية على أسس قابلة للتنفيذ، مثل دعم التنمية، واحترام سيادة واستقلال، وحضارة، وهوية الشعوب والدول التي كان للصين تاريخ مشترك معها، حين تاجرت قديما على طريق الحرير، وارتبطت بها فى علاقات شراكة ونفع، دون أن تفرض عليها سطوة أو علاقة تبعية استعمارية.

واليوم تستعيد الصين هذه العلاقات من خلال إحياء «الحزام والطريق» والسعى الدبلوماسى إلى بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية من خلال «التبادلات والتعلم المتبادل بين الحضارات» حسب قول الرئيس الصينى.

(4)

مصر أيضا لديها رؤيتها الخاصة فى هذا الصدد، وهى تستثمر وتغرس فى الشباب، جذور ثقافة السلام، والبناء، والتعاون انطلاقا من محيطها الإقليمى والقارى (نفس النهج الصينى)، وربما فى وقت قريب يلتئم المسعى، على قلب كيان واحد، يذكرنا بحركة عدم الانحياز فى عنفوانها، ومنظمة تضامن الشعوب الإفريقية الآسيوية فى مدها، بشرط تدارس هذه التجارب وفهم أسباب تراجع تأثيرها رغم بقاء الكيانات المعبرة عنها إلى اليوم.

وفى الأفق تبدو منارتان، وركيزتان، وعمودًا خيمة تظللان على العالم وتمنعان عنه بقدر ما تستطيع رياح الشر التى تهاجمه، القاهرة وبكين وبالعكس.

أضف تعليق

رسائل الرئيس للمصريين

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2