إسماعيل منتصر يكتب «خواطر حرة جدا»: الرصاصة لا تعود للبندقية!

إسماعيل منتصر يكتب «خواطر حرة جدا»: الرصاصة لا تعود للبندقية!إسماعيل منتصر يكتب «خواطر حرة جدا»: الرصاصة لا تعود للبندقية!

* عاجل5-6-2019 | 14:42

فى إبرايل من عام 2006 فجرت صحيفة "روزاليوسف" اليومية قنبلة من العيار الثقيل..
نشرت الجريدة حوارا لمرشد الإخوان الراحل مهدى عاكف يقول عنوانه: "طظ فى مصر.. وأبو مصر.. واللى فى مصر" (!!!).
وطبقا لما نشرته الجريدة يومها فقد سأل محرر روزاليوسف المرشد الراحل.. لو أن الذى يحتل فلسطين مسلمون من آسيا مثلا وليسوا يهود صهاينة.. فما هو موقف الجماعة.. ويرد المرشد الراحل قائلا: مفيش حاجة اسمها مسلمين يحتلون مسلمين.. الاحتلال له معنى آخر غير ما تقوله.. فأنت تعتبر الخلافة احتلالا.. ولو خليفة من ماليزيا حكم مصر لا يكون محتلا.. المسلمون لا يحتلون بعضهم البعض.. لأن يدهم واحدة فى العالم كله.
وطبقا للمنشور فقد قاطع المحرر المرشد الراحل وقال له: أنا مختلف مع سيادتك ويحكمنى مصرى وليس من أى مكان آخر.. ويرد المرشد الراحل بحدة.. طظ فى مصر.. وأبو مصر.. واللى فى مصر!
أثار الحديث جدلا واسعا وأثارت كلمات المرشد الراحل غضب الكثيرين.. وحاولت الجماعة وحاول المرشد تدارك الأمر، فزعم أن صحيفة روزاليوسف كاذبة وأنه لم يدلى لها بأى حديث.. وأن المحرر قدم له نفسه على أنه صحفى فى جريدة الكرامة وليس روزاليوسف التى لا يتعامل معها.. ثم عاد المرشد الراحل وقال إن جريدة روزاليوسف نشرت كلماته على طريقة "ولا تقربوا الصلاة".
كان واضحا أن المرشد الراحل قد أدرك الآثار السلبية التى أحدثتها كلماته فحاول إصلاح الأمر.. وكان ذلك مستحيلا.. فالرصاصة إذا انطلقت يصبح من المستحيل أعادتها مرة أخرى إلى ماسورة البندقية (!!!).
لكن هل كانت كلمات المرشد الراحل شتيمة فى حق مصر؟ هل ارتكب المرشد مهدى عاكف جريمة سب وقذف فى حق المصريين؟.
يقتضى الإنصاف أن نعترف بأن المرشد الراحل لم يشتم البلد ويسب أهلها كما قالت جريدة روزاليوسف أيامها.. ولكنه كان يعبر عن جوهر دين الإخوان.. عقيدتهم التى يؤمنون بها.. مشروعهم الذى يحلمون بتنفيذه والذى من أجله يكذبون ويسرقون ويقتلون ويرتكبون كل الموبقات.
حاول أن تتابع قنوات الإخوان التى تبث إرسالها من تركيا وسوف تجد أن قضية الخلافة بالنسبة لهم قضية أساسية محورية.. فتجدهم - المذيعين والضيوف - يتحدثون عن الخلافة العثمانية بحسرة.. يترحمون على أيامها ويأملون فى عودتها.
وتدافع قنوات الإخوان باستماته عن الخلافة العثمانية فتبدو تركية أكثر من الأتراك.. ولا تكتفى قنوات الإخوان بذلك لكنها تصب جام  غضبها دائما على مصر التى ساهمت فى إسقاط الخلافة العثمانية (!!).. وليس من قبيل المبالغة أن نقول إن أحد مكونات حقد جماعة الإخوان على مصر والمصريين هو دور مصر فى إسقاط الخلافة العثمانية.
ولا أظن أن كثيرين يعرفون أن فكرة الخلافة الإسلامية كانت حجر الأساس فى بناء تنظيم جماعة الإخوان!
سقطت الخلافة العثمانية فى عام 1924.. أيامها كان حسن البنا يبلغ من العمر 18 عاما.
كان هناك من بين المصريين من يؤيد سقوط الخلافة وكان هؤلاء يعتبرون الخلافة العثمانية احتلالا للبلاد.. وفى المقابل كان هناك من يؤيد بقاء الخلافة وعودتها ليس باعتبارها نظام سياسى وإنما كان لها عند هؤلاء بعدا دينيا.. وكان حسن البنا ينتمى لهذا الفريق المؤيد للخلافة العثمانية.
وعلى امتداد أربع سنوات ظل حسن البنا يتردد على مجالس علماء الأزهر ومشايخه لكى يدفعهم ويستنهض همتهم لكى يبذلوا جهدهم لعودة الخلافة.. وربما لأنه يؤمن بالمثل الذى يقول ما حك جلدك مثل ظفرك فقد قرر حسن البنا أن يتولى هو بنفسه مسألة عودة الخلافة العثمانية.. ومن أجل ذلك قام بإنشاء جماعة الإخوان فى عام 1928.
كان حسن البنا يعتبر الجماعة خطوة أولى لتحقيق هدفه عبر سبع مراحل وضعها تبدأ بإعداد الفرد المسلم ثم الأسرة المسلمة ثم المجتمع المسلم ثم الحكومة المسلمة ثم خطوة تحرير الأوطان الإسلامية ثم إقامة الخلافة ثم الوصول إلى المرحلة الأخيرة والتى وصفها باستاذية العالم.. أى السيطرة على العالم (!!).
هكذا كانت الجماعة بالنسبة لحسن البنا.. فكرة هدفها تحقيق حلمه.. وحلمه هو إعادة نظام الخلافة العثمانية.. ولعل ذلك يفسر سر هذا الغرام المتبادل بين جماعة الإخوان وبين تركيا أو تحديدا أردوغان رئيس تركيا ورئيس حزب العدالة والتنمية التركى.. فالإخوان يحلمون بالخلافة.. وأردوغان يحلم بمنصب الخليفة!
المهم أن قضية الخلافة كانت حجر الزاوية فى فكر الجماعة ومرشدها حسن البنا.. وربما لهذا السبب لم يتوقف حسن البنا عن الحديث لجماعته عن الخلافة.. وكأنه كان يوصى الإخوان بها.. ولهذا وضع الإخوان فكرة الخلافة على رأس مناهجهم.
لكن هل هناك علاقة بين الدين الإسلامى وبين الخلافة؟.. هل الخلافة جزء من الدين كما يزعم الإخوان؟!
فى استطاعة أى إنسان أن يصل إلى إجابة صحيحة لو قرأ عن تاريخ الخلافة الإسلامية.. فسوف يكتشف أن الخلافة لا علاقة لها بالإسلام وإنما هى نظام سياسى تطلبته الظروف فى ذلك الوقت.. مجرد نظام سياسى مثله مثل الجمهورية والملكية والإمارة وغيرها من النظم السياسية التى نعرفها.. ثم تعالوا ننظر بموضوعية لتاريخ المسلمين وأنظمة الخلافة فى الماضى.. فإذا فعلنا فسوف نجد قتل وظلم وتدمير وحروب طاحنة بين خلافة وخلافة.. كما حدث بين الخلافة الأموية والخلافة العباسية.. أما الخلافة العثمانية فقد كانت مجرد نظام لاحتلال الدول العربية والسيطرة عليها والاستيلاء على خيراتها.. والتاريخ يذكر أن أحد الخلفاء العثمانيين قتل 19 من أخوته لكى ينفرد بالحكم ويكون هو الخليفة.
باختصار كانت أنظمة الخلافة وخاصة الخلافة العثمانية نموذجا للظلم والقسوة والعدوان والفساد.
وليس خافيا أن كل ذلك بعيد عن الإسلام وتعاليمه السمحة.. وليست مصادفة أن كل المنظمات الإرهابية المتطرفة مثل داعش والقاعدة وغيرها تشارك جماعة الإخوان فكرة وحلم الخلافة.
وأظننا نتفق بعد ذلك كله على أن الأنظمة السياسية مهما كانت مسمياتها هى فى النهاية تعبر عن الشعوب والحفاظ على مصالح المواطنين والدفاع عن الوطن وحماية أمنة.. وليس لذلك كله علاقة بالدين.. أما الدين نفسه فهو رسالة الله للإنسان لتهذب سلوكه ومعاملاته مع الآخرين ليكون إنسانا صالحا متراحما مسلما محبا لأبناء مجتمعه.. يساعدهم ويدعمهم وينشر السلام فى مجتمعه بالكلمة الطيبة.. وبعد ذلك يحافظ على الأمانة.. ولا يعتدى ويجعل العدل أساس علاقته مع أبناء وطنه..
الإخوان لا يعرفون الأوطان، ولا يعترفون بها.. هذه هى الرصاصة التى أطلقها حسن البنا منذ أكثر من ٩٠ عاما، ولم يعد فى الإمكان أن تعود إلى البندقية.. مستحيل !!!.
أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2