كتب :عمرو فاروق
لم يمر حدث متعلق بجماعة الإخوان إلا وتم استغلاله سياسيا ودينيا بما يخدم أهداف التنظيم ومشروعه، سعيا للتأثير في الدوائر المحيطة به، وتوسيع قواعد الاستقطاب والتجنيد.
فعادة ما تتحول مراسم دفن قياداتهم ومرشديهم، إلى سباق لبث قصصهم المنسوجة بحرفية شديدة، لمخاطبة الوجدان والعاطفة الدينية.
في مقدمة هذه القصص، التي يروجها الإخوان، هي أن مقابر مرشديهم وقياداتهم تشع نورا، وأن أجسادهم باقية وحية، ولم تتحلل، كأجساد الأنبياء والشهداء، التي حرم الله على الأرض أن تأكلها.
على رأس تلك المشاهد، "مقبرة المرشدين"، التي يوظفها الإخوان سياسيا وفكريا، ويطلق عليها داخل التنظيم "مقبرة الخالدين"، ترسيخا لفكرة استحقاق الشهادة.
إذ شهدت الساعات الأولى من فجر اليوم، مراسم دفن الرئيس الإخواني الأسبق محمد مرسي، بمقابر "الوفاء والأمل"، الواقعة بمدينة نصر شرقي القاهرة، التي تضم المقبرة الرسمية لقيادات جماعة الإخوان.
وتحتوي "مقبرة المرشدين" جثامين، كل من المرشد الثالث للإخوان عمر التلمساني، الذي توفى في 22 مايو1986 عن عُمْر ناهز 81 عاما، والمرشد الرابع للإخوان، محمد حامد أبوالنصر، عقب وفاته في 20 يناير 1996 عن عمر ناهز 83 عاما.
والمرشد الخامس للإخوان، مصطفى مشهور، الذي بايعه قيادات الإخوان ليكون مرشد جديدا أمام "مقبرة المرشدين،" خلال مراسم دفن محمد حامد أبو النصر، فيما سمى وقتها بـ"بيعة المقابر"، متجاهلا قيادات التنظيم الدولي، ومكتب الإرشاد، تهربا من قضية تدويل منصب المرشد، وكانت أحد أسباب تأزم العلاقات بين إخوان مصر، وإخوان الكويت حينها، ليتوفى في 14 نوفمبر2002، عن عمر ناهز 83 عاماً، بعد دخوله في غيبوبة إثر نزيف بالمخ.
انتهاء بالمرشد السابع للإخوان، محمد مهدي عاكف، الذي توفى في سبتمبر2017، عن عمر ناهز 89 عاماً.
علي حين دفن المرشد الثاني للإخوان حسن الهضيبي، بعد وفاته في 11 نوفمبر1973، عن عمر ناهز 82 عاما، في مقابر العائلة قرية عرب الصوالحة بشبين القناطر في القليوبية.
وأوصى نجله مأمون الهضيبي المرشد السادس للإخوان، عقب وفاته في ينايرفي 2004، أن يدفن بجوار والده، بعد تشييع جثمانه من مسجد رابعة العدوية.
بينما دفن مؤسس جماعة الإخوان، ومرشدها الأول، حسن البنا، في مقابر الإمام الشافعي، في 12 فبراير1949.
بينما يظل سيد قطب صاحب "القبر المجهول"، إذ رفضت السلطات المصرية حينها، الكشف عن مكان دفن سيد قطب في أغسطس 1966، خشية أن يتحول قبره إلى ملاذا مقدسا لمختلف التيارات الفكرية المتشددة، التي انتهجت مباديء وقواعد العنف التي أرسها قطب في كتبه ونظريته.
وتعتبر "مقبرة الخالدين"، حكرا على صفوة الإخوان وقياداتهم، فمنذ تأسيسها لم يسمح أن يتم دفن فيها غير قيادات التنظيم الخاص، ومشايخ الرعيل الأول الذين عاصروا حسن البنا وسيد قطب.
فوفقا للراويات التي كشف عنها مؤخرا، فإن الدكتور محمود عزت، رفض بشدة تنفيذ وصية، الدكتور سناء أبوزيد، عضو مجلس شورى الجماعة، وأحد إخوان جيل السبعينيات، بأن يدفن بجوار عمر التلمساني، بـ"مقبرة المرشدين"، عقب وفاته في فبراير 2008، لولا استجداء ابنته أسماء وتوسط عدد من قيادات الإخوان، لاسيما عائلة الحداد، التي ترتبطها به علاقة نسب ومصاهرة.
بينما في 8 أغسطس 2005، أصدر مكتب الإرشاد قراره بفتح "مقبرة الخالدين" وتجهيزها لدفن زينب الغزالي، الزعيمة الروحية لـ"قسم الأخوات"، منذ عهد حسن البنا.
كما أصدر مكتب الإرشاد قرره بفتح "مقبرة الخالدين"، لدفن أمين عام الجماعة الأسبق، وسكرتير مكتب الإرشاد، المهندس إبراهيم شرف، زوج الدكتورة مكارم الديري ومرشحة الإخوان للبرلمان عام 2005 عن دائرة مدينة نصر، بعد أن وفاته المنية في لندن، في سبتمبر 2000.
و في 13فبراير 2007، فتح مكتب الإرشاد، "مقبرة الخالدين"، لدفن يوسف قتة، أحد قيادات الرعيل الأول للإخوان، وأحد رموز التنظيم الدولي في الخليج، والذي مكث فترة طويلة في دولة الكويت، إضافة إلى دفن الحاج محمدعلى العريشي، أحد قيادات تنظيم 65، والمسؤول السابق للإخوان في مدينة نصر، عقب وفاته في عام 2000.
كما دفن في "مقبرة الخالدين"، الحاج أحمد أبو شادى أحد قيادات الرعيل الأول للإخوان، وتنظيم 65، وصهر المهندس خيرت الشاطر، إذ تزوج ابنه القيادي الإخواني خالد أبو شادي، من سمية الشاطر، وتوفى فبراير 2010 .
تأسيس "مقبرة المرشدين"، أو "مقبرة الخالدين"، كانت في عهد المرشد الثالث، عمر التلمساني، بناء على فكرة من مصطفى مشهور حينها، الذي قام عام 1985، بشراء مقبرة على مساحة 120 متراً، على أطراف القاهرة في مقابر"الوفاء والأمل"، في مدينة نصر، وتضم (3) عيون رجالي، و(3) عيون حريمي.
ولاتزال تأول ملكية "مقبرة الخالدين"، إلى المرشد الخامس، مصطفى مشهور، نظرا لاستحالة تسجيلها في الأوراق الرسمية باسم جماعة الإخوان، على أن مسؤوليتها في عهدت مكتب الإرشاد، ولا تدخل في ميراث أسرته عقب وفاته.