عاطف عبد الغنى يكتب: فى تفكيك بنية الإرهاب (2) مدخل إلى آية السيف!

عاطف عبد الغنى يكتب: فى تفكيك بنية الإرهاب (2) مدخل إلى آية السيف!عاطف عبد الغنى يكتب: فى تفكيك بنية الإرهاب (2) مدخل إلى آية السيف!

*سلايد رئيسى21-6-2019 | 13:54

جلال الدين السيوطى وهو من كبار علماء المسلمين فسر الآيتين، من صدر سورة الشورى «حم»،«عسق» بالقول إن: «الحاء حرب علىّ ومعاوية، والميم ولاية المراونية، والعين ولاية العباسية، والسين، ولاية السفيائية، والقاف قدوم المهدى».. فهل تقبل بهذا التفسير (الشيعى)؟! وفى مثال آخر، قال أحد المفسرين للآية (179) من سورة البقرة: «ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب»، إن المقصود قصص القرآن أى لكم فى قصص القرآن حياة يا أصحاب العقول، واستدل بقراءة أبى الجوزاء، ولكم فى القصص، والتأويل المتعسف للآية على هذا النحو، يخالف ما عرفناه لغة عن لفظ القصاص، ومن تفسير الفقه له.

 وقال مفسر يدعى الكواشى «ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به» بأن المقصود بـ «مالا طاقة لنا به» هو الحب والعشق (!!)

(1)

وإذا كان ما سبق، ينظر إليه على أنه من غرائب التفاسير، فإن هذا لا ينفى أن هناك عقولا لأشخاص، ومنهم علماء كبار عدوا ما وصلوا إليه بأنه اجتهاد (!!) والنص القرآنى أو الوحى واحد يمكن لكل المسلمين الرجوع والاحتكام إليه، لكن الواقع يشير إلى أن المسلمين اختلفوا إلى مذاهب، وفرق متعارضة ولم يهتدوا إلى تفسير ومعنى واحد للنص يهديهم إلى فهم واحد يعملون به جميعًا ويكون السؤال هنا: لماذا الاختلاف؟!

والإجابة: لأن أفكار الناس، وتصوراتهم، ونفوسهم، ومواقفهم تختلف، ويترتب على هذا اختلاف المنهج الذى يعتمدون عليه ليستمدوا المعنى المراد من الله سبحانه وتعالى.

وعلى الأساس السابق يمكن أن نخضع جماعات الإرهاب للفحص والدراسة، لنصل إلى تصوراتهم لمفهوم الجهاد بالكيفية التى يمارسونها به، ولماذا أوّلت (من التأويل) هذه الجماعات، ما أطلق عليه اسم آية السيف فى سورة براءة، وجعلوا من هذا التأويل أو التفسير المنهج الحركى لممارسة الجهاد على طريقتهم.

(2)

قراءة الوحى (النص القرآنى) والاستمداد منه لفهم معانيه، له أسس وقواعــد، ومــن هـذه الأسس كمــا يقــول المغـربى د. عبد السلام الأحمر - وننقل عنه بتصرف - الآتى:

1- أن يخلص الراغب فى فهم النص القرآنى القصد لله، ويلتزم بالنزاهة العلمية.

2- أن يعرف ويلم باللغة العربية وعلوم الدين من فقه، وحديث، وقراءات.. إلخ، ويعرف أيضا علوم العصر.

3- أن يستخلص مقاصد النص القرآنى (الوحى) الأساسية من خلال استقراء توجيهاته وأحكامه ومضامينه، وهنا نتوقف قليلا لنوضح أن مقاصد القرآن أمران:

الأول: إن القرآن شريعة صالحة ودائمة لكل زمان ومكان، وذلك يقتضى فتح الأبواب لعباراته ليستنبط منها المجتهدون الجادون الأحكام الصالحة للزمان والمكان.

والأمر الثانى: تعويد المسلمين (حملة هذه الشريعة) وعلماء الأمة على التنقيب، والبحث، واستخراج المقاصد من الدلالات الصعبة، ليستنبطوا منها الأحكام، وبهذا فقط يؤدى علماء الأمة وظيفتهم فى فهم وتوصيل ما أراده الله سبحانه وتعالى، ومقصده من التشريعات.

وللإسلام عدد من المقاصد الأساسية لا يخرج عنها، وفى إطار هذه المقاصد نستمد المعنى المراد من النص القرآنى، وإذا ما اختلف المعنى الذى وصلنا إليه عن المقصد الأساسى للإسلام فذلك يستدعى إعادة النظر فى المعنى أو النتيجة التى وصلنا إليها.

4- وكما أن هناك مقاصد أساسية عديدة للإسلام، فهناك مقصد واحد، عام، شامل يجمعها، ويقول عنه علال الفاسى فى كتابه: «مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها»، إن المقصد العام للشريعة الإسلامية هو عمارة الأرض وحفظ نظام التعايش فيها، واستمرار صلاحها بصلاح المستخلفين فيها، وقيامهم بما كلفوا به من عدل واستقامة، ومن صلاح فى العقل، وفى العمل وإصلاح فى الأرض، واستنباط لخيراتها، وتدبير لمنافع الجميع».

وعند الحد السابق نتوقف ونسأل هل القتل العشوائى، والقتل على الهوى، وعلى الهوية، غاية الله فى عمارة الأرض، والكون؟!

(3)

لقد أعطى لنا الله الإجابة فى مثل (ولله المثل الأعلى) والمثل ورد فى الآية 25 من سورة الفتح، ويتعلق بسلوك رسول الله صلى الله عليه وسلم النموذج والمثال الأخلاقى للبشر، فى صلح الحديبية، حيث يقول عز من قائل: «ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطوؤهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله فى رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما»، فهل يمكن أن ينكر إخوان الإرهاب أو تنكر داعش هذه الآية التى فسرت سببا رئيسيا من أسباب تجنب الرسول صلى الله عليه وسلم القتال، واللجوء إلى الصلح فى الحديبية؟

 لقد لجأ الرسول بوحى من الله إلى الصلح الذى أنكره عليه بعض الصحابة، وما فعل هذا إلا تحقيقا لمصلحة نفر من المسلمين فى مكة لم يعرفهم، لا يمكن تمييزهم بين الكفار فأراد أن يدفع عنهم الخطر، وأن يعطى فى الوقت ذاته الفرصة لهداية المزيد من الأعداء (الكفار) للإسلام، ليعطى لنا مثالا عظيما على استحياء النفس الإنسانية (تركها حيّة وليس قتلها) ومعنى مهم لعمار الأرض، لا تفهمه داعش ولا إخوان الإرهاب.

وكما أسلفنا فالقرآن نزل بلغة العرب، ولن يكون صالحًا لكل زمان ومكان إلا إذا كان يتحدث أيضا بلغة «الكون الإنسانى»، وما جعل الله أسباب النزول إلا لضرب الأمثال على الحياة المعاشة ومن هذه الأمثال تترتب المثل العليا، والقيم، ودلالات النصوص التى تبقى حية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

(4)

والآن نستطيع أن نقرر أن التفسير الخاطئ والقراءة المغلوطة للإرهابيين القتلة، للوحى، وبالتحديد لآية اشتهرت فى التراث بمسمى «آية السيف» هى هذه القراءة التى قادتهم لجرائمهم فى حق الإسلام والمسلمين.. فماذا تقول هذه الآية؟!.. وكيف فسروها؟!

أولا: لم يتفق أكثرهم على تحديد الآية التى قال بعضهم إنها رقم 5 ، وقال آخرون 29 أو 36 من سورة التوبة، لكنهم أجمعوا على أنها نسخت ما يقرب من 140 آية من آيات الرحمة فى الإسلام.

ثانيًا: هل نسخت «آية السيف» آيات الرحمة بمعنى أنها ألغتها ورفعت أحكامًا شرعية وردت فى القرآن، سابقة على نزولها؟!

يقول العلماء إن هناك فرقا بين النسخ والنسء، فالنسخ هو الإزالة، والنسء هو تأجيل الشىء إلى زوال سبب التأجيل، وأن ما يشار إليه فى سورة التوبة من الأمر بقتال المشركين من النسء، أى الأمر المؤجل إلى أن يقوى المسلمون، وكلا الأمرين التأجيل، والحض على القتال كان مرتبطا بظروف الزمان والمكان للمسلمين الأوائل، وتغيرت الأحكام بتغير الأحوال! فلا نسخ هنا للأحكام، وما كان خاصا بأسباب النزول (المثال) الذى نزلت فيه الآيات يحتاج إلى قراءة صحيحة لنخرج منه بمثل (قيمة) للحاضر، أما القتلة الإرهابيون فلم يحسنوا قراءة الآيات، وبالتالى فقد استنبطوا منها أحكاما فاسدة وطبقوها على الأرض.

.. وللحديث بقية.

أضف تعليق

رسائل الرئيس للمصريين

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2