د. داليا مجدي عبد الغني تكتب: الملك لير
د. داليا مجدي عبد الغني تكتب: الملك لير
فكرة عرض مسرحية "الملك لير" لشكسبير، هي فكرة رائعة، أن نُعيد روائع الأدب العالمي، فهذا الأمر لاشك أنه يُرقي من الذوق العام، فعندما شاهدت العرض المسرحي منذ بضعة أسابيع، للفنان الرائع "يحيى الفخراني"، ورأيت مدى تجاوب الجمهور مع هذا العرض، رغم أنه باللغة العربية الفصحى، ويحكي عن حقبة زمنية بعيدة، إلا أنه خلق تفاعل نفسي غير عادي بين المشاهدين والرواية، فهذا التجسيد الرائع يعمل على تثقيف الجيل الحالي، الذي بات لا يأنس كثيرًا بالقراءة، فهو يثقفه بطريقة غير مباشرة، وأظن أن هناك الكثيرين الذين قرروا أن يقرأوا النص الروائي بعد استمتاعهم بالعرض المسرحي.
فبعد أن انتهيت من مشاهدة هذا العرض العظيم، تمنيت أن أشاهده مرة أخرى، خاصة وأن اللغة العربية كانت مُتقنة من قبل جميع الفنانين، وبرغم فصحتها، إلا أنها كانت شديدة في بساطتها، فيسهل على أي شخص أن يفهمها ويعيها، ويتعايش مع أحاسيس أبطالها.
لذا تمنيت لو نُعيد أغلب الروايات العالمية على المسرح؛ حتى نستمتع بالأفكار التي سبقت عصر الكُتَّاب، فمن يُشاهد هذا العرض، يتيقن أن "شكسبير" كان سابقًا عصره بمراحل، فكل المشاكل، والأزمات، حتى طبيعة الجمل الحوارية، تُشعرنا بأن هذه الرواية كُتِبَتْ في هذا الزمان.
فجميل أن ترى عملاً لا إسفاف فيه، ولا تسمع أي جملة فيها ابتذال، أو ترى مشهدًا خادشًا للحياء، فكل شيء يحترم فكر وإحساس وحياء المشاهد، علاوة على أنه يُنضجه فكريًا، ويُخاطبه نفسيًا، ويُثقفه لاإراديًا، وهذا هو المطلوب على الساحة الفنية، أن تعمل على الرقي الفكري والنفسي للمشاهد، فمن الممكن أن نُناقش أي قضية، حتى لو كانت بطبيعتها غير أخلاقية، ولكن يتم حبكتها بشكل، يجذب المشاهدين، ويُمتِّعُهُم في ذات الوقت.
وأعتقد أن المسرح المصري لو انتهج فكرة إعادة الروايات العالمية للساحة الفنية، فإنه سيضع حجر الأساس في تأريخ هذه المرحلة، ويكفي أنه سيسرق الناس من عالم السوشيال ميديا، الذي انغمسوا فيه تمامًا، لدرجة أنْسَتْهُم سحر القراءة وروعة الورق والكتب.