مفاجأة.. مصطفى أمين هو من كتب بيان «ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين»

مفاجأة.. مصطفى أمين هو من كتب بيان «ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين»مفاجأة.. مصطفى أمين هو من كتب بيان «ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين»

*سلايد رئيسى29-6-2019 | 10:41

كتب: عمرو فاروق عقب أيام قليلة من إصدار النقراشي باشا أول قرار بحل جماعة الإخوان، تم اغتياله في 28 ديسمبر 1948، على يد الإخواني عبد المجيد أحمد حسن.

ومن باب التضليل والخداع، أصدر البنا، بياناً تحت عنوان "هذا بيان للناس"، أثنى فيه على "النقراشي"، واستنكر اغتياله وتبرأ من قاتليه، لتهدئة الرأي العام ضد الجماعة.

لكن لم تمض أيام معدودة حتى قام التنظيم الخاص بالتخطيط لتفجير محكمة الاستئناف بمنطقة باب الخلق في وسط القاهرة، في 16 يناير 1949.

ليتم نشر البيان الشهير بعنوان: "ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين"، الذي تبرأة فيه البنا من الحادث الإجرامي، عبر صحيفة أخبار اليوم.

الحقيقة الغائبة في هذا المشهد، هي أن البنا، لم يكتب هذا البيان لكن تم إجباره عليه وفق مفاوضات تمت داخل مكتب مصطفى مرعي، وزير الدولة في حكومة إبراهيم عبدالهادي، في مقر مجلس الوزراء الواقع حاليا في شارع قصر العيني.

المفاوضات التي قادها مصطفى مرعي، بتكليف من رئيس الوزراء حينها، وبتشارو مع الكاتب الصحفي مصطفى أمين، أستهدفت البنا بصفته الشخصية، إذ تم ابلاغه أنه سيكون شريكا في جريمة اغتيال النقراشي باشا، بتهمة التحريض على القتل، وأن سيلقى نفس العقوبة المقررة على منفذ الاغتيال، في حال عدم ادلائه باعترافات تفصيلية عن قيادات وعناصر التنظيم الخاص، وكشف أماكن اختبائهم، ومخازن الأسلحة التي يتم استخدمها في العمليات الإرهابية التي نفذها التنظيم الخاص للإخوان.

طالب البنا من صديقه الشخصي مصطفى أمين، مهلة كي يتخذ القرار، ويستشير بعض المقربين منه، وكان من بينهم الدكتور فريد عبد الخالق، الذي تحدث في مذكراته عن بجزء من تفاصيل هذه الواقعة.

شعر البنا حينها أنه وقع بين سندان السجن، إذ لم يتم الكشف عن تفاصيل التنظيم السري، وبين مطرقة هذا التنظيم المسلح الذي ربما لن يتورع في التخطيط لاغتياله شخصيا، لاسيما أنه تلقى تهديدات بالقتل عبر خطابات وصلته من قيادة التنظيم الخاص، إذا كشف أسرار الكيان المسلح، أو أبلغ عن أسماء عناصره، وأماكن الأسلحة ومحطة الإذاعة السرية.

وفي الميعاد المقرر لتحديد الشكل النهائي للتفاوض، اجتمع كل من حسن البنا ومصطفى مرعي، ومصطفى أمين، داخل مكتب الأخير بمؤسسة أخبار اليوم، اتخذ البنا كعادته قرارا بالمراوغة من الفخ السياسي الذي نصبته له حكومة إبراهيم عبد الهادي.

إذ أبلغهما قراره بإصدار بيانا يعلن فيه تبرأته من العناصر المنفذة لعملية اغتيال النقراشي باشا، دون أن يكون محرضا عليهم، تجنبا لرد فعلهم المتوقع.

اتفق الأطراف الثلاثة على بعض النقاط الأساسية والتي اقترحها مصطفى أمين، على حسن البنا، بعد استشاراته لصديقه الكتاب الصحفي محمد حسنين هيكل، الذي كان يتابع تفاصيل اجتماعات التفاوض باهتمام.

شعر مصطفى أمين، أن البنا لن يكتب أو يقدم بيانا يعبر عن توجهات الحكومة المصرية، فقام هو بصياغته بنفسه، وطالب البنا بالتوقع عليه، واختار عنوانا مختلفا تماما، عكس ما طرحه البنا، الذي اعتاد على إصدار جميع بيانات الإخوان تحت مسمى"هذا بيان للناس"، ليستقر مصطفى أمين، على عنوان صحفي، يحمل مضمونه توجهات الحكومة المصرية، ويعبر بشكل مباشر عن محتوى البيان.

تحدث عن تفاصيل وقائع تفاوضات البنا مع حكومة عبد الهادي باشا، محمود عساف، مؤسس مخابرات الإخوان، ومستشار عبدالرحمن السندي، قائد التنظيم الخاص، في مذكراته "مع الإمام حسن البنا، الصادرة عام 1993، الذي كشف عن حجم تفاوضات البنا مع الحكومة المصرية والملك فاروق، للخروج من أزمة اغتيال النقرشي بأي طريقة.

فقال نصا: "وعندما قررت حكومة النقراشي حل الإخوان المسلمين استجابة لتعليمات الملك والإنجليز، كان الإمام حسن البنا حريصاً على مقابلة الملك فاروق بأي وسيلة ولو في السر، وقال لي إنه إذا تيسر له مقابلة الملك فإنه قادر بعون الله تعالى علي قلب الميزان المعوج وجعله في صالح الإخوان".

كما كشف عن جزء منها شيخ مؤرخي الإخوان محمود عبد الحليم، في كتابه" الإخوان المسلمون.. أحداث صنعت التاريخ"، من أن البنا تم الضغط عليه كي يصدر بيانا بعنوان: "هذا بيان للناس"، أثنى فيه على "النقراشي"، واستنكر قتله.

ويستكمل عبد الحليم: وبعد حادثة تفجير محكمة الاستئناف بالقاهرة، اضطر الأستاذ حسن البنا أن يصدر بيانًا أدان فيه العنف، تحت عنوان: "ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين".

كما أورد هذه الرواية المفكر الإسلامي، الدكتور ثروت الخرباوي في الجزء الثاني من كتابه "سر المعبد"، الصادر عن الهيئة العامة للكتاب في يناير 2019.

كانت هذه البيانات مجرد تقية للهروب من الأزمة التي لحقت بالبنا نفسه، أملا في أن يتمكن من إعادة ترتيب أوضاع الجماعة، لاسيما بعد أن سيطر عبد الرحمن السندي على التنظيم الخاص وأصبح المتحكم الرئيسي في الكيان المسلح، في الوقت الذي فشل فيه البنا في الإطاحة به من رأس التنظيم.

ما يعني أن بيانات الإدانة التي أصدرها البنا كانت لتحقيق عدة أهداف منها، التهدئة مع الحكومة والتغاضي عن قرار حظرها وعودة ممتلكاتها بعد التحفظ عليها، وغسل سمعته من الافتاء بقتل رموز الدولة، إضافة للخلاص من عبدالرحمن السندي ورجاله، واستعادة السيطرة على التنظيم الخاص.

لكن كان بيان مصطفى أمين، بمثابة المسمار الأخير في نعش حسن البنا، حيث حقق رجال التنظيم الخاص تهديداتهم باغتياله، والصاق التهمة بالحكومة المصرية والملك فاروق.

ما يؤكد حقية هذه الرواية، ما ذكرته جريدة الأهرام فى العدد 2280 السنة 75 بتاريخ 12فبراير 1949 عن مقتل حسن البنا، وكتبت الأهرام في صفحتها الأولى: "الإخوان المسلمين هم الذين قتلوا حسن البنا، لأنه كان ينوى إبلاغ الحكومة عن مكان الأسلحة ومحطة الإذاعة السرية، وأن وزارة الداخلية تلقت من الشيخ حسن البنا خطاباً بعنوان (ليسوا إخواناً.. وليسوا مسلمين)، وجه فيه اللوم إلى الذين ارتكبوا الحوادث الماضية، وأشار إلى حادثة محاولة نسف مكتب النائب العام".

وتضيف جريدة الأهرام: ".. هذا وقد علمنا أنه كان قد أرسل منذ أيام خطاباً آخر الى وزارة الداخلية يعلن فيه عن اعتزامه تسليم المحطة السرية والأسلحة وغير ذلك مما تحت يد الإخوان إلى السلطات المختصة، وأنه على أثر ذلك تلقى خطاب تهديد بالقتل إذا أذاع أى سر من أسرار الجماعة".

هذه الأقول تؤكد صحة اغتيال التنظيم الخاص لحسن البنا، بعد علمهم بتفاوضه مع الحكومة المصرية على ارسال قائمة بعناصر التنظيم الخاص الذين كان يرغب في الخلاص منهم واستبدالهم بعناصر جديدة تدين له بالولاء بعد أن انفرد عبد الرحمن السندي بقرارت التنظيم الخاص .

وفى مفاجأة أخرى عن مقتل حسن البنا، نشر موقع العربية نت يوم 21 فبراير 2008 تحقيقا صحفيا، أورد به كلاما على لسان القيادي السابق في النظام الخاص للإخوان، محمد نجيب، نفى فيه اتهام الملك فاروق وحكومته بإغتيال حسن البنا، قائلا: " الحقيقة المؤكدة أن الملك فاروق بريء من هذا الاتهام، وبريء من دم البنا، ولم يشارك أو يسعى في قتله، وهذا لا يعرفه إلا عدد قليل جدا من قيادات الإخوان، مات معظمهم ولم يتبق منهم إلا القليلون .. الحقيقة لابد وأن تظهر مهما مرت السنوات، فالملك فاروق كان له دور كبير جدا مع الإخوان، وهذا رأيي في الملك فاروق ولدى ما يدعمه، وأعتذر لقيادات الإخوان؛ لأنني أعرف جيدا أنهم لا يتفقون معي فيه، بل وربما يثير هذا الرأي مشاكل داخل الجماعة".

ووفقا للراحل الدكتور رفعت السعيد في دراسته التي قدمها تحت عنوان "جماعة الإخوان.. مسيرة الصعود هبوطاً"، أشار فيها إلى أن سجل تشريفات قصر عابدين يوم 14 نوفمبر 1951 أورد قائمة بأسماء قادة الإخوان الذي أتوا لتقديم الولاء للملك فاروق، وهم المرشد الثاني المستشار حسن الهضيبى، وشقيقه عبدالرحمن البنا، وصهره عبدالحكيم عابدين، وصالح عشماوي، وعبدالقادر عودة، وحسين كمال الدين، والشيخ محمد الغزالي، وعبدالعزيز كامل، وجميعهم أعضاء في مكتب الإرشاد العام للإخوان.

فإذا كان الملك فاروق هو من خطط لاغتيال حس البنا، فكيف لقيادات الجماعة، أن تذهب وتعلن ولائها المطلق للملك في قصره.

في حين يشير صلاح شادي مسؤول قسم الوحدات في التنظيم الخاص، والذي كان في نفس الوقت أحد كبار ضباط الشرطة المصرية، في مذكرات التي نشرت بعنوان "صفحات من التاريخ.. حصاد العمر " الصادر عام 1987 عن دار الزهراء للإعلام العربي، إلى الكثير من العبارات التي وصفت الشخصية الدموية لقائد النظام الخاص عبد الرحمن السندي، وانحرافاته النفسية، واستخفافه بحسن البنا، واستعداده لقتل أي إنسان يحاول الاقتراب من موقعه في قيادة النظام المسلح.

أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2