د.ناجح إبراهيم يكتب: الطبخة المسمومة

د.ناجح إبراهيم يكتب: الطبخة المسمومةد.ناجح إبراهيم يكتب: الطبخة المسمومة

* عاجل4-7-2019 | 21:40

صفقه القرن تم طبخها وتسويتها وانضاجها في المطبخ الأمريكي الإسرائيلي بين ترامب ونتانياهو وعهد بها إلي كوشنر العراب الفعلي لها. أعلن كوشنر أن السرية أساس الصفقة ولن يعلن عن تفاصيلها حتى لا تواجه بالرفض وتتعرض لضغوط تفشلها,ويعنى ذلك أنه لن يعلن عن شيء إلا ما يتم علي الأرض,وطبعاً الشعوب العربية آخر من سيعلم لغياب حرية الصحافة والإعلام فيها. بدأ العد التنازلى للصفقة والتى ستختلف عن كل الصفقات الماضية التى بدأت بالجانب السياسى ثم أتبعها الجانب الاقتصادى مثل كامب ديفيد أو أوسلو ولكن صفقة القرن ستبدأ بالإغراء الاقتصادى الذي يسيل له اللعاب. أعلن كوشنر أن الصفقة ستتم سواءً وافق عليها الفلسطينيون أم لم يوافقوا,وقد اعترضت علي الصفقة كل القوى الفلسطينية الفاعلة بدءً من حماس والجهاد الإسلامى وانتهاءً بفتح  وعباس مهندس أوسلو. ويلمح المراقبون بأن أمريكا وإسرائيل ودولاً عربية أخرى ستسعى لإيجاد قيادة بديلة لهؤلاء فى حالة إصرارهم علي الرفض,وعلي رأس هؤلاء دحلان وسيساعد علي ذلك حالة عباس الصحية المتدهورة. الصفقة لا تحتوى حل الدولتين"إسرائيلية وفلسطينية"ولكن دولة واحدة هى إسرائيل,مع إعطاء حكم ذاتى مطور للفلسطينيين"فإسرائيل ستأخذ كل شيء سوى غزة التي لا تريدها أصلاً. صفقة القرن ليس فيها أي فكرة عن انسحاب إسرائيلى  إلي حدود ما قبل 5 يونيه. الصفقة تمثل الحل النهائي ليس للصراع الاسرائيلي الفلسطيني بل للصراع العربي الإسرائيلي كله حسب تصور واضعيها، ورغم ذلك فإن الصفقة اسقطت حق العودة لقرابة 6 مليون لاجيء يمثلون صلب الشعب الفلسطيني واكتفت بحفنة دولارات تعطيها دول الخليج لأمريكا لتهبها للدول التي يعيش فيها اللاجئون الفلسطينيون. الصفقة سترسخ وتقنن وضع المستوطنات الإسرائيلية التي ابتلعت معظم أراضي الضفة ، فهناك قرابة 800 ألف مستوطن يعيشون في أرض محتلة حسب القانون والشرعية الدولية ولكن ستضم بعض المستوطنات الهامشية لبعضها . الصفقة سترسخ قانون الهوية اليهودية لدولة إسرائيل وهو أكبر قانون عنصري في التاريخ كله ورغم ذلك يصمت العالم كله عليه. كل المعونات التي تعرضها الصفقة لن تدفع فيها أمريكا أو إسرائيل مليماً واحداً ، ولكنها بنص كلام كوشنر من دول الخليج وتبرعات أخرى"مثل اليابان وكوريا الجنوبية" وستفرض عليهم فرضاً . كوشنر وأمثاله يظنون أن ثمن فلسطين عدة مليارات من الدولارات والغريب أنها من أموال العرب ، تعطى لأمريكا لتهب بعضها للفلسطينيين كي يتنازلوا عن بلادهم وديارهم ، والأموال التي ستعطى للسلطة الفلسطينية لن تنفق إلا برعاية وإشراف إسرائيلي وما أدراك ما الإشراف الإسرائيلي. لو كانت أمريكا مهتمة برفاهية الفلسطينيين ما أوقفت عمل الأونروا في فلسطين،وهل يمكن للاقتصاد الفلسطيني أن ينمو بعيداً عن دولته المستقلة،وهل يمكن للسلطة الفلسطينية أن تبيع فلسطين مقابل دولارات قليلة ستستولى إسرائيل وأمريكا علي أكثرها بحجة أو بأخرى. الصفقة أخرجت القدس تماماً من المفاوضات وقد بدأ ذلك بإجراءات أمريكية معروفة وغير مسبوقة،وبذلك ضاعت القدس كلها من أيدي العرب. الصفقة عبارة عن املاءات ترامبية في صفقة إجبار وإذعان لا خيارات فيها في أضعف أوقات العرب والمسلمين، وهي سرقة كاملة لفلسطين دون مقابل،وإذا كان الخليج هو الذي سيساعد الفلسطينيين فلم لا يساعدهم كما ساعدهم من قبل دون أن يبيعوا فلسطين لإسرائيل،الصفقة ليست تسوية ولكنها تصفية للقضية،وتسويق مالا يسوق،وتمرير ما لا يمرر،وبيع مالا يباع،فما طبخه ترامب ونتنياهو للعرب هو السم بعينه.

أضف تعليق

تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2