أحمد عاطف آدم يكتب: «الهوا في أزايز المُعْلنين»

أحمد عاطف آدم يكتب: «الهوا في أزايز المُعْلنين»أحمد عاطف آدم يكتب: «الهوا في أزايز المُعْلنين»

*سلايد رئيسى10-7-2019 | 16:06

يوم بعد يوم يزيد ويستشري مرض " حمى الثراء الفاحش دون وجه حق"، ليصبح الطبيب مريضًا عندما يستغل " زبائنه" باسم الطب ليببع لهم وهماً، ويصبح الفنان الذي يبني ويُرسخ القيم الإنسانية في وجدان جمهوره- هو المِعْول الذي يستخدمه المنتجون البؤساء في هدم كل ما بقي لنا من أخلاق الزمن الجميل، بل وأصبحت شركات التواصل الاجتماعي كالفيسبوك، واتس آب تبيع لنا نصباً ممولاً عبر إعلاناتها الرائجة لمعدومي الضمير المهني والإنساني، كتلك التي تزعم علاج السكر من النوع الأول والثاني بالخلايا الجذعية في إحدى الدول الأجنبية، أو مركز الدكتور فلان الذي يعيد بناء غضاريف المفاصل المتآكلة بحقنة واحدة والقضاء على الخشونة للأبد... إلخ، والغريب أنك تجد تفاعلا ما يدفعك للجنون من رواد مواقع التواصل الانفصالي ( الاجتماعي)- فهناك من يسأل بكام السعر، وترد الشركة المعلنة: الرد خاص- طبعاً لمزيد من الرسائل الإقناعية علي انفراد للزبون السُقع، وأرقام تليفونات للمئات من الطرائد، بعض تلك الأرقام تتبع البائعين، وهم يعملون كالخميرة التي دورها نفخ المنتج لاستقطاب الفرائس- والمصيبة أن الزبائن يضعون أرقام هواتفهم بل وعناوينهم بالتفصيل الممل من أجل الحصول على إكسير الغش . يُقَسَّم الباحث البريطاني " جون ميلر" قطاع جمهور وسائل الإعلام إلى ثلاث فئات هم: الأميون، الذرائعيون العمليون، المثقفون- ولكنني سأتعرض لتعريفة للفئة الأولى وهم " الأميون" - حيث يرى الباحث أنهم " من قد يستطيعون القراءة والكتابة لكن لا يميلون إلى ذلك بالفعل، فقد يقرأ البعض منهم موضوعا خفيفا أو عنوانا إخباريا أو تعليقات الصور وفقط، فهم لا يرغبون في القراءة، بسبب طبيعتهم الخاملة ذهنيا والتي تكتفي بالأفكار الضحلة عن العالم المحيط دون إدراك متكامل للأحداث والقضايا، أو بذل أقل مجهود من أجل إدراك الأهداف المستترة خلف الرسائل الإعلامية الموجهة إليهم" . في اعتقادي أن تعريف الباحث البريطاني هو ما يصف حالنا بدقة فيما يخص تفاعلنا وتجاوبنا مع تلك الرسائل الوهمية، أو ما أُسميها " الشائعات الإعلانية الممولة" بمواقع التواصل. تعريف جون ميلر للجمهور الأُمي لوسائل الإعلام هو ما ينطبق تماما على السواد الأعظم من جمهورنا العريض بتلك المواقع الهلامية، فمعظمنا للأسف أصبح يشتري الهواء المعبأ في زجاجات الشركات المُعْلنة دون تفكير. نعم تدفعنا الحاجة إلي الامتلاك أو التجربة- ولكن ألا يجب أن يقتلنا التفكير والإمعان في فائدة أو نفع تلك البضاعات البالية قبل خوض غمار التجربة، أليس الأجدر بنا أن نستخدم نفس أداة الولوج إلي عالم تلك المواقع وهو الإنترنت لنثقف أنفسنا ونعرف المزيد والمزيد عن طبيعة مرض ما نعاني منه ونجهل طبيعته، أو منتج معلن عنه لا نعرف أصله وفصله قبل أن نهم بشرائه .
أضف تعليق