(الجزء الرابع) أسرار من داخل الجماعة.. من الذى قاد تنظيم الإخوان الإرهابى بعد ثورة 30 يونيو؟

(الجزء الرابع) أسرار من داخل الجماعة.. من الذى قاد تنظيم الإخوان الإرهابى بعد ثورة 30 يونيو؟(الجزء الرابع) أسرار من داخل الجماعة.. من الذى قاد تنظيم الإخوان الإرهابى بعد ثورة 30 يونيو؟

* عاجل16-7-2019 | 21:52

دراسة يكتبها: عاطف عبد الغنى

فى خضم الحراك الشعبى والسياسى، الذى كان يتصاعد ضد حكم جماعة الإخوان المسلمين فى مصر، وقبل ثورة 30 يونيو 2013 بحوالى 3 شهور كانت مجموعة من شباب الإخوان تدشن حملة تحمل اسم “معًا نبنى مصر” وأقاموا لها مؤتمرا حمل عنوان “يد بتبنى ضد العنف”، ولم يهتم الإعلام بهذا المؤتمر الذى حضره أقباط وأصحاب إيدولوجيات اشتراكية وليبرالية، وفى انشغال الجميع وخوفهم من القادم المجهول ونذر الشر تتطاير، ما كان لهذا الحدث ألا يلقى الانتباه حيث يعكس توجه آخر داخل الجماعة التى أعلنت الحرب على الجميع وراحت تهدد بإشعال حرب أهلية فى مصر، وبدا أن فريقا من شباب الجماعة لم يعجبه سلوك قادتها من العواجيز، والقطبيين دعاة العنف، فيحاول فرملة الجماعة التى تهوى مثل الصخرة، إلى أسفل، أو مثل كرة الثلج التى تزداد سرعتها مع زيادة كتلتها وهى تسقط.

بداية التمرد

الطبيب، الذى نطلق عليه من باب الخطأ الشائع دكتور، والذى سيتردد اسمه كثيرا فيما بعد، كان أحد المنظمين والمشاركين الرئيسيين فى هذا المؤتمر المشار إليه سابقا وهو المدعو محمد كمال، وقد أدلى بتصريح صحفى على هامش مؤتمر الشباب الإخوانى أبان فيه ما يريد أن يخفيه، حين قال: “إن مؤتمر شباب الإخوان ليس صداما مع الجماعة فهم من قاموا بتربيتنا”، مضيفا أن “من حقنا كشباب الإخوان طرح الرؤى والأفكار، ومن حقنا على القيادات الاستماع الينا.” وذهب كمال مسافة أبعد حين طالب محمد مرسى بعقد مؤتمر شبابى يضم كل شباب مصر، ولم يكن لمرسى أو غيره من عواجيز الجماعة أن يستمعوا لـ “كمال” أو غيره وهم مهوسون بالقبض على السلطة التى تتسرب من بين أيديهم وأعينهم بفعل غبائهم وطمعهم المتناهيين.. ولم يمر على المؤتمر شهور قليلة حتى كانت الجماعة خارج الحكم، وعدد من عواجيزها فى السجن، وآخرون هاربون خارج مصر، واجتمع شباب الإخوان الثائر على تلك القيادات التاريخية “المنتكسة” التى أودت بالجماعة إلى التهلكة، وقرروا تشكيل كياناً موازيا لإدارة الأمور.

محمود عزت

التحرك على الأرض

وقررت جبهة الشباب الثائر أن تختار غطاء لها، تواجه به المتحكمون فى أمر الجماعة من الخارج، وخاصة محمود عزت، القائم بأعمال المرشد، ومحمود حسين، الأمين العام، وتضفى شىء من الشرعية على كيانها، قررت ذلك بشرط أن يكون هذا القائد الجديد شرفيا، ولم تجد مواصفاتها إلا فى مهدى عاكف مرشد الجماعة السابق لهذا المنصب، على الرغم من كونه فى السجن، وذلك لدعمه الكبير لجبهة الشباب ضد محمود عزت، وإعلان عاكف من داخل سجنه تأييده لهم أكثر من مرة، واختار الشباب أيضا يوسف القرضاوى مستشارا لجبهتهم أو الكيان الإخوانى الجديد الخاص بهم، وقد أعلن الأخير تأييده لجبهة الشباب وموافقته على إجراء انتخابات شاملة فى الجماعة، مما أغضب القائم بأعمال المرشد محمود عزت بشدة، وبدأ عداوة واضحة وصريحة مع القرضاوى. وأصدرت جبهة شباب الإخوان، لائحة داخلية جديدة لتنظيم الجماعة الجديدة، وقامت بنشرها على أحد المواقع الإلكترونية الخاصة بهم، وطبقا لهذه اللائحة فإن منصب المرشد لن يكون هو الرجل الأول فى الجماعة، بل سيكون أشبه بالمستشار أو الأب الروحى، فى حين ستكون كل الصلاحيات فى يد «المراقب العام»، وهو منصب جديد وضعه شباب الإخوان فى لائحتهم تلك، ويكون دور هذا الشخص هو التنسيق بين كل المؤسسات الشورية فى الجماعة، وبعد هذا التنسيق يصدر القرار من قبل هذا المراقب. وأصدرت جبهة الشباب وثيقة «على بصيرة» من أجل بدء انتخابات شاملة فى الجماعة واختيار لائحة جديدة، ومعنى هذا أن التمرد داخل الجماعة تحوّل إلى عمل على الأرض يرسخ الانقسام ما بين جبهة خاصة بمحمود عزت، ومحمود حسين وأنصارهما من الحرس القديم، وجبهة شباب الإخوان المتمردة. [caption id="attachment_307812" align="alignnone" width="896"] محمد كمال[/caption]

صراع الحرسين.. القديم والجديد

وتم انتخاب محمد كمال ليرأس هذا الكيان الجديد المتمرد، وقد سبق له أن ترأس ما سمى بـ “لجنة إدارة الأزمات” عقب فض اعتصامى رابعة والنهضة، وتشكلت جبهة الأزمات من ٧ أعضاء فى الخارج تم انتخابهم من أعضاء الجماعة بتركيا وقطر وماليزيا والسودان باعتبارهم التجمعات الأبرز، و٤ فى الداخل، وهى ذات اللجنة التى كانت محل رفض من محمود عزت، ومحمود حسين، وإبراهيم منير، حيث رأوا فيها إقصاء لدورهم التاريخى، وأن تشكيل تلك اللجنة يناقض من الأساس لوائح الإخوان ونظامها الداخلى. وفى طور التمرد الجديد شكلت جبهة شباب الإخوان ما أطلقت عليه «اللجنة الإدارية العليا» وهى بمثابة مجلس شورى خاصًا بهم يقود جبهتهم، حتى يتم انتخاب مكتب إرشاد جديد ومجلس شورى جديد خاص بهم، وترأس أيضا محمد كمال، هذه اللجنة التى ضمت مجموعة من قيادات الإخوان بعضهم موجود فى مصر، وآخرون فى الخارج، ويأتى على رأس هؤلاء على بطيخ، القيادى الإخوانى، الذى مثل الذراع اليمني لمحمد كمال قبل أن يخرج من مصر، ويعلن سفره إلى تركيا، هذا بالإضافة إلى محمد منتصر، المتحدث الرسمى باسم جبهة شباب الإخوان، والذى يعتبر شخصية غاية فى الغموض، ويتخفى تحت اسم وهمى، ويتحدث باسم شباب الإخوان، وضمت اللجنة أيضا مجدى شلش، رفيق محمد كمال فى مصر، والذى ظهر فى تركيا بعد مقتل كمال فى تمواجهة مع قوات الأمن. [caption id="attachment_307813" align="alignnone" width="770"] محمود حسين[/caption]

محمود حسين «المراقب العام»

واستحدثت لائحة شباب الجماعة منصب «المراقب العام»، وهو بديل للمرشد العام وسوف تكون كل الصلاحيات فى يده ويقوم بالتنسيق بين كل مؤسسات الجماعة - كما أسلفنا - ورشحت الجبهة عدد من الأسماء لهذا المنصب من قيادات الجماعة المؤيدة لهم ولجبهتهم، لكنهم لم يحسموا الأمر فى الاختيار. وردا على تلك القرارات والتحركات السابقة من الشباب الرافض لعواجيز الجماعة بادر أمين عام الإخوان الهارب فى الخارج، محمود حسين بإصدار بيان أكد فيه على أن قيادة الجماعة تم حسمها «بشكل مؤقت» ، وأن من يتولى تلك القيادة اللجنة الإدارية العليا ورئيسها محمد عبدالرحمن المرسى، وذلك لحين استكمال مكتب إرشاد منتخب لإدارة الجماعة، مؤكدا أن جميع الأزمات الداخلية تم حلها، ولكنه كان كاذبا فى ذلك. وبالفعل كان محمد كمال هو المرشد الفعلى للإخوان المسلمين خلال العامين (2014، 2015) وكان يخطط للحراك والعمليات الإرهابية التى حدثت فى مصر ، كما أسلفنا. وفى الخارج توزع التنظيم فى تركيا ما بين محمود حسين، وعزمى أنطوان بشارة، وآخرون، كانت مرجعيتهم محمود عزت، وحسب لائحة الجماعة كان مؤقتا تاريخ 30 يونيو من عام 2014 ، لإجراء انتخابات مجلس شورى الجماعة ومكتبها، وبالطبع لم تجرى الانتخابات، بسبب التشظى الذى أصاب الجماعة الإرهابية، لذلك عد الشباب قيادات التنظيم الموجودون قد انتهت ولايتهم منذ عام 2014 وبذلك لا توجب لهم سمعا ولا طاعة، ولا يعدوا قادة لا تنظيميا ولا شرعيا. [caption id="attachment_307814" align="alignnone" width="802"] إبراهيم الزعفرانى[/caption]

شئون الهاربين بالخارج

وذكر الإخوانى المنشق إبراهيم الزعفرانى، فى مذكرات له قام بنشرها، اسم محمد البحيرى، كأحد المحركين الفعليين للجماعة حال اختفاء محمد بديع، أو محمود عزت زميليه فى تنظيم عام ١٩٦٥، والبحيرى من القيادات التاريخية للجماعة، وهو مندوب رابطة الإخوان فى السودان، ومسئول مكتب الجماعة فى إفريقيا. وتواجد البحيرى فى لندن بالفعل فى هذا التاريخ الذى نتحدث عنه لكن ليلعب دور الملطف، والمهدىء، على الأكثر، وعلى سبيل المثال قام بهذا الدور حينما دب الخلاف بين قيادات الجماعة حينما سافر إبراهيم منير ومحمود حسين إلى إيران فى مايو ٢٠١٥ دون إخبار أعضاء مكتب شورى الجماعة. أما محمود حسين، فقد تولى قيادة شئون الهاربين بالخارج، منذ أن انتقل إلى تركيا، غير أن الأخير نفسه طالته اتهامات بسرقة أموال الجماعة، وقد وجه له هذا الاتهام عمرو أبوخليل، عضو اللجنة السياسية المركزية فى الإخوان سابقًا، عبر صفحته على موقع «فيسبوك» حين كتب منشور فى شهر يوليو 2016 أكد فيه أن حسين قد اختلس أموال الجماعة وأضاف: «وصل تبرع للإخوان فى إسطنبول قيمته ٢.٢ مليون دولار، فقام الدكتور محمود حسين ومحمد البحيرى، مسئول إفريقيا والسودان ومحمود الإبيارى، أحد قيادات الإخوان فى لندن، بالاستيلاء على التبرع وشراء عقار باسمهم فى منطقة كوجاتيبى فى إسطنبول».

ضربة الأمن

وفى شهر أكتوبر من عام 2016 وجه الأمن ضربة قاسمة لتنظيمات الجماعة الإرهابية فى الداخل، وكانت عملياتها النوعية قد نشطت عبر تنظيماتها المسلحة مثل حسم، ولواء الثورة التى خرجت من رحمها، وتمت تصفية عقلها وقائدها المدبر محمد كمال، لتبدأ مرحلة أخرى فى إنشقاقات، وتشتيت شمل الجماعة الإرهابية. وقبل أن نغادر هذه الحلقة نشير إلى أنه في 22 ديسمبر 2017 أعلنت الخارجية البريطانية عن إدراج حركتي “حسم” و”لواء الثورة” على قوائم الحركات الإرهابية بعد تورطهما في أعمال إرهابية ضد رجال الجيش والشرطة والقضاء المصري، وفي 31 يناير 2018 أعلنت الخارجية الأمريكية إدراج الحركتين على قوائم الحركات الإرهابية.
أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2