نادية صبره تكتب: الحكومة اللبنانية في مأزق

نادية صبره تكتب: الحكومة اللبنانية في مأزقنادية صبره تكتب: الحكومة اللبنانية في مأزق

*سلايد رئيسى22-7-2019 | 18:11

حزمة عقوبات أمريكية جديدة على حزب الله اللبناني شملت هذه المرة جناحه السياسي باستهداف ثلاث أعضاء في الحزب اثنين منهم نواب في البرلمان اللبناني والثالث مسئول أمني بتهم تقديمهم الدعم للإرهاب والإرهابيين...

وقد أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية هذه العقوبات بعد أن قررت واشنطن عدم التمييز بين الجناح السياسي والجناح العسكري للحزب.

وطالبت أيضاً حلفاؤها بتصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية الأعضاء الثلاث هم:

النائب "محمد رعد" رئيس كتلة حزب الله البرلمانية وهو أحد صقور الحزب ومثله في معظم الاستحقاقات الداخلية وقد نشرت له صورة بصحبة "أدهم طباجة" المتهم من قبل واشنطن بأنه أحد ممولي حزب الله على مستوى العالم.

الثاني هو النائب "أمين شرى" الذي يستغل منصبه الرسمي والشعبي لتحقيق مصالح حزب الله حتى لو تعارضت مع مصالح الدولة اللبنانية وأهداف الشعب اللبناني وقد نشرت له صورة بصحبه قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني!

والثالث هو "وفيق صفا" مسئول لجنة الأمن والتنسيق بحزب الله ويرتبط بعلاقات مباشرة بحسن نصر الله الأمين العام للحزب وأدار كل عمليات التفاوض مع اسرائيل ومتهم باستغلال دوره كوحدات تنسيق مع أجهزة الأمن اللبنانية واستخدامه الموانئ والمعابر الحدودية اللبنانية للتهريب وتسهيل السفر بالنيابة عن الحزب وتقويض أمن الشعب اللبناني وتهريب حقائب الأموال لحزب الله للالتفاف على العقوبات الأمريكية!

بالطبع هذه ليست المرة الأولى التي تفرض فيها الخزانة الأمريكية عقوبات على أعضاء بارزين بحزب الله ولكنها المرة الأولى التي تستهدف فيها الشق السياسي في محاولة منها للحد من الحضور القوي لحزب الله في داخل الحكومة اللبنانية وكآلية استحدثتها للتأكد من عدم وصول المساعدات الأمريكية للبنان ليد الحزب.

وقد صنفت أمريكا حسن نصر الله نفسه على لائحة الإرهاب في عام 1997 وتبعه العشرات من المسئولين والمتعاونين معه.

كما صنف الاتحاد الأوربي الجناح العسكري فقط لحزب الله على لائحة الإرهاب في 2013 بالرغم من أن بعض دول الاتحاد صنفت الجناحين السياسي والعسكري للحزب، وفي العام 2018 صنفت معظم دول الخليج حزب الله منظمة ارهابية.

عملياً العقوبات الجديدة غير مجدية لأنها تعني أن هؤلاء الأشخاص لا يستطيعون السفر إلى أمريكا أو دول تتعاون معها وتجميد أرصدتهم المالية بها. وقد احتاط حزب الله جيداً للإلتفاف على العقوبات الأمريكية فمنع أعضاءه من السفر إلى أمريكا أو دول تتعاون معها وليس لديهم أي أرصدة هناك وأعضاء الحزب يقبضون رواتبهم نقداً وليس بشيكات مسحوبة على المصارف اللبنانية لتجنيب القطاع المصرفي اللبناني أي عقوبات.

إذا فأهمية العقوبات هذه المرة أنها ضربة معنوية لحزب الله المسيطر على القرار السياسي والعمل العام في لبنان ولإيران وللحرس الثوري.

وما زاد الأمر تعقيداً أن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو طلب من الحكومة اللبنانية طلباً مثيراً للجدل وهو قطع اتصالاتها بهؤلاء الأعضاء الثلاثة على الرغم من علمه بصعوبة ذلك حيث تعتبر الحكومة اللبنانية حزب الله مكوناً لبنانياً وجزء من الحكومة نفسها.

ولكن "بومبيو" وإدارته يريدون بهذه العبارة مزيداً من الضغط السياسي على الحكومة اللبنانية لمحاصرة حزب الله ودفعه للانسحاب من الحروب في سوريا واليمن وهذا يأتي ضمن الـ12 بنداً التي وضعها بومبيو لإيران.

الحكومة اللبنانية هي الآن في مأزق كبير بكل تأكيد فهي واقعة بين ضغط الإدارة الأمريكية عليها وضغط حزب الله الذي يسعى لإبقاء الحكومة اللبنانية داعمة له في مواجهته مع الولايات المتحدة ومع القوى الاقليمية ويعمل جاهداً على التخلص من كل معارضيه ومن يتحفظون على اختطافه الدولة اللبنانية وتطويعه لها خدمة لمصالحه وأهدافه المريبة لذلك يعمل على إضعاف معارضيه وابعادهم عن الساحة السياسية مثلما يحدث مع الزعيم الدرزي "وليد جنبلاط" وما وقع من أحداث مؤسفة في منطقة جبل لبنان خير دليل على ذلك.

لم يأتي أي تعليق من مسئول حكومي على العقوبات وإنما كان هناك تصريح وحيد لنبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني وزعيم حركة "أمل" المتحالفة مع حزب الله قال فيه إن العقوبات الأمريكية الجديدة هي اعتداء على البرلمان وعلى كل لبنان!

كما قالت الكتلة البرلمانية لجماعة حزب الله إن العقوبات الأمريكية هي تمادي في العدوان على لبنان.

فكيف ستتصرف الحكومة اللبنانية حيال كل هذه الضغوط التي تعاني منها منذ عدة أشهر وتزداد يوماً بعد يوم خاصة في ظل تدهور الاقتصاد اللبناني وأزمة إقرار الموازنة وهي التي ترفع دائماً شعار النأي بالنفس في كل الصراعات الإقليمية والدولية ولكنها الآن في موقف لا ينفع معه هذا الشعار فهي بين مطرقة العقوبات الأمريكية التي باتت تهددها بشكل فعال وسندان حزب الله ولا بد لها من اتخاذ موقف حاسم ومحدد.

الحكومة اللبنانية هي الآن في مأزق كبير بكل تأكيد فهي واقعة بين ضغط الإدارة الأمريكية عليها وضغط حزب الله الذي يسعى لإبقاء الحكومة اللبنانية داعمة له في مواجهته مع الولايات المتحدة ومع القوى الاقليمية ويعمل جاهداً على التخلص من كل معارضيه ومن يتحفظون على اختطافه الدولة اللبنانية وتطويعه لها خدمة لمصالحه وأهدافه المريبة لذلك يعمل على إضعاف معارضيه.

أضف تعليق

إعلان آراك 2