طارق متولي يكتب: فنجان القهوة مع الجورنال

طارق متولي يكتب: فنجان القهوة مع الجورنالطارق متولي يكتب: فنجان القهوة مع الجورنال

*سلايد رئيسى29-7-2019 | 10:40

منذ نشأة الصحف فى مصر وحتى سنوات قريبة كان الجورنال الورقى أو الصحيفة يحظى بمكانة هائلة فى حياتنا ارتبطت ببائع الصحف، الذى كان يمر فى الشوارع ويلقى بالجرائد فى البلكونات حتى إذا ما استيقظ الناس ذهبوا سريعا يفتحوا شيش البلكونة ليأخذوا الجورنال وبعد تناول الإفطار يجلسوا فى أحد الأركان يتناولون فنجان القهوة ويقرأوا الجريدة، حتى فى الشوارع والدكاكين والمكاتب والمقاهى كان الناس يجلسون لقراءة الجريدة أو ربما مجموعة من الجرائد الأهرام، الأخبار، الجمهورية، وكانوا ينتظرون بشغف الطبعة المسائية، التى تصدر فى ساعة متأخرة من الليل قبل أن يعودوا إلى منازلهم.  كانت متعة ليست بعدها متعة. وجبة دسمة من الأخبار والمواضيع والمقالات لكبار الكتاب والمفكرين تشبع العقل وتمتع الروح وتخلق جوًا من الثقافة والتذوق والمعرفة. أين ذهبت هذه الأيام وأين ذهبت هذه الصحف وبائعو الجرائد والمتعة؟ للأسف تركناها وراء ظهورنا واستبدلناها بقطعة من الحديد ( التليفون المحمول ونظائره)  اختلط فيها الجيد بالردئ فلا رقيب عليها ولا حسيب مليئة بأخبار من كل مكان وبالصور والمواضيع والمعلومات الزائدة عن الحاجة والخالية من المتعة والهدوء كالذى استبدل مركب شراعى فى النيل ينساب فى هدوء وسكينة بسفينة كبيرة تشق عباب البحر. هل كان لا بد لنا من هذا الاستبدال؟ هل كنا بحاجة إليه؟ وهل كنا لا نستطيع أن نجمع بينهما ونفصل بينهما؟ بالتأكيد كنا بحاجة للتكنولوجا ومواكبة العصر والوصول إلى إبعاد أخرى من المعرفة. لكننا أيضا بحاجة إلى المتعة وإلى الجورنال بما فيه من خصوصية وموضوعات مختلفة تخص مجتمعنا. فما الذى جعل الناس تعزف قليلا أو كثيرا عن الصحف؟ منذ يومين حاولت أن أستعيد متعة الماضى بشراء جريدة والجلوس فى أحد المقاهي لقراءتها وتناول فنجان من القهوة فإذا بى أشعر بالرتابة والملل ولا أحتمل حجم الجريدة الكبير جدا الذى لم يتغير منذ سنوات طويلة ربما منذ صدور أول عدد لها نفس الجريدة لم يتغير شكلها ولا حجمها الذى أصبح غير مناسب للعصر الذى نعيش فيه فقد تغير كل شئ وأصبحت وتيرة الحياة أكثر سرعة واختصارا ناهيك عن نوعية الورق المستخدم ورداءته وأحبار الطباعة، التى طبعت يدي بالسواد مما جعلنى أقوم بغسل يدي بعد قراءتها. ماذا حدث لهذه الصناعة الكبيرة ولهذه الصروح الصحفية؟ تخيلت لو أن الصحيفة بحجم أصغر وبألوان مختلفة وشكل أكثر تطورا وموضوعات مختلفة وحصرية لا يجدها القارئ فى مكان آخر ماذا لو اشتملت على روايات لكبار الكتاب وأعمالًا لكبار الشعراء ومقالات لكبار المفكرين ماذا لو اشركت القراء فى مناقشة قضايا المجتمع! ماذا لو طورت إدارات التسويق ومنافذ التوزيع أساليبها لتصل إلى كل مكان بسهولة ويسر! أشياء كثيرة من الممكن عملها لتطوير الجورنال ليعود لمكانته وأهميته لدى القارئ فالهاتف والكمبيوتر قد يصلحان لقراءة خبر عاجل أو عناوين رئيسية وبريد إلكترونى لكنه بالتأكيد لا يصلح لقراءة موضوعات كبيرة وتفاصيل وقصص وثقافة عامة حتى من الناحية العملية الصحية. الحقيقة عدم وجود الجورنال فى حياتنا قلل كثيرا من نسبة القراءة فى المجتمع وبالتالي نسبة الثقافة والمعرفة مما أثر على الذوق العام والسلوك وفقدنا كثيرا من مفردات اللغة السليمة الراقية. فهل نعود مرة أخرى لنستمتع بقراءة الصحف ونستمتع بفنجان القهوة مع الجورنال؟
أضف تعليق

تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2