حسام شاكر يكتب «في البحث عن المشهور قوله المجهول_أصله»: يالك من شنقيط !

حسام شاكر يكتب «في البحث عن المشهور قوله المجهول_أصله»: يالك من شنقيط !حسام شاكر يكتب «في البحث عن المشهور قوله المجهول_أصله»: يالك من شنقيط !

* عاجل29-7-2019 | 12:48

عندما التحقت بسلاح البحرية لتأدية الخدمة العسكرية كانت أمامي كلمتين أتذكرهما كلما رأيت المدمرة وماعليها من مدافع ومعدات ولأن الإعلام له تأثير كبير في أذهاننا فكنت أتذكر الشاويش عطية بمقولته الشهيرة (شغلتك على المدفع بررم) خاصة عندما اصعد إلى مدمرة الطارق التي شهدت أحداث الفيلم والكلمة الأخرى كنت أتذكرها عندما كنت أرى صديقي الأزهري الشيخ علي الذي كان يتحدث اللغة العربية ويجود فيها فعلى الفور يرد لذهني عبدالمنعم ابراهيم وهو يقول (يالك من شنقيط) ومنذ أن سمعت الفيلم ودخلت الجيش وأنا أحاول أن أفك طلاسم هذه الكلمة إلى أن ذهبت إلى مكتبة كلية اللغة العربية بالقاهرة فوجدت فيها رسالة ماجستير لباحث وافد دياللو إبراهيم عن الشعر العربي في شنقيط في العصر الحديث وعلى ماأتذكر أن رقمها في المكتبة 506 فاكتشفت أن شنقيط(موريتانيا) بلدة تهتم بالعلم وبالأدب يعني باللغة العربية وسألت عن هذه البلدة فأخبروني بأن هناك علاًمة ينسب إليها وهو الإمام الشنقيطي قال عنه عميد الأدبي العربي طه حسين: لم يروا في الأزهر قط ضًريبا له في حفظ اللغة العربية ورواية الحديث سندا ومتنا عن ظهر قلب ، فازداد شغفي بالبحث عن هذه البلدة وشيوخها علني أجد فيها ما أبحث عنه فعلمت أن اسم شنقيط يرجع إلى نوع من الأواني الخزفية كانت تشتهر به يسمى "الشقيط" ، وكان طلبة العلم الشناقطة ومازالوا يحرصون على ملازمة وحضور المحاضرات فيأتون للمشايخ ويحضرون دروسهم ومحاضراتهم ومن كثرة ملازمتهم للحضور أطلقوا على بعض أماكن العلم (محضرة أو محظرة ) ليصير الأستاذ فيها - شيخ المحضرة أو المحظرة - بمثابة رئيس جامعة أو عميد كلية له طاقم من المعاونين يعملون تحت طوعه وأمره ، فهي تشبه الكُتاب عندنا ويدرس فيها الطالب القرآن وألفية ابن مالك والأجرومية في النحو، ومختصر خليل في الفقه، وتكون في خيم أو في الخلاء بالصحراء، ولهذا يتمتعون بقوة الحفظ لدرجة أن أحد الكتاب السودانيين سأل أحد الشناقطة هل أنتم أعلم أم المصريين ، فرد الشنقيطي إذا كانت الشموع متقدة فإننا نتذاكر معا أما إذا أطفأت الشموع فهم لافائدة منهم يقصد أن المصريين يعتمدون على الكتب والمراجع أما الشناقطة فيحملون العلم في صدورهم، وحتى لاأرهقك عزيزي القارئ في طريقة التعليم الشنقيطية لأني أعلم أنك تقول انجز وائت بالمعني ياشنقيط، فإن معرض الكلمة جاءت عندما قال الشاويش عطية لعبدالمنعم ابراهيم أنا لاأفهم ماتقول فأعرض الأخير بوجهه وقال يالك من شنقيط وهو مايشير إلى أنك منغلق ومتعصب تعيش مثل سكان شنقيط في الصحراء ولاعلاقة لك بالمدنية والتحضر، وهو ماأثار غضب الشاويش الذي لم يفهمها مثلي ومثلك وبالبحث عن الأصول وجدت أن شنقيط أخرجت لنا علماء في اللغة ورواة في الشعر ومنهم عالم لغوي فصيح جاء إلى مصر ودرس فيها وهو سابق الذكر الإمام الشيخ محمد محمود الشنقيطي المشهور بابن التلاميذ وكان حادا في رأيه متعصبا له متبحرا في علمه ولغته تحدث عنه أحمد حسن الزيات- حسبما ذُكر في كتاب الدكتور حماه الله ولد السالم، حجاج ومهاجرون علماء بلاد شنقيط في البلاد العربية وتركيا - فقال كان حديثنا في الرواق العباسي بالأزهر عما تتناقله الأصوات وتتداوله الصحف من الجدال المضطرم الحاد بين الحافظ الحجة الشيخ محمد الشنقيطي وخصومه من علماء الأزهر وأدباء العصر فقد كان شرس الطبع يتحدي رجال اللغة بالمسائل الدقيقة والنوادر الغريبة مستعينا جهلهم بعلمه وعلى نسيانهم بحفظه حتى هابوا جانبه وكرهوا لقاءه.

وقيل عنه – من باب المبالغة في علمه- إذا سئل الامام الشيخ الشنقيطي عن مسألة في النحو فقال: لا أدري فلا تسال عنها أحدا بعده، وهو مايدل على تبحره فأخذنا نحن الكلمة (يالك من شنقيط) في منحى آخر من باب التهكم والسخرية وجاوزنا بمعناها من التبحر والتعمق في اللغة العربية والتعصب لها إلى عدم الفهم والتعصب والانغلاق والعيش بعيدا عن المدنية والتحضر، وفي النهاية عزيزي الشنقيط فإن الكلمة تستخدم في الأوساط العامية للتهكم والسخرية وهي في الأصل تعني التبحر في الشيء والإجادة فيه والتمكن منه فاللهم شنقطنا وأرضى عن كل شنقيط يقرأ هذه الشنقطة.

أضف تعليق

تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2