د. داليا مجدي عبد الغني تكتب:  الـمُلْهِم

د. داليا مجدي عبد الغني تكتب:  الـمُلْهِم   د. داليا مجدي عبد الغني تكتب:  الـمُلْهِم

*سلايد رئيسى30-7-2019 | 14:16

"المُلْهِمُ"، هو الشخص الذي يُشكل لك الوحي والوجدان، فهو من يُوحي إليك بالأفكار، والأحاسيس، التي تُنشط ذاكرتك، وتُوسع آفاقك، فهو من يجلب لك العُمق الفكري، وبُعْد النظر، والقُدرة على اكتشاف ملكاتك، وتطوير مواهبك.

ولكن ما لا يعرفه الكثيرون، أن هذا الشخص ليس بالضرورة أن يكون قريبًا لك، أو حبيبك، فمن الممكن أن يكون بعيدًا عنك كل البعد، أو حتى نِدًا لك، وهذا يحدث، عندما يستفزك أحد الأشخاص في حوار، رغم أنه لم يكن يقصد على الإطلاق من هذا الاستفزاز، الوصول بتفكيرك إلى هذا العمق، أو هذا الاكتشاف، فهو فقط استفزك دون قصد، أو أن تستفز فكرك فكرة جديدة؛ بسبب موضوع قرأته، فتُقرر ابتكار شيء جديد، أو الشعور بالقهر من إنسان قلل من قدراتك، فكل هذا يضعك على طريق الإلهام والابتكار، على الرغم مَنْ أن مَنْ يأتون بتلك السلوكيات لم يقصدوا منها دفعك إلى النجاح، أو إظهار أجمل ما فيك، ولكنهم في الواقع هم الذين أوحوا لك بالفكرة الجديدة.

فهل نختلف على أن الصدمات والآلام، كثيرًا ما تصنع العظماء، فبالرغم من أن الشخص الذي تسبب في الصدمة، لم يكن يقصد الإلهام، ولكنه بالفعل تسبب في ذلك؛ لذا فالمُلْهِمُ، هو الشخص الذى يُوحي لنا بالأفكار والابتكار، بغض النظر عن نواياه، فكل من يُوحي لنا باستحضار ملكاتنا، ومُحاولة بث أفكارنا، هو بالفعل مُلْهِم لنا.

لذا، كثيرًا ما نسمع أشخاصًا يُقدمون الشكر الممزوج بالسخرية لأعدائهم، قائلين " لولاك ما كنتُ وصلت إلى ما أنا عليه الآن"، وفي الواقع هم يقصدون أنه لولا هذا الشخص، ما كان عُنصر التحدي استيقظ بداخلهم، ولعبت الإرادة دورها في تحفيز الأفكار والملكات، لتُخرج الطاقة الإيجابية التي بداخلهم، ومن هنا كانت نقلتهم الحياتية، فالفشل أحيانًا يُلْهمك، واليأس كذلك، والاستفزاز، فليس كل مُلْهِمٍ هو قريب لك، وليس كل عُنصر سيء غير مُلْهِمٍ لك.

فالإلهام، لحظة تُواتي الإنسان، وتشع نور الأمل الممزوج بالابتكار بداخله، فتُخرج أعظم ما فيه في صورة عمل برّاق، يُغطي بريقه وشُعاعه على كل لحظات الفشل والضعف التي انتابت الإنسان في لحظة يأس.

أضف تعليق