الإخوان يكرهون جمال عبد الناصر.. فى الحقيقة أنهم يطيقون العمى ولا يطيقون سيرته!
ولا تقتصر هذه الكراهية المبالغ فيها على الأجيال القديمة من الإخوان وإنما تمتد هذه الكراهية إلى شباب الإخوان الذين تعلموا من آبائهم وأمرائهم أنه الشيطان الأعظم!
ولعل هذه الكراهية هى السبب الذى من أجله يصبح ما يقوله مالك فى الخمر.. أدب رفيع مقارنة بما يقوله الإخوان عن عبد الناصر.
يقول الإخوان: إن جمال عبد الناصر كان يعادى الإسلام والمسلمين.. وأنه كان عميلا للأمريكان.. وأن كل إنجازاته وهمية.. وأنه ارتكب جرائم فى حق الشعب المصرى بأوامر من جهاز المخابرات الأمريكية (سى. آى. إيه).
كلام فارغ لا يصدقه حتى طفل صغير لكن الإخوان يرددونه ويخلطونه باللبن لكى يرضع منه أشبال الإخوان فينشأون على كراهية عبدالناصر والحقد عليه!
ويزعم الإخوان أن جمال عبد الناصر كان خائنًا.. خان الإخوان وانقلب عليهم مع أنه كان واحدًا من أعضاء الجماعة.. بل أنه كان مسئولا كما يزعمون عن الجهاز السرى للإخوان.. وهو الجهاز المسئول عن اغتيال خصوم الإخوان (!!!)
هل كان عبد الناصر إخوانيًا؟!
تسمع شهادة أبناء الزعيم الراحل فيتأكد لك أن عبد الناصر لم يكن أبدًا إخوانيًا..
منى عبد الناصر أكدت أن والدها كان عدوًا للإخوان وكانت له علاقات بالأحزاب الموجودة وكان فى شبابه عضوًا فى حزب مصر الفتاة.
ولم تختلف شهادة المهندس عبد الحكيم عبد الناصر عن شهادة شقيقته.. فقد أكد أن والده لم ينضم أبدًا لجماعة الإخوان.. ويطالبنا بالرجوع إلى الحديث الصحفى الذى نشرته إحدى الصحف الأجنبية مع الزعيم الراحل فى عام 1962.
يقول نجل الرئيس جمال عبد الناصر إن الصحفى الأجنبى سأل والده يومها.. هل انضممت لجماعة الإخوان؟.. فرد عليه عبد الناصر بإجابة حاسمة قاطعة: لم أنضم يومًا لتنظيم الإخوان!
وإذا كانت شهادة أبناء عبد الناصر مجروحة بحُكم القرابة فإن هناك شخصيات كانت قريبة جدًا من عبد الناصر أدلت بدلوها فى هذه المسألة.
من هذه الشخصيات الفريق جلال الهريدى مؤسس سلاح الصاعقة المصرية.. ويقول إن الإخوان زعموا بأن عبد الناصر وعبد الحكيم عامر كانا من بين أعضاء الجماعة.. والحقيقة أننى كنت قريبًا جدًا من المشير عامر وأستطيع أن أؤكد أنه لم يكن يوما عضوا فى الجماعة.. لا هو ولا عبد الناصر.
أما شهادة سامى شرف وزير شئون رئاسة الجمهورية فى عهد عبد الناصر فتؤكد أن الإخوان أكثر كذبا من مسيلمة!
يقول سامى شرف إنه قرأ مذكرات عبد اللطيف البغدادى فلم يجد فيها إشارة واحدة لانضمام جمال عبد الناصر لجماعة الإخوان.. وقد عرف من هذه المذكرات أيضا أن عبد الناصر قام بفصل عبد المنعم عبد الرؤوف من تنظيم الضباط الأحرار، لأنه كان إخوانيا وكان يصر على دمج التنظيم بجماعة الإخوان وهو ما رفضه عبد الناصر وكل رفاقه.
ويضيف سامى شرف أنه قرأ أيضا كتاب “عبد الناصر والإخوان المسلمين” الذى كتبه الصحفى الراحل عبد الله إمام والذى تضمن حوارًا مع كمال الدين حسين أكد فيه أن عبد الناصر لم يكن إخوانيا.. أبدًا!
وتتضمن شهادة سامى شرف بعد ذلك تفسيرًا لاتصال جمال عبد الناصر بجماعة الإخوان.. اتصالًا وليس انضمامًا!
يقول سامى شرف إن جماعة الإخوان قبل ثورة يوليو كانت تحاول ضم عناصر شابة من داخل الجيش.. مثلها مثل تنظيمات عقائدية كثيرة كانت منتشرة وقتها مثل مصر الفتاة والتنظيمات الماركسية.. ولهذا السبب حاول عبد الناصر التقرب من جماعة الإخوان عن طريق الضابط الإخوانى الصاغ محمود لبيب.. وكيل الشئون العسكرية بحركة الإخوان.. فقط لكى يحصل منه على قائمة بأسماء الضباط الإخوان لينجح بذلك فى فصل حركة الضباط الأحرار عن حركة الإخوان المسلمين!
وإذا كانت كل هذه الشهادات صحيحة.. وهى بالقطع صحيحة.. فإن السؤال الذى يطرح نفسه بقوة وإلحاح هو: لماذا يكذب الإخوان.. ولماذا يكرهون عبد الناصر كراهية التحريم؟!
ليس خافيا أن الإخوان يعتبرون جمال عبد الناصر حجر العثرة الذى حال بينهم وبين السلطة فى مصر.
الإخوان منذ نشأتهم الأولى يزعمون أنهم جماعة دعوية لكنهم فى الحقيقة جماعة تسعى للاستيلاء على السلطة وحكم مصر.. كخطوة فى طريق تحقيق حلم الخلافة!
وليس هناك أى علاقة بين ثورة يوليو وجماعة الإخوان.. والدليل أن الإخوان اختبؤوا داخل جحورهم عند قيام الثورة ولم يظهروا فى المشهد إلا بعد رحيل الملك فاروق من مصر.
ثم حاول الإخوان سرقة الثورة!
كان لعبد الناصر علاقات ببعض الضباط الإخوان مثل الضابط المفصول من تنظيم الضباط الأحرار عبد المنعم عبد الرؤوف.. وعن طريق هؤلاء الضباط الإخوان حاولت الجماعة إقناع عبد الناصر بالدخول فى شراكة.. فعرضوا عليه أن يمنح الجماعة نصف عدد الوزراء فى الحكومة.. وعندما رفض عبد الناصر تحول الإقناع إلى تهديد ووعيد!
حاول الإخوان إيهام جمال عبد الناصر أنهم القوة السياسية الوحيدة فى مصر القادرة على الحشد.. وأنهم وحدهم القادرون على إنجاح الثورة وإفشالها (!!!)
لكن عبد الناصر استطاع أن يهزم أطماع الإخوان ومخططاتهم.. وهكذا قرر الإخوان تصفية جمال عبد الناصر وإزاحته من الطريق.. لكن الله أراد لهم الخزى والعار.. فقد فشلت محاولة اغتيال عبد الناصر التى جرت فى عام 1954.. بعدها قضى عبد الناصر على الجماعة وفتح أبواب السجون على مصراعيها لهم.
ولم يستطع الإخوان أن يفعلوا أكثر من محاولة تشويه عبد الناصر.. فزعموا أنه كان إخوانيًا لكن لأنه بطبيعته خائن.. انقلب عليهم واستولى على السلطة!
وما أشبه الليلة بالبارحة كما يقولون.. فكما حاول الإخوان سرقة ثورة يوليو 1952.. حاولوا كذلك سرقة ثورة 25 يناير 2011.
رغم الجدل القائم حول حقيقة 25 يناير وهل هى ثورة أم مؤامرة؟.. فإن الإخوان لم تكن لهم أى علاقة بهذه الأحداث.. لا من قريب ولا من بعيد.
قبل هذه الأحداث كان الإخوان يعيشون فى جحورهم كالجرذان.. وعندما بدأت هذه الأحداث لم يجرؤ الجرذان على مغادرة جحورهم.. فلم يظهروا فى المشهد إلا بعد أن تأكدوا بما لا يدع أى مجال للشك من سقوط نظام مبارك.
فى البداية حاول الإخوان انتهاز الفرصة فقاموا باقتحام السجون وتدمير أقسام الشرطة وإحراق الكنائس.
كان هدف الإخوان إسقاط الدولة وليس إسقاط نظام مبارك.. لكن الجيش استأنف دوره كدرع وسيف للأمة واستطاع أن يحمى مصر من السقوط.
وراح الإخوان يتسللون إلى المشهد فبدأنا نسمع عن البلتاجى وصفوت حجازى وغيرهم.. وحاول هؤلاء المتسللون إقناع المصريين أنهم وقفوا فى الصفوف الأولى لثورة يناير.
ثم بدأت خطة الإخوان فى الوصول إلى السلطة فقام محمد مرسى مرشح الإخوان فى الانتخابات الرئاسية بتسويق نفسه كممثل لثورة 25 يناير التى لم يكن له ولجماعته أى علاقة بها لا من قريب ولا من بعيد!
وسرعان ما سقطت الأقنعة.. فبعد أن فاز مرسى فى الانتخابات الرئاسية.. وإن كانت هناك دلائل قوية على تزوير الانتخابات.. لم يعد مرسى يتحدث عن ثورة يناير وإنما كان يتحدث عن أهله وعشيرته.. لم يعد مرسى ممثلا لثورة يناير وإنما أصبح مندوب مكتب الإرشاد فى قصر الاتحادية!
ولم يتحمل المصريون حكم الإخوان فانقلبوا على مرسى وعلى جماعة الإخوان وطرحوها أرضا (!!!)
هكذا حاول الإخوان سرقة ثورة 25 يناير كما حاولوا سرقة ثورة 23 يوليو.
وهكذا يكره الإخوان الرئيس عبد الفتاح السيسى كما كرهوا الرئيس جمال عبد الناصر.. لنفس الأسباب!
وهكذا يؤكد الإخوان أنهم ليسوا أكثر من تشكيل عصابى متخصص فى سرقة الثورات.. لكنه تشكيل عصابى فاشل.. مثله مثل أى حرامى خائب (!!!)