طارق متولى يكتب: «أرجو الإنتباه»

المشهد الأول

طفل لا يتعدى العاشرة من عمره يعمل "صبى مكوجى" واقف امام باب شقة فى عز الشتاء، يرتعش من البرد يرتدى ملابس خفيفة لا تكاد تغطى جسده الضئيل يحمل ملابس تم كيها فى المحل الذى يعمل به فتح له صاحب الشقة الباب، أخذ منه الملابس وأعطاه النقود وأغلق الباب.

المشهد الثانى

طفل يسير فى الشارع نفس الفئة العمرية تقريبا يحمل على كتفه قارورة مياه معدنية كبيرة يترنح فى سيره من ثقلها ذاهب ليوصلها لأحد زبائن السوبر ماركت الذى يعمل به.

المشهد الثالث

رجل فى الخمسين من عمره يمسك طفلاً صغيرا يوسعه ضربا يتجمع الناس من حوله فيخبرهم أن الطفل محترف تسول، وأنه نهره قبل ذلك وحذره أكثر من مرة وطلب منه أن يعمل بدلا من التسول.

الطفل يبكى ويقول إن والده متوفى وليس لديه أحد ينفق عليه.

مشاهد تمر علينا كل يوم لا نراها ولا نتوقف عندها ويسير كل واحد منا فى طريقه لكنها حتما ستعود علينا ولن تمر مرور الكرام فماذا تظن برأيك كيف سيصبح هؤلاء الأطفال بعد سنوات من المعاناة والعذاب والجوع والإحتقار من المجتمع وهم يرون أطفالا آخرين مثلهم ينعموا بين ذويهم يلعبون ويمرحون ويذهبون الى المدارس وإلى المصايف؟

تنص القوانين الدولية والمحلية فى جميع البلدان على تجريم عمالة الأطفال لكنها للأسف فى كثير من البلاد قوانين على الورق لا تنفذ أمام آباء وامهات غير جديرين بالزواج والأولاد وأمام أصحاب أعمال يستغلوا حاجة هؤلاء الأطفال للمال ليعطوهم اقل القليل بدلا من توظيف شاب بالغ بأجر أكبر ولا رقيب ولا حسيب.

فى مشهد إنسانى رأيت مجموعة من الناس يدخلون أحد المحال الكبيرة للشراء والتبضع وعندما وجدوا أطفالا صغار يعملون فى المحل خرجوا مباشرة ولم يشتروا شيئاً، وأخبروا صاحب المحل عن سبب عزوفهم عن الشراء، وهو تشغيل الأطفال، عمل رائع فى الحقيقة يجب علينا جميعا أن نقتدى به.

هؤلاء الأطفال هم شباب ورجال المستقبل فهل نريد رجالا صالحين مهندسين وأطباء وعمال مؤهلين فى كل المجالات؟ أم نريد شباب ورجال خارجين على القانون وناقمين على المجتمع' فريسة سهلة للإرهاب والجريمة، أو على أقل تقدير فاشلين عاطلين ليس لديهم أى كفاءة يشكلون عبأ على المجتمع؟!.

مسؤولية كبيرة تقع على عاتقنا جميعا، أفراد وجماعات، حكومة وشعب، فهؤلاء الأطفال يجب أن يجدوا الرعاية والتربية والتعليم ونوفر لهم البيئة الصالحة ليكونوا أفراد صالحين فى المجتمع، لذلك: أرجو الإنتباه.