نادية صبره تكتب: ماذا تريد «حماس» ؟!

نادية صبره تكتب: ماذا تريد «حماس» ؟!نادية صبره تكتب: ماذا تريد «حماس» ؟!

*سلايد رئيسى1-9-2019 | 14:29

ترددت كثيراً فى كتابة هذا المقال عن " حركة حماس " حيث أننى أؤمن دائماً بأن الكاتب يجب أن يكون موضوعياً وأن يفصل بين مشاعره الخاصه وبين مايكتبه وقد حاولت جاهدة أن أفعل ذلك لكى لا تطغى ما بداخلى من مشاعر سلبية تجاه " حماس " على هذا المقال.
.. بدايةً أنا لا أريد مهاجمة " حركة حماس " ولا أدعو إلى تصنيفها إرهابية رغم كل ما ارتكبته من أخطاء كارثية، ولكنى فقط أحاول أن أطرح وأناقش فربما أستطيع فهم ماتهدف إليه " حماس" وتخطط وماذا تريد بالضبط أن تفعل فى هذه المرحلة التاريخية الصعبة التى تمر بها القضية الفلسطينية ووسط كل هذه التحديات التى تواجهها المنطقة العربية ككل.
وأبدأ بالأحداث الأخيرة التى تلاحقت سريعاً خلال الأسبوع الماضى ففى الوقت الذى كان يجتمع فيه زعماء العالم فى قمة مجموعة دول السبع الصناعية فى فرنسا، قامت إسرائيل بشن هجمات بطائرتين مسيرتين فى معقل حزب الله بالضاحية الجنوبية ببيروت وتوعد أمين عام الحزب " حسن نصرالله بالرد" كما قصفت أهداف فى سوريا تابعه لفيلق القدس وهو إحدى الميليشيات الإيرانية .
بعدها بساعات وبدون مقدمات وأثناء وجود وفد حماس فى القاهرة تم إطلاق أربعة قذائف صاروخية من قطاع غزة باتجاه المستوطنات، (اعترضت منظومة " القبة الحديدية " الإسرائيلية إثنتين منها) وكأن أوامر صدرت لحماس لإدخال "غزة " على خط المواجهه مع إسرائيل ... أوامر من ولاية الفقيه من الجمهورية الإيرانية الحاكمة بأمر الله !.
وبات واضحاً أن حماس تريد أن تتبع سياسات إيران الموتورة وأن تصبح أحد وكلائها.. وإيران غير الجادة فى دعم القضية الفلسطينية وإنما هى بمثابة ورقة تستخدمها لإخفاء أجندتها الحقيقة وأطماعها فى المنطقة العربية ونشر الطائفية وحماس، الإخوانية تعلم تلك الحقيقة جيداً ومع ذلك تنساق وراء رؤى إيران وذراعها حزب الله تحت المظلة الوهمية ( محور الممانعة ) فالعلاقات بين حماس وإيران ظاهرة للجميع ومعلنة وكان آخرها فى الثانى من يوليو الماضى حينما أعلن إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحماس اثناء لقائه مع صحفيين اتراك عن زيارة وفد من الحركة الى العاصمة الإيرانية واستنكر لقاء وزير الخارجية البحرينى مع مسؤلين إسرائيليين وكذلك الزيارات المتبادلة بين مسؤلى إسرائيل ودولة الامارات وكأنه لم يسمع شيئاً عن العلاقات القطرية الإسرائيلية القائمة منذ 20 عاماً وأكثر ... لم تصل إلى إذنيه أصلاً !! ولا أن الأموال التى تدخلها قطر إلى حماس كل شهر تدخل عبر إسرائيل وبموافقة من " بنيامين نتنياهو" شخصيآ رغم اعتراض كثيرون من معاونيه، كان "هنيه " يهدف من تلك الزيارة إلى وساطة إيرانية لعودة العلاقات مع النظام السورى، وأن يتم عقد لقاء بينه وبين الرئيس الأسد لتدشين مكتب جديد لحماس ليكون بمثابة إعتذار حمساوى عن المواقف السابقة ولكن يبدوأن "هنيه " لم يحسبها بشكل دقيق، فـ " بشار الأسد " رفض اللقاء ومازال يرفض الصلح مع حماس رغم تواصل الضغوط الإيرانية عليه .. !
هو لم ينسى بعد موقف حماس فى بداية الأحداث الدراماتيكية فى سوريا، لم ينسى رفع خالد مشعل وإسماعيل هنيه علم الثورة السورية فى غزة فى العام 2012 ودعمهما لها، ثم عاد "هنية" وانقلب عليها ووصفها بأنها تجاوزت الفتنة إلى تصفية حسابات دولية وإقليمية وتمنى أن يقوى النظام هناك !!
وهذا ليس مستغرباً بالطبع فحماس كانت تراهن على فشل النظام السورى ومن ثم أيدت الثورة وغادر قادتها دمشق بعد أن كانت تجد فى سوريا الملاذ الآمن لقياداتها واستفادت منها فى تطوير قدرتها العسكرية.
وليس عصياً على الفهم تفسير محاولات حماس المستميتة لإعادة العلاقت مع سوريا .. إنه الدعم المادى الإيرانى وليس أدل على ذلك من العقوبات التى فرضتها واشنطن مؤخراً على أربعة أفراد كانوا يقومون بنقل عشرات الملايين من الدولارات بين الحرس الحرس الثورى الإيرانى وكتائب عز الدين القسام ذراع حماس العسكرى..!!
ويبقى ثلاثة أسئلة أريد أن طرحها على قادة حماس وأرجو أن أجد لها إجابة وأشك فى ذلك: أولاً: ماذا تريد حماس من مصر؟
مصر الأبية التى تترفع عن الجراح رغم أن هناك الكثير من العقول الصبيانية من داخل حماس، لا تستطيع فهم حقيقة الدور الذى تتحمله مصر بل وتزايد عليه !!
منذ عدة سنوات قمت بعمل تحقيق صحفى يطرح سؤلاً واحداً فقط وهو... ماذا لو تخلت مصر عن القضية الفلسطينة ؟. وجاءت كل الإجابات بالنفى والإستنكار .. فمصر لاتستطيع أن تتخلى عن القضية الفلسطينية لأن هذا قدرها ولأن قضية فلسطين هى امتداد طبيعى للأمن القومى المصرى .
ثانياً: ماذا تريد حماس من " غزة " ؟
غزة الجريحة الأسيرة فى يد حماس قبل أن تكون أسيرة فى يد الإحتلال الإسرائيلى .. لن اتحدث عما تعانيه غزة وأهلها منذ وصول حماس للحكم فى عام 2006، من فقر وقهر وبطالة فهذا يحتاج إلى مقال آخر لكن هل أسعدت حماس أهالينا فى غزة ؟ هل عملت يوماً على حل مشاكلهم وتنمية القطاع ؟، وهل أموال قطر وإيران هى التى ستكسر الحصار عن غزة ؟
إلتقيت مصادفة أخت فلسطينية عائدة للتو من قطاع غزة وهى أم شهيد قادمة لمصر للعلاج كانت تشتكى من الساعات الطوال التى قضتها أمام معبر رفح حوالى ( ست ساعات ) لتتمكن من الدخول وكيف أنهم يدفعون ثمن مغامرات حماس الطائشة وعدم قدرتها على ضبط الأمن، وأقسمت لى أن حماس تحكمهم بالحديد والنار ولا يستطيع أحد أن يتفوه بكلمة ! وأخيراً أسأل: ماذا تريد حماس من القضية الفلسطينية ككل ؟
القضية الفلسطينية العادلة والمحقة والتى اعتبرها قضية العرب الأولى كانت ومازالت وستظل إلى أن يعود الحق لأصحابه . فماذا أضافت حماس للقضية الفلسطينية سوى الإنقسام والإضعاف وتبادل الإتهامات مع حركة فتح والتى كان آخرها إتهامها لمخابرات السلطة بأنها كانت وراء تفجيرات غزة الأخيرة ! فهل عملت حماس يوماً من أجل مصالحة حقيقية لصالح الوطن ؟!
للأسف لم تفعل سوى المتاجرة بالقضية والجهاد أمام ميكروفونات الفضائيات، فلا القضية ستحل بالخطب الرنانة والشعارات الزائفة، ولا القدس ستتحرر بالحناجر والصوت الجهورى.
أضف تعليق