د. أيمن الغندور
قامت مصر تطبيقا لمبدأ العاملة بالمثل وهو من المبأدى القانونية المعترف بها فى القانون الدولى وممارسة لسيادتها على أراضيها فى الأشهر الماضية بترحيل كل دبلوماسى أجنبى لا يحمل تأشيرة دخول مسبقة من البعثة المصرية فى الخارج، وكان آخِر اليوم كل من أنطونى بيتس ودافيد مالديرون والاثنان دبلوماسيان فى السفارة الأمريكية فى الرياض والقادمان لمطار القاهرة على طائرة الخطوط السعودية فقامت مصر بترحيلهم فورا وقد سبق ذلك أول أمس ترحيل دبلوماسى بالسفارة الأمريكية بإسرائيل ويأتى ذلك تطبيقا لمبدأ المعاملة بالمثل لأن الولايات المتحدة لا تمنح تأشيرات دخول فى مطاراتها.
الأسباب
ويرجع قرار الترحيل إلى القرار الصادر من وزير الخارجية محمد كامل عمرو فى سنة 2011 ، قرارا بتطبيق المعاملة بالمثل على دول "شنجن" والولايات المتحدة وبريطانيا ، وتطبيق التأشيرة البيومترية من خلال اعتماد نظام التأشيرة المعلوماتي، الذي بموجبه سيتم تجميع وتخزين كل المعلومات الخاصة بطالبي التأشيرة، ووفقا لهذا القرار فإنه اعتبارا من 15 يناير 2012 يتعين على كل حملة جوازات السفر الرسمية من الفئات الدبلوماسية والخاصة والمهام، وكذلك حملة جوازات السفر العادية من العاملين بسفارات تلك الدول فى مصر، الحصول على التأشيرات البيومترية من السفارات والقنصليات المصرية. وذلك بذهاب طالب التأشيرة بنفسه إلى البعثة المصرية حيث يتم تصويره إليكترونيا وأخذ بصمة اليد وتخزينها فى قاعدة بيانات البعثة، بما يمكن من التعرف على هوية المسافر وسلامة بياناته عند الوصول إلى المنافذ المصرية.
الأعفاء المتبادل
وعل هذا الأساس تلجأ العديد من الدول إلى توقيع اتفاقيات مع الدول المصرية بشأن الإعفاء المتبادل من تأشيرات الدخول لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية أو الخاصة أو لمهمة ومنها مذكرة التفاهم بين مصر و جنوب السودان والموقعة فى القاهرة بتاريخ 22/11/2014، والاتفاق الموقع في بوجوتا بتاريخ 21/4/2014 بين مصر وكولومبيا، ولقد وقعت مصر العديد من هذه الاتفاقيات مع اليونان وروسيا وأسبانيا وقبرص والأرجنتين والبوسنة وأوكرانيا وفنزويلا ومالطا والنمسا والإكوادور وأرمينيا وبوليفيا وبارجواى والهند والكويت وغيرها .
وفيما يخص مجال الحصانات والإمتيازات الدبلوماسية والقنصلية فقد تحفظت مصر على منح بعض الفئات للحصانات الدبلوماسية المنصوص عليها فى المادة (37/2) من إتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية الموقعة عام 1961 والتى تنص علي أن " الأعضاء الإداريون و الفنيون للبعثة " الدبلوماسية " و كذا أفراد أسرة كل منهم الذين يعيشون معهم في معيشة واحدة - يستفيدون من المزايا و الحصانات المنصوص عليها في المواد (29-35) بشرط ألا يكونوا من رعايا الدولة المعتمد لديها ....." .
واسعة جدا
وقد رأت جمهورية مصر العربية - عند إنضمامها إلي الإتفاقية في 9 يونيو 1964 - أن هذه المزايا والحصانات واسعة جداً ولا يستحقها هؤلاء الموظفين الإداريين الذين ليسوا بدبلوماسيين حسب الأصل، و لذلك تحفظت علي هذه الفقرة من المادة المذكورة وهذا يعني أن جمهورية مصر العربية تلتزم بجميع أحكام الإتفاقية في مواجهة الدبلوماسيين فعلاً، ولكن الموظفين الإداريين لايتمتعون بمثل هذه الحصانات والإمتيازات، لأن هذه الفقرة من الإتفاقية تعد كما لو كانت غير موجودة في مواجهة مصر لأنها تحفظت عليها عند الإنضمام، وهناك أيضا المادة (65) من إتفاقية فينيا للعلاقات القنصلية لعام 1963 التى تنص علي الآتى:
"يعفي القنصليون الفخريون بإستثناء من يمارس منهم في الدولة المضيفة ولفائدة شخصية نشاطاً مهنياً أو تجارياً - من جميع الموجبات التي تنص عليها قوانين و أنظمة الدولة المضيفة في موضوع تسجيل الأجانب وأوذنات الإقامة ".
وعند إنضمام مصر إلي اتفاقية فيينا في 21/6/1965 تحفظت نهائياً علي النص الأخير وبالتالي فإن القناصل الفخريين لايعفون من قيود تسجيل الأجانب والحصول علي بطاقات الإقامة أو تصاريح الإقامة وبالتالى يتعاملون مثل بقية الأفراد الأجانب ويكون عليهم التقدم للسلطات المصرية المختصة وتقييد أنفسهم لدي إدارة الجوازات والحصول علي أذونات الإقامة، فالنص الذي يعفيهم من ذلك في الإتفاقية جري التحفظ بشأنه من قبل الحكومة المصرية.