طارق متولى يكتب: هبة !

طارق متولى يكتب: هبة !طارق متولى يكتب: هبة !

*سلايد رئيسى8-9-2019 | 15:16

هناك صنف من البشر لا يعرف معنى الرضا على الإطلاق، متذمر دائما يشتكى طوال الوقت، لا يرى سوى السلبيات، ولو رأى حديقة جميلة مليئة بالأزهار لاتجهت عينيه يمينا و يسارا تبحث عن خطأ ما فى الحديقة ويدقق النظر ليرى بعض الأتربة على الأزهار، أو بعض الحشائش الدابلة ليشبع رغبته فى الإنتقاد والتذمر، هو فى الحقيقة لا يريد أن يرى شيئا جميلا ولا شخصاً سعيدا.

هؤلاء الأشخاص نقابلهم كل يوم فى حياتنا اليومية ينشروا سمومهم بيننا وينغصون، علينا فرحتنا بأى شىء، لا يأتيهم الشعور بالرضى ولو امتلكوا الدنيا بأسرها، وهم أكثر الناس معاناة للأسف.

وعلى النقيض تماما تجد أشخاص راضون تماماً لديهم سكينة وهدوء، وقد يكونوا بسطاء لا يملكون من حطام الدنيا إلا القليل ومع ذلك تجد دائما الإبتسامة تعلو وجوههم، والرضا وحمد الله يجرى على شفاههم.

.. قابلت رجل كبير فى السن يعمل فى مجال البناء، جلس يحتسى كوب من الشاى فى فترة الاستراحة من العمل وهو فى قمة الاستمتاع راح يحدثنى قائلا: "أنا فقير على باب الله لكنى أسعد إنسان على وجه الأرض" قلت له: "شىء جميل، ولماذا أنت اسعد إنسان على وجه الأرض؟"

.. " أنت لا تعرف يا أستاذ سعادتى عندما انتهى من العمل وأحصل على يوميتى من النقود لإشترى طعام وفاكهة لإولادى ونجتمع على الطعام سويا.. قلة المال يا أستاذ بتقربنا من بعض وبتخلينا محتاجين بعض وبنحب بعض ثم تلى آية من القرآن الكريم : "كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى* أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى." (العلق:6)

تعجبت من حكمة هذا الرجل البسيط وقناعاته. هذا الرجل ليس معه مؤهلات علمية بل ربما لم يذهب إلى مدرسة قط، لكنه يمتلك روح جميلة وإيمان بالله اكثر من كثير من المتعلمين والمثقفين.

هذه الروح الجميلة التى نفقدها فى طريق اللهاث والسعى المحموم وراء المال والمكاسب الدنيوية.

لست أدعو إلى التقشف، ولا إلى الفقر، معاذ الله فهذا الرجل البسيط ويعمل ويكسب، ولكنه يحتفظ بروحه بهدوء نفسه وبإيمانه وهذا هو الأهم وما يجعله دائما فى حالة من الرضى والسعادة.

وحاولت فى أن أجد تفسيرا لتذمر وسخط بعض الناس، ورضى وتفاؤل البعض، الآخر فلم أجد أسبابا قاطعة تؤدى إلى هذا أو إلى ذاك إلا أن تكون هبة ورضى من الله، وإيمان به كبير.

أضف تعليق

إعلان آراك 2