كتبت: أمل إبراهيم
أشاد مدير برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة، ديفيد بيسلي بإنجازات الصين البارزة في الحد من الفقر لإطعام ما يقرب من 20 % من سكان العالم بأقل من 9% من الأراضي المزروعة، مؤكدا سعيه لتعزيز التعاون مع الصين وتعميم تجارب هذا البلد الناجحة في شتى أنحاء العالم.
أشاد ديفيد بيسلي بالإنجازات التي شهدتها الصين في مجال التنمية الزراعية في غضون السنوات الأخيرة، مشيرا إلى تلك الجهود العظيمة والمتواصلة للصين للحد من الفقر.
ووفقا لخط الفقر الذي حدده البنك الدولي، وهو أن يعيش الفرد على دخل 9ر1 دولار أمريكي (الدولار الأمريكي يساوي 75ر6 يوانات) يوميا، انخفض عدد الفقراء في الصين من 878 مليونا في عام 1981 إلى 11ر25 مليونا في نهاية عام 2013. هذا يعني أن 853 مليون صيني نفضوا عن كاهلهم الفقرَ، وهم يمثلون أكثر من 70% من العدد الإجمالي للفقراء في العالم، الذين تخلصوا من الفقر. وقد انخفض معدل الفقر في الصين من 3ر88% في نهاية عام 1981، إلى 9ر1% في نهاية عام 2013.
وتعتبر سرعة انخفاض معدل الفقر في الصين الأعلى فى العالم، مما جعل معدل الفقر في الصين أقل بكثير من المستوى العالمي. وتعد الصين أول دولة نامية تحقق هدف الحد من الفقر، وهو من أهداف الألفية للأمم المتحدة، مما يسهم إسهاما كبيرا في قضية مكافحة الفقر في العالم
في نوفمبر عام 2013، طرح الرئيس شي لأول مرة عند زيارته مقاطعة هونان بجنوب الصين نظرية "مكافحة الفقر بشكل دقيق" والتي أشار فيها إلى وضع مخطط خاص لكل فقير نظرا لاختلاف الحالات المعيشية للأفراد من أجل التخلص من الفقر بشكل تام، وهو ما يكشف بوضوح توجه العمل الخاص بمكافحة الفقر مستقبلا ويرسي أساسا متينا لتحقيق الهدف المتمثل في القضاء على الفقر المطلق وإنجاز بناء مجتمع رغيد العيش على نحو شامل في عام 2020.
ووفقا للإحصاءات المنشورة حديثا، ففي الأعوام الخمسة الماضية، تم انتشال ما يقرب من 68مليونا من السكان الفقراء من الفقر وخفض نسبة حدوث الفقر من 10.2 في المائة إلى 3.1 في المائة. ففي نهاية عام 2012، كان هناك في الصين قرابة 98.99 مليون شخص تحت خط الفقر، ونجحت الصين في نهاية العام الماضي في خفض هذا الرقم إلى ما يصل إلى نحو 20.46مليون، أي تم انتشال أكثر من 13 مليون شخص من الفقر كل سنة.
شهدت إيرادات السكان المقيمين في المناطق الريفية الفقيرة ارتفاعا بالغا، حيث تظهر الأرقام أن معدل الدخل المتاح لهم ازداد بنسبة 10.4 في المائة سنويا منذ بداية عام 2013 ليبلغ 9377 يوانا في عام 2017، وهو ما يعادل قرابة 4 دولارات يوميا ويفوق بكثير خط الفقر الذي يساوي 1.9 دولار يوميا وفقا لمعيار المجتمع الدولي.
وطوال الأعوام الخمسة الماضية، ظلت الصين تبذل جهودا حثيثة في مجال مكافحة الفقر كون هذه المكافحة تمثل حلقة هامة في إنجاز عملية بناء مجتمع رغيد العيش عام 2020، وهذه الجهود شكلت تجربة الصين المثالية الخاصة ونالت إشادة واسعة من المجتمع الدولي.
و مرت الصين بثلاث مراحل في محاربتها للفقر، هي:
- التنمية لمحاربة الفقر.
- محاربة الفقر بدقة.
- محو الفقر بدقة .
خلال مرحلة "التنمية لمحاربة الفقر" ساهم التطور السريع للصناعات الصينية الموجهة إلى التصدير في توفير عدد كبير من فرص الشغل، خاصة لفئة عريضة من عمال الشركات الحكومية، الذين فقدوا عملهم مع بداية فترة تطبيق سياسة الإصلاحات والانفتاح.
وإن مكن النمو الاقتصادي السريع من الحد من مستوى الفقر في المناطق الساحلية الشرقية، إلا أن المقاطعات الداخلية (الوسط والغرب) ظلت تعاني من ارتفاع مهول لنسب البطالة والفقر. كما أدى تزايد الفوارق الاجتماعية إلى انفلات موجات عدم الرضى من المقاطعات الفقيرة، كادت تعصف بالحزب الحاكم خلال مظاهرات ساحة تيان أن من في ربيع 1989.
أدت هذه الأحداث إلى مراجعة الصين لنموذجها في محاربة الفقر، وقناعتها بأن النمو الاقتصادي وحده لا يمكن أن يقتلع جذور الفقر، خاصة في المناطق البعيدة عن التجمعات الصناعية، فكان الحل هو تدخل المؤسسات الحكومية في صياغة برامج لمحاربة الفقر أينما وجد، وسميت هذه المرحلة آنذاك بمحاربة الفقر بدقة.
وبدءا من سنة 1994، تحولت الصين إلى مختبر كبير لتجربة مختلف السياسات والمشاريع العملية لمحاربة الفقر. فمثلا، تقوم الجامعات في المناطق المتطورة بتخصيص جزء من ميزانياتها لمساعدة الجامعات في المناطق الفقيرة، ويتم ذلك بإيفاد أساتذة عالي المستوى، وتوفير منح دراسية، وإهداء كتب علمية، وكذلك مشاركة قواعد البيانات الأكاديمية.
وفي مثال آخر تقوم الدولة بمكافأة الشركات الخاصة، التي تفتح وحدات إنتاجية في المناطق الفقيرة عن طريق منحها امتيازات ضريبية مغرية، وتوفير الوعاء العقاري لها مجانا، ودعم ميزانية البحث والتطوير، وتسهيل حصولها على الصفقات العمومية.
تجربة أخرى لاقت نجاحا كبيرا وكانت بطلتها شركة "علي بابا"، وهي تطوير البنية اللوجستية للمناطق الفقيرة لتصبح رائدة في البيع عبر الإنترنت. وقد مكنت هذه التجربة من توفير عشرات الملايين من فرص الشغل، وبالتالي التخفيف من حدة الفقر.
والأمثلة كثيرة كمحاربة الفقر عن طريق تشجيع السياحة القروية، حيث تتكفل الدولة بمصاريف تحويل المنازل إلى سكن سياحي، والقروض الصغرى بدون فوائد للتعاونيات الفلاحية، وغيرها من التجارب.
مكنت التعبئة الشاملة لمختلف المؤسسات الصينية بقيادة رئيس البلاد من انتشال أكثر من 600 مليون صيني من براثن الفقر في مهمة وصفت بالمستحيلة في التاريخ الحديث.