برستيج كلمة فرنسية معناها هيئة أو شكل أو اعتبار استعارتها اللغة العربية وأصبحت كلمة عربية أيضا، حيث إن اللغات تستعير من بعضها طوال الوقت فكلمة صالون مثلاً المعروفة لدينا أصلها فرنسى استعارتها اللغة الإنجليزية والعربية ولغات أخرى لتصبح ضمن قاموسها اللغوى والعاملين فى حقل الترجمة يعرفون هذا الكلام بالطبع.
وبمعنى أبسط البرستيج هو شكلك قدام الناس.
أكيد كل شخص يريد أن يكون شكله جيدا أمام الناس لهذا يسعى دائما لارتداء ملابس جيدة والحصول على شهادة كبيرة أو عمل جيد ويعلى من نفسه وقيمته وهذا شىء محمود بالطبع.
لكنه أحيانا من أجل الحصول على هذا البرستيج يلجأ الإنسان إلى تزييف الحقيقة والظهور بحقيقة مخالفة للواقع بل يحاول أن يعيش خارج الواقع فتجد مثلاً شخص بسيط دخله محدود يستدين ليشترى أفخر الثياب ليظهر بمظهر أغنى الأغنياء أو تجد شخص يذهب إلى أفخر المطاعم التى ربما ثمن وجبة الطعام بها تعادل مرتبه فى شهر، من أجل أن يصنع شكلا كاذبا لنفسه أمام الناس وقد يعانى بعد ذلك ولا يجد ما ينفقه على ضرورات الحياة.
وأشياء أخرى كثيرة مثل شراء أحدث أجهزة التليفونات والتلفاز بمبالغ كبيرة جدا بالاستدانة أو بالتقسيط فيثقل كاهله بإلتزامات كثيرة هو فى غنى عنها كل هذا من أجل البرستيج.
اذكر فى فترة من الفترات عندما بلغنا سن الشباب وبدأ شعورنا بنظرة الناس والإحساس بالأنا والبرستيج أننا كنا نرفض أن نذهب إلى السوق لنشترى طلبات للبيت ونحمل والدينا عبأ التسوق وشراء الطعام والشراب لنحافظ على منظرنا أمام أصدقائنا ومعارفنا وظل هذا الإحساس معنا حتى بعد التخرج من الجامعة وبلوغ سن العمل فأصبحنا لا نقبل بأى عمل يناسب حداثة سننا ومؤهلاتنا بل نريد عملا فى القمة مباشرة ضد المنطق والمعقول حتى إننى أعرف بعض الأصدقاء قضى حياته كلها بلا عمل بسبب أنه لا يجد العمل المناسب لبرستيجه المزيف.
فى حين أن الشعوب المتقدمة تعتبر العمل هو القيمة الحقيقية والبرستيج الحقيقى فتجد رجل فى أعلى المناصب يقف فى طابور السوبر ماركت يشترى احتياجاته.
وتجد سيدة شديدة الثراء تدهن حوائط وتصلح السباكة والنجارة فى بيتها بنفسها، هؤلاء الأشخاص الناجحون تغلبوا على عقدة البرستيج وبسطوا حياتهم واستمتعوا بها كما هى فأصبح لديهم اعتبار حقيقى وقيمة حقيقية.
هناك فرق دقيق جدا وكبير جدا بين البرستيج وبين التكبر المذموم التكبر ليس فقط على شخص أو مجموعة أشخاص إنما التكبر على جميع الأشياء على الطعام وعلى الشراب وعلى العمل وعلى الواقع كله والعيش فى وهم وعقدة اسمها البرستيج والمظاهر الكاذبة.
لكى تبنى نفسك عليك التخلص من عقدة كلام الناس ونظرة الناس طالما أنك تعمل بشرف وأمانة هذا هو البرستيج الحقيقي والقيمة الحقيقية للفرد والمجتمع.