إدانات دولية واسعة وموقف عربي حاسم ضد عدوان أردوغان على سوريا.. مجزرة «نبع السلام» التركية
إدانات دولية واسعة وموقف عربي حاسم ضد عدوان أردوغان على سوريا.. مجزرة «نبع السلام» التركية
تقرير تكتبه: نادية صبره
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد ظهر أمس الاربعاء 9 أكتوبر بدء العملية العسكرية على شمال شرق سوريا والتي أطلق عليها اسم " نبع السلام."
ونشرت الرئاسة التركية صوراً وفيديو لأردوغان لحظة إعطائه الأوامر ببدء العملية لوزير الدفاع التركي خلوصي آكار.
وقال أردوغان في تغريدة إننا نهدف إلى تفعيل المنطقة الآمنة التي سنؤسسها لضمان عودة اللاجئين لبلادهم والقضاء على الممر الإرهابي على حدود تركيا...
وإن العملية تقوم بها القوات المسلحة التركية والجيش الوطني السوري ضد داعش والوحدات التركية والعمال الكردستاني...
العملية بدأت بقصف المدفعية التركية لنحو 20 موقع عسكري كردي في مدن تل أبيض وراس العين والقامشلي على الحدود السورية أعقبها قصف جوي مكثف وقد دخلت القوات التركية إلى الأراضي السورية من ثلاث محاور وتم استهداف 181 هدف لقوات سوريا الديمقراطية منها مخازن أسلحة وذخيرة.
كما قصفت القوات التركية مدينة عين العرب كوباني واستمرت الاشتباكات غرب الفرات بين فصائل مدعومة من تركيا وبين الأكراد طوال ليل أمس كما استمر القصف التركي بمقاتلات F16 على قرى ومواقع لقوات سوريا الديمقراطية وشهدت الساعات الأولى من الصباح دخول بري لوحدات من الجيش التركي تصاحبها فصائل مسلحة وأعلنت وزارة الدفاع التركية السيطرة على ثلاث قرى حددتها في شمال شرق سوريا وما زالت قوات سوريا الديمقراطية تتصدى لمحاولات توغل بري للجيش التركي على عدة محاور بالشريط الحدودي بين تركيا وسوريا وقتلت خمسة عناصر من الفصائل الموالية لأنقرة رغم استمرار التعزيزات التي تصل تباعاً لعناصر الجيش التركي قرب الحدود السورية.
وكانت الخارجية التركية قد أعلنت أنها أبلغت القنصلية السورية والأمين العام لحلف الناتو وجميع أعضاء الحلف بعملية نبع السلام كما أجرت اتصالات بلافروف وظريف وعدة أطرف أخرى...
العملية أسفرت حتى الآن عن 7 قتلى و 16 جريحاً من قوات سوريا الديمقراطية التي اضطرت لوقف عملياتها ضد داعش لصد الهجوم التركي كما دعت دول التحالف الدولي لتحمل مسئولياتها لمنع كارثة إنسانية وشيكة، كما أعلنت مقتل خمسة جنود أتراك والاحتفاظ بجثثهم وتدمير أربع دبابات تركية على تل أبيض وإسقاط طائرة مسيرة تركية.
العدوان التركي على شمال شرق سوريا يحضر له أردوغان منذ عامين تقريباً فقد سعى لإقناع الأمريكيين بوجهة نظره الأولى والأساسية بأن الأكراد تنظيم إرهابي وضرورة إقامة منطقة آمنة داخل سوريا لإعادة اللاجئين والفصل بين أكراد سوريا وأكراد تركيا بالرغم من استبسال قوات سوريا الديمقراطية في الحرب على داعش بعد تقاعس تركيا وقد بدا واضحاً منذ بداية العملية أن هناك ملامح لارتكاب مجازر بتهجير مئات الناس من منازلهم وأن القصف الجوي سيمتد لأيام تمهيداً للاجتياح البري.
وأعلن المرصد السوري نزوح ستة آلاف من المدنيين جراء الهجوم التركي من مدن رأس العين وتل أبيض باتجاه الحسكة والقامشلي حيث تم ايواءهم في المدارس والجمعيات المحلية وبعض الدوائر الحكومية.
كما أعرب الصليب الأحمر عن قلقه إزاء أوضاع المدنيين في شمال شرق سوريا.
الموقف الأمريكي:-
منذ أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن سحب القوات الأمريكية من سوريا عقب اتصال هاتفي بينه وبين الرئيس التركي أردوغان ذهب الكثير من المحللين إلى تأكيد حدوث مباركة أمريكية نتيجة صفقة ما بين الرئيسين بعد أن تحولت الساحة السورية إلى ساحة تصفية حسابات دولية وأن الولايات المتحدة تسعى لإرضاء تركيا وإعادتها إلى الحضن الأمريكي وأن تتحول تركيا من التعاون مع إيران إلى التعاون ضد إيران...
إلا أن ترامب الرئيس المتذبذب والذي يتناقض مع نفسه وجعل أمريكا بلا استراتيجية تحول تحولاً كبيراً خلال يوم واحد تجاه الغزو التركي بعد أن كان يلتزم الصمت في الساعات الأولى من العملية بعد أن قوبل بمعارضة شديدة وهجوم حاد من أعضاء الكونجرس ومجلس النواب الجمهوريين والديمقراطيين ولذلك خرج وتحدث مع الصحفيين لمدة ساعة تقريباً وقال إن غزو سوريا فكرة سيئة وأننا أخبرنا تركيا بذلك وهدد بمحو اقتصاد تركيا إذا قضت على الأكراد كما أعلن أنه سيوافق على أي عقوبة سيفرضها الكونجرس على تركيا.
وكان أعضاء بارزين ومشرعين في الكونجرس الأمريكي هددوا بتشريعات من قعر الجحيم لتركيا وعلى رأسهم السيناتور الجمهوري (ليندسي جراهام) المقرب جداً من ترامب والسيناتور الديمقراطي (كريس فان هولن) اللذين أعلنا الانتهاء من إعداد مشروع قانون سيقدم للكونجرس يهدف إلى تجميد الأصول المالية للقيادة التركية بما في ذلك الرئيس التركي ونائبه وأعضاء حكومته وحظر دخول القادة الأتراك إلى الولايات المتحدة.
ويشمل كذلك قطاع الطاقة والجيش التركي وأي شخص يبيع أو يدعم أسلحة أو مواد عسكرية تركيا.
الموقف الروسي والايراني:-
لم تصدر بيانات رسمية من موسكو ضد هذه العملية العسكرية لكن هناك تصريح لوزير الخارجية (سيرجي لافروف) بضرورة أن تراعي تركيا وحدة وسلامة الأراضي السورية وعدم اللجوء لمثل هذه العمليات والالتزام بالحوار السلمي وأن القوات الروسية لن تتدخل فهي موجودة للحفاظ على الأمن.
كما أجرى أردوغان مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل العملية بساعات ويؤكد المحللون أنه تم خلالها إطلاع موسكو على حجم ومساحة الحملة التركية وبالتأكيد أن أردوغان ناقش العملية أكثر من مرة مع بوتين الذي قالها صراحة في القمة الثلاثية الأخيرة في أنقرة: لدى تركيا مخاوف من شرق الفرات نتفهمها.
وتسعى روسيا لعقد مباحثات بين تركيا والحكومة السورية كما تسعى أيضاً لاستغلال الأزمة لعودة الأكراد إلى النظام السوري ودفعهم للحوار معه بشكل مباشر بما في ذلك قضايا الأمن على الحدود وقد طلب الأكراد من روسيا أن تكون ضامن في هذا الحوار.
بالنسبة لإيران أيضاً لم يخرج بيان رسمي يدين الهجوم التركي وكان هناك تصريح مقتضب لمستشار رئيس البرلمان الإيراني بأن العملية التركية شمال سوريا تزيد الأمور تعقيداً كما ألغى رئيس البرلمان الإيراني زيارة كانت مقررة لتركيا بعد العدوان التركي على سوريا.
الموقف الأوروبي والدولي:
الموقف الأوروبي شهد إدانات قوية من كل من فرنسا التي أدانت الهجوم كما إستدعت السفير التركي في باريس للتنديد بالعدوان وقالت وزيرة الجيوش الفرنسية إن الهجوم التركي على سوريا خطير ويجب أن يتوقف كذلك دعت فرنسا إلى جلسة طارئة مغلقة لمجلس الأمن الدولي ستعقد اليوم الخميس كما دعت إليها بريطانيا التي عبرت عن قلقها من هذا التوغل الأحادي الجانب وطالبت بوقفه وكذلك بلجيكا وبولندا وهولندا التي استدعت السفير التركي لديها وأدانت الهجوم وألمانيا على لسان وزير خارجيتها أدانت بشدة العملية العسكرية شمال شرق سوريا وقالت أنها ستعزز وجود داعش وكذلك أدانت الصين وفنلندا.
رئيس مجلس الأمن دعا جميع الأطراف في سوريا للوفاء بالتزاماتها وتنفيذ القرار 2254 وضبط النفس وحماية المدنيين في شمال شرق سوريا.
رئيس المفوضية الأوروبية دعا تركيا إلى التعامل مع مخاوفها الأمنية بعيد عن التصعيد العسكري وقال إذا كان أردوغان يخطط لمنطقة آمنة فالاتحاد الأوروبي لن يدفع أموالاً...
الموقف المصري والعربي:-
مصر أدانت بأشد العبارات العدوان التركي شمال شرق سوريا وقالت الخارجية المصرية أن الخطوة التركية تمثل إعتداء صارخ وغير مقبول على سيادة دولة عربية هي سوريا الشقيقة ودعت للحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها.
كما دعت لعقد جلسة طارئة للجامعة العربية لبحث العدوان التركي وقد أعلن السفير حسام زكي الأمين العام المساعد للجامعة عن عقد اجتماع يوم الثاني عشر من أكتوبر على مستوى وزراء الخارجية بطلب مصري أيدته دولاً عربية.
كما أدانت الخارجية السعودية العدوان الذي يشنه الجيش التركي على مناطق شمال شرق سوريا واعتبرت أنه تهديد للأمن والسلم الاقليمين.
كذلك دولة الإمارات العربية أدانت الهجوم التركي واعتبرته تطور خطير على سيادة دولة عربية شقيقة.
وطالبت مملكة البحرين والأردن والجزائر ولبنان بوقف الهجوم التركي على سوريا.
وكذلك ندد العراق على لسان الرئيس برهم صالح بالتوغل التركي فقط قطر كعادتها كانت تغرد خارج السرب العربي.
فقد نشرت الوكالة القطرية (قنا) أن تميم بن حمد أمير قطر اتصل بالرئيس التركي أردوغان لبحث استعراض العلاقات الاستراتيجية بين البلدين الشقيقتين كما أعلنت وكالة الأناضول التركية أن قطر أبلغت تركيا على لسان وزير الدفاع القطري بأنها تؤيد العملية العسكرية التركية في سوريا وتدعم حق تركيا في حفظ أمنها القومي.
كما أدان الأمين العام للجامعة العربية العدوان التركي وطالب بالتوقف عن العمل العسكري والانسحاب التركي من الأراضي السورية والعراقية.
ويرجح بعض المصادر أن يكون هناك مطالبة في اجتماع وزراء الخارجية العرب بضرورة عودة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية ووقف تجميد عضويتها.
وأخيراً أؤكد أن تركيا تعتدي على سوريا وتقتل السوريين بحجة مكافحة الإرهاب وكل ما يهم أردوغان هو إرضاء طموحاته بإعادة تركيب الإرهابيين لاستخدامهم في المنطقة ضد دول الخليج ومصر وكل من يعارض السياسة التركية العفنة ويدرك مدى خطورتها...
يريد أردوغان خلق واقع ديموجرافي جديد موالي لتركيا أو بمعنى أدق يريد قبرص جديدة في سوريا
ولم يعد باقياً معه سوى الجماعات الإرهابية التي يرعاها والمرتزقة الذين يطلق عليهم مسمى الجيش السوري الحر لذلك يجب أن يكون هناك التزام دولي سياسي وأخلاقي ورأي عام عربي فعال ضاغط مثلما فعلت مصر بدعوة إنعقاد مجلس الجامعة العربية فبالتأكيد هذه الحالة ستؤدي إلى رأي عام ضاغط لوقف العدوان التركي أولاً ثم البحث عن مخرج للعملية التي بدأتها تركيا.
أما قوات سوريا الديمقراطية فرغم أنه لا يتوفر لها ما يمتلكه الجيش التركي فهو جيش نظامي عمره 100 عام وعضو في حلف الأطلسي ولديه ميزة الطيران الغير متوفرة لدى الأكراد ولكن الحرب طويلة وقد اكتسبت قوات قسد أسلحة إلى حد ما مقبولة من التحالف الدولي ولديها أيضاً قضية تؤمن بها وعقيدة تحارب من أجلها وهو ما لا يتوافر عند الجيش التركي ومرتزقته وهذا مهم جداً فهي في مهمة وجود لأن أردوغان أعلنها صراحة إما استسلام الأكراد وإما دفنهم.